بعد توقف العدوان الفاشي على غزة، أعلن الرئيس الفلسطيني أن لديه عدة "مفاجآت" سيطلع شعبه كما والعالم عليها، يحدد من خلالها الموقف الفلسطيني.
وكان من بين تلك "المفاجآت" خطته ثلاثية المراحل، تبدأ بضرورة تحديد حدود دولة الاحتلال، وتم إرسال السيدين عريقات و فرج من اجل طرحها على الإدارة الأمريكية، وكان الرد الأمريكي على ذلك، الرفض، حيث سارعت الإدارة بعدم القبول بها على اعتبار انها خطوة أحادية الجانب.
البند الثاني من الخطة، هو الذهاب إلى الأمم المتحدة من اجل وضع حد زمني لإنهاء الاحتلال، لا يتجاوز بحسب كل التصريحات الفلسطينية الأعوام الثلاثة.
هذان البندان وبحسب توقعات أحد أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، سوف يلقيان معارضة أمريكية شديدة، وهذا ما كان بالنسبة للأول، وعليه يتوقع عضو اللجنة التنفيذية، الانتقال إلى البند الثالث من الخطة، والمتمثل في الخيار المفتوح كما أسماه، وهو اللجوء إلى المنظمات الدولية والتي منها وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية.
وحيث ان التجربة الفلسطينية تنوء بالخبرة الطويلة بالمواقف الأمريكية المعادية لفلسطين وتتحيز بامتياز لدولة الاحتلال، فان ما يتوقعه عضو اللجنة التنفيذية ونحن معه، هو حدوث "مواجهة، أو معركة" كبرى، في حال التوجه إلى المنظمات الدولية وتحديدا المحكمة الدولية، ولن تكون هذه "المعركة" اقل شراسة عن تلك التي جرت للحصول على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة كمراقب.
المطلب الفلسطيني المتمثل بالخطوات الثلاث، هو بدون شك مطلب عادل، إلا انه وحتى يتمتع بمزيد من القوة، فانه يتطلب موقفا فلسطينيا موحدا، وهذا ما لا نراه متوفرا بشكل "ملموس" في ظل كل التراشق والتشويه الإعلامي، بين حركتي حماس وفتح، هذا الموقف إذا ما استمر فلسوف يكون بمثابة تعزيز للانقسام، والقضاء على الأمل الذي تبلور بعد التوقيع في مخيم الشاطئ والذي انبثق عنه حكومة الوفاق.
الموقف الأمريكي المعادي تاريخيا لطموحات شعبنا، والذي سيؤدي إلى غضب ربما عارم ضد أمريكا، قد يتحول إلى حالة من المواجهة بين قوات الاحتلال وأبناء الشعب الفلسطيني، ومن هنا فانه لا بد من توحيد الموقف وتصليبه، من اجل ان يكون سندا للمطالب الفلسطينية المشروعة.
المواجهة الدبلوماسية عمليا انطلقت بين فلسطين وأمريكا، فكل منهما يحاول "التجييش والتحشيد"، لتحقيق أهدافه، فلسطين تريد الحرية، وأمريكا ترغب ببقاء فلسطين محتلة تماهيا مع المطلب الصهيوني، وهو ما أشار إليه قبل أيام البروفيسور ألان بابيه، الذي أكد أنه لم يكن لدى الاحتلال نية للتخلي عن الضفة الغربية، وإن غزة هي دولة فلسطين، وان حل الدولتين لم يكن موجودا في الذهنية الصهيونية، حتى وان كان فهو لم يعد ممكنا، بفعل الممارسات الصهيونية على الأرض.
المطلب الفلسطيني بالانتقال من حال الاحتلال إلى الانعتاق، هو مطلب مشروع ومكفول من كل الشرائع والقوانين الدولية، إلا ان انحياز أمريكا للكيان، حال دون تحقيق ذلك على مدى عقود، وبسبب الغطاء الأمريكي للكيان في المحافل الدولية.
التحول إلى دولة بحسب الخطة الفلسطينية، يعني في ما يعنيه الإلغاء التدريجي لدور السلطة الفلسطينية التي باتت تشكل عبئا في واقع الأمر أمام الطموحات الفلسطينية، وأصبحت تقف عقبة أمام التقدم بالحالة الفلسطينية للأمام، لا بل وأصبحت مشروعا يخدم الاحتلال أكثر مما يخدم فلسطين.
الجانب الفلسطيني إذا ما اثبت جديته بالوقوف أمام الرفض الأمريكي، سيكون عرضة لضغوط كبيرة من بينها عربية عدا عن الصهيونية والدولية، ومن هنا يصبح بأمس الحاجة لموقف فلسطيني موحد، بعيدا عن المناكفات والشرذمة.
كما ان من غير المستبعد ان تكون المواجهة على أشدها مع الاحتلال الذي لن يتورع عن استخدام كل ما يلزم للضغط على الفلسطينيين، بما في ذلك، الحصار والإغلاق، وزيادة الاستيطان وتهويد القدس، ومصادرة الأموال ومنعها، وإقامة الحواجز، والاقتحامات وكل ما يمكن ان يؤدي إلى تحويل حياة الفلسطيني إلى جهنم.
إلى ذلك فان التهديد الأمريكي الذي أطلقه أوباما سيترجم على الأرض بأبشع أشكاله، من خلال ممارسة كل أنواع الضغط، والتي منها الدبلوماسية والمالية، وعلى هذا الأساس فلا بد من موقف فلسطيني موحد، مثل ما كان عليه الأمر خلال العدوان الإجرامي على قطاع غزة، يرتقي خلاله الكل الفلسطيني إلى مستوى المواجهة.