من غزة.. للحوار الأخير!!

بقلم: وفيق زنداح

تضاربت التصريحات كالعادة حول موعد ومكان عقد جلسات الحوار بين حركتي فتح وحماس وما تحدثت عنه الأنباء في نهاية المطاف على أنه سيكون وبشكل مبدئي غدا الثلاثاء بالقاهرة .

وحتى أكون مباشرا وصريحا ومن الاخر كما يقال مع الاحتفاظ بشعرة معاوية حتى لا تفلت الأمور بأكثر مما هي عليه وحتى نحاول أن نضبط الأعصاب وأن نوازن العقل رغم مرارة وحسرة ما يخرج من حديث الشارع والذي يجب أن تسمعوه وبشكل واضح لا لبس فيه ولا غبار عليه فان الشارع لن يفرح عندما تتصالحون... لأنه فرح كثيرا ولمرات عديدة ولم يلمس الا الانتكاسات والاحباطات .. لن يفرح بعد ما يزيد عن 7 سنوات ضاعوا من عمر قضيتنا دون أدنى فائدة تذكر .. لن نفرح بعد أن أصبحت قضيتنا في سوق المزايدات والتجاذبات والمصالح والأجندات لبعض دول الاقليم .. لن نفرح لمن يعتقد أنه قد ضحك علينا وحتما لن نفرح عندما نرى فصائلنا تختلف وتختلق الأزمات على النقطة والهمزة والحرف والبلاد تضيع والشعب يموت قتلا وجوعا ودمارا طال كافة مناحي حياته من عدوان اثم وجبان قتل الالاف وجرح الالاف وهدم منازل بالألاف ودمر بنيتنا التحتية ومؤسساتنا الحكومية وغير الحكومية .. لن نفرح ما دامت المعضلة في حصص كل منكم وفي نفوذ كل منكم والشعب جائع ويفقر مع كل لحظة من لحظات الألم وشعبكم وصل به الحد للبحث عن كابونة أو مساعدة من هنا أو هناك .. لن نفرح عندما تخرجون بمؤتمر صحفي وأياديكم متشابكة وأنتم تعلنون عن وصولكم الى حلول لكافة القضايا المطروحة على جدول أعمال الحوار واليات تنفيذها بعد عدة مؤتمرات صحفية ولقاءات تلفزيونية وبيانات نارية وصخب اعلامي وكأن القدس قد عادت واللاجئين وقد عادوا وفلسطين وقد تحررت والاستيطان قد انتهى والدولة وقد قامت لقد ماتت القضايا بحثا وتم قتلنا معها وأنتم تتحاورون وكأنكم تقولون (الي بداروا على مهلوا) .. لقد سألنا الاباء والأجداد والأمهات هل تم بيعنا في سوق العبيد؟! أجابوا بطيبتهم وحنانهم المعهود !لا والله لن ولم نبيعكم فلقد ولدتم أحرارا وستموتون أحرارا !

استهتار وعدم مسؤولية وتقاعس واضح وبلادة كاشفة لعدم الاحساس بشعبكم الذي يذبح من الوريد للوريد ويقتل ويشرد .. شعب عظيم تفوق عليكم بمقاومته وصبره ورباطه ولم يترك المكان لمستعمر غاصب حتى ولو كان الثمن دماء أسر بأكملها ومقاومين أشداء كانوا على قدر المسؤولية والواجب لا ينظرون ولكنهم يفعلون .. لا يدعون ولكنهم المتواجدين في أرض الميدان .

حقا وكما يقال (الي ايدوا بالنار مش زي الي ايدوا بالمية ) هناك من يعيش والمال يملئ جيوبه والفنادق تحتضنه والسفر والتحرك كما يشاء .. غياب للمسؤولية وصحوة الضمير عن شعب عظيم لا زال يعاني ويلات العدوان والانقسام .

تقاتلتم وتصارعتم وتقاذفتم الاتهامات والشعب ينظر وينتظر ولم تشفوا مريضا ولا عليلا ولم تسقوا ظمانا ولم تطعموا جائعا.. يتم التلاعب بنا بتصريحات من هنا وهناك ولا زالت عظامنا تهرس .. وأجسادنا تقطع .. ومياهنا عادمة .. وكهربائنا متقطعة .. ومستشفياتنا بلا امكانيات .. وتعليمنا دون المستوى .. وبنيتنا التحتية مدمرة .. والخدمات متدنية .. وحد الفقر يزداد .. والبطالة متفشية .. مصائب وقضايا مستعصية زادت من همومنا ومتاعبنا على مدار ما يزيد عن سبع سنوات من انقسام غير مبرر ومرفوض استفاد منه عدونا وأوقع الضرر بنا .

شعبنا الفلسطيني الذي تفوق على قياداته بعطاءه وتضحياته.. وصبره ورباطه .. يستحق قيادات مسؤولة تصارحه بالحقائق ولا تضحك عليه بتصريحات لا علاقة لها بواقع الحال وما في داخل القلوب والنوايا .. هذا الجزء اليسير مما يتحدث عنه الشارع الفلسطيني .

وعودة للحوار المنتظر وحتى تكون القضايا واضحة وشفافة واليات التنفيذ صادقة ونافذة على الجميع أود طرح جملة من النقاط التي أرى أهميتها وضرورة العمل بها ...

أولا / سلطة واحدة وسلاح واحد وحكومة واحدة تبسط ولايتها ومسؤولياتها على جميع الأراضي داخل مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وحتى حدود الدولة الفلسطينية اذا ما أصبحت واقعا سياسيا وقانونيا في المرحلة المقبلة .

ثانيا/ سلاح المقاومة لا ينتزع بل يبقى مشرعا طالما استمر الاحتلال ولم نحقق حريتنا واستقلالنا الوطني ودولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية واستمرار حق الدفاع عن الأرض والشعب والسلطة والدولة دون التظاهر والظهور غير المبرر بالمناسبات والاستعراضات .

ثالثا/ لا مظاهرات ولا حشود ولا اعتراضات واعاقات لعمل الحكومة والسلطة حتى لا تصبح هذه الوسائل الاحتجاجية اعاقة لعمل الحكومة مع الحق العام بعد استقرار الأوضاع وحل المشاكل والمعضلات القائمة بتنظيم المظاهرات القانونية وفق اذن مسبق من وزارة الداخلية .

رابعا/ اعتماد قانون المحاسبة وفق نظام القضاء والقانون الفلسطيني العادل لمحاسبة كل من يخرج عن الاطار الوحدوي ومن ينتهك السيادة والقوانين المعمول بها في أراضي السلطة الوطنية أو الدولة الفلسطينية .

خامسا/ اعلام وطني ديمقراطي يساعد في طرح القضايا ويساهم من أجل ايجاد الحلول المناسبة لها دون اثارة وبعيدا عن التصيد والكسب غير المشروع على حساب قضايا عواطف الناس ومصالحهم ووفق قانون منظم للإعلام.

سادسا/ الاتفاق والتوافق على أن تكون القضايا الوطنية هي المحرك الأساس لمنظومة العمل الوطني من خلال الحكومة الشرعية والسلطة الوطنية والدولة دون أدنى تدخل بالشؤون الداخلية للآخرين بل تعزيز علاقات الأخوة مع الأشقاء والأصدقاء على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة .

سابعا/ اسقاط كافة الأجندات والارتباطات الخارجية وفق منظومة وطنية خالصة واعتبار العلاقات الخارجية من صلاحية ومسؤولية وزارة الخارجية وليس مسموحا للفصائل أن تقيم علاقات مع دول ولكن بالإمكان أن تكون هناك علاقة صداقة مع الأحزاب حتى لا نوفر أي مبرر أو ذريعة لأي دولة بالتدخل بشؤوننا الداخلية.

ثامنا/ سيادة القانون واحترام قواعده وأحكامه وعدم السماح باختراقه أو العبث به أو تجاوزه مهما كان الفصيل أو الشخص أو الجماعة بل قانون يطبق على الجميع دون استثناء .

تاسعا/ السلطة الوطنية والدولة ومنظمة التحرير مؤسسات جامعة للكل الفلسطيني ومن يريد الانخراط بهما عليه الالتزام بكافة التعهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية .

عاشرا/ قرار الحرب والسلام قرار وطني جامع يتم التوافق عليه وطنيا ومؤسساتيا ولا يجوز التفرد والاستفراد بهذا القرار .

الحادي عشر/ حق المقاومة كأحد الخيارات والوسائل المشروعة حق وطني للدفاع عن الأرض والشعب والسلطة والدولة انسجاما وتوافقا مع القوانين والمواثيق الدولية والتي تعطي الشعوب حق الدفاع عن نفسها من أجل حريتها وسلامة أراضيها .

الثاني عشر / مؤسسات السلطة والدولة يشارك بها الجميع أو لمن يرغب بالمشاركة من خلال انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة وعلى قاعدة القوانين والاتفاقيات ومن يشارك يلتزم ومن لم يرغب بالمشاركة عليه واجب الالتزام مع حق المعارضة المشروعة على اعتبار ان المعارضة هي جزء اساسي من النظام السياسي .

الثالث عشر/ اعادة صياغة قانون الاحزاب السياسية في اطار الحدود والمسؤوليات والواجبات والضوابط السياسية والأمنية والاعلامية .

الرابع عشر / ايجاد الحلول السريعة لكافة تراكمات الانقسام من ملف الوظيفة الحكومية الى ملف المصالحة المجتمعية من خلال لجان حقيقية وفاعلة لوضع الحلول المناسبة بما يحقق مصالح الناس وأرزاقهم .

الخامس عشر / اعتماد ثقافة وطنية وحدوية ديمقراطية قائمة على الالتزام وعدم السماح للتغطية التنظيمية لأي مخالف للقواعد القانونية وأمن واستقرار أراضي السلطة أو الدولة الفلسطينية .

السادس عشر / تنظيم قانون للإعلام الحزبي لا يقيده بحريته ومساحة الديمقراطية التي يعمل بها ولكن وفق قواعد اخلاقية ومهنية لا تسيئ للعلاقات الداخلية الوطنية والإقليمية ولشخوص القادة والأفراد وبما لا يسيئ للسمعة ورفض التشهير والتجريح واعتبار السب والقذف مخالفة قانونية يتم اصدار الحكم بشأنها من قبل المحاكم الفلسطينية .

السابع عشر / مؤسسات السلطة أو الدولة وأنظمتها الداخلية التي تحكم عملها ومحاسبة كل متجاوز أو مخالف أيا كان موقعه أو مكانته كما أهمية أن تكون للأحزاب والفصائل والحركات السياسية أنظمة ولوائح داخلية لا تختلف مع القانون العام من حيث المحاسبة والعقوبة على أن يكون الجميع من المخالفين والمتجاوزين تتم محاكمتهم عبر القضاء والمحاكم الرسمية مع الوضع بالاعتبار الأنظمة واللوائح الحزبية وعقوباتها الداخلية الخاصة بها.

الثامن عشر / صياغة خطة وطنية يشارك فيها الجميع لوضع الملامح الأساسية والتفصيلية لآليات تنفيذ المصالحة الوطنية كدفعة واحدة لحل جميع القضايا بمشاركة وشهادة كافة الفصائل الوطنية والاسلامية وليس استمرار ثنائية الحوار والتطبيق على واقع الأرض لأن هناك شركاء في هذا الوطن لهم ما عليهم ولهم ما لهم ومن حقهم صياغة واقعهم ومستقبلهم.

التاسع عشر / قضايا المواطن الفلسطيني من بطالة متفشية وفقر يزداد وضياع للمساكن ودمار لمصادر الرزق يجب أن تكون المحرك لوضع قضية الاعمار والتعويضات على جدول أعمال الحكومة والسلطة ودون أدنى تدخل تنفيذي من أي فصيل .

العشرون/ معالجة بعض الظواهر السيئة داخل المجتمع الفلسطيني مثال الرشوة والسرقة ومؤسسات المال والمافيات والادمان على أن يعمل الجميع على اغلاق الأنفاق بصورة تامة واعطاء المجال للحكومة بتنظيم تجارة بينية ومنطقة سوق حرة بين فلسطين ومصر الشقيقة وفق أنظمة وقوانين واضحة لدفع عجلة الاستثمار والتجارة وزيادة معدلات النمو والدخل لأن الملف الاقتصادي ذات أهمية وحيوية كبيرة لتعزيز الاستقرار المجتمعي داخل الشارع الفلسطيني .

هذه النقاط السابق ذكرها جزء مما يجب طرحه وايجاد اليات تنفيذه حتى لا نستمر ندور حول أنفسنا دون استجابة لمتطلبات الواقع... ودون عمل ملموس يمكن أن يتلمسه المواطن ...حتى يمكن له أن يفرح ...عندما يرى ويشاهد ويلمس... ولكنه لم ولن يفرح ...بتصريحات أو بيانات أو مؤتمرات وفي النفوس ما يخالف الأقوال والأفعال .