اللجنة المركزية لحركة فتح شكلت لجنة خماسية من بين أعضائها لإدارة حوار جدي مع حركة حماس، الحوار يشمل مصير حكومة الوفاق الوطني وكل ما أثير من قضايا في الأيام السابقة، ويتطرق أيضاً للجانب السياسي والمفاوضات غير المباشرة مع حكومة الاحتلال في القاهرة، تشكيل هذه اللجنة تأخر كثيراً وكان من المفترض أن ترى النور فور بدء الحوار مع حركة حماس لإنهاء الانقسام، ولكن كما يقال أن تأتي متأخراً خير من ألا تاتي ابداً، ونأمل ألا يكون مصير قرار اللجنة المركزية بتشكيل اللجنة الخماسية من مصير قرار المجلس الثوري بتشكيل لجنة لإدارة الحوار مع حركة حماس والذي بقي حبراً على ورق إلى يومنا هذا.
أهمية تشكيل اللجنة تكمن في الحاجة الملحة لفتح حوار شامل ومعمق مع حركة حماس كي نحصن المصالحة ونمنع انزلاقها إلى الخلف، والحقيقة التي يجب علينا ألا نغفلها أن الحوارات السابقة والتي أفضت إلى اتفاقات متعددة بدءاً من اتفاق مكة مروراً بالقاهرة والدوحة وانتهاء باتفاق الشاطئ لم تضع رؤية واضحة لمعالجة الانقسام وتداعياته المختلفة، وهي أقرب ما تكون لحوار الهدف منه التوصل إلى اتفاق لفك الاشتباك.
اللجنة الخماسية تضع مصير حكومة التوافق الوطني ضمن أولويات حوارها مع حركة حماس، خاصة وأننا بحاجة اليوم لحكومة تستطيع تحمل الأعباء الكبيرة وبالتحديد ما يتعلق منها بإعادة الإعمار من جهة وتوحيد مؤسسات السلطة الوطنية وإنهاء افرازات الانقسام من جهة أخرى.
وكي لا نحمل حكومة التوافق فوق طاقتها، علينا أن ندرك حقيقة أن الوزير في الحكومة لا يملك السلطة على جناحي الوطن في وزارته، ومن المثير للعجب أن نلقي على كاهل حكومة التوافق مسؤولية توحيد مؤسسات السلطة الوطنية، ونحن نعي مسبقاً أن اي توحيد لمؤسسات السلطة الوطنية يتطلب توافقاً بين حركتي فتح وحماس بالمقام الأول ليس فقط على الخطوط الرئيسية بل على تفاصيل التفاصيل.
من الضروري ألا يهدف الحوار لمنح بعض الأكسجين لحكومة التوافق الوطني، بل عليه أن يذهب في عمق القضايا التي تشكل معالم الانقسام، توحيد مؤسسات السلطة الوطنية, عودة الموظفين إلى عملهم, رواتب موظفي غزة, توحيد القوانين, المعتقلين السياسيين, حرية الرأي والتعبير والحركة, عودة مؤسسات المجتمع المدني للعمل, المصالحة المجتمعية، هذا بالاضافة إلى الملف السياسي وحاجتنا لإيجاد صيغة توافقية نتحرك من خلالها في المرحلة المقبلة، وكذلك حاجتنا لوضع آلية واضحة لإعادة إعمار غزة، وهل نحن بحاجة للإبقاء على حكومة التوافق الوطني أم أننا بتنا اليوم بحاجة لحكومة وحدة وطنية؟.
نحن بحاجة لحوار جاد ومعمق يذهب إلى كل ذلك، والأهم ألا يأخذ الحوار طابع العصف الفكري وجلسات استماع ليس إلا، الحوار بحاجة لأن نثبت بنوده في محاضر جلسات نرصد فيها تفصيلاً ما اتفقنا عليه وما اختلفنا حوله، تكون كفيلة إن لزم الأمر بتوضيح الحقيقة للمواطن، الحقيقة التي عادة ما تختفي في دهاليز الاتهامات المتبادلة.