ابو مازن أعلن بدء المعركة الدبلوماسية

بقلم: هاني العقاد

خطاب الرئيس ابو مازن بالجمعية العامة للأمم المتحدة كان العنوان الابرز في اخبار السياسة الدولية وخاصة بعد توقيع وثيقة التفاهمات الفلسطينية والاتفاق على ممارسة حكومة الوفاق الوطني تولى الحكم في غزة وممارسة مهامها دون اعاقات او تدخلات والاهم انها جاءت بجديد هذه المرة فقد جاءت تقول للعالم أن الكل الفلسطيني مع نضال ابو مازن الدبلوماسي وخطته السياسية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على اساس قرارات الشرعية الدولية , كان الخطاب قويا , شاملا عبر عن كامل الطموح الفلسطيني وما يدور بعقل كل انسان فلسطيني وكل مناضل فلسطيني ,كان بمثابة إعلان بدء المعركة الدبلوماسية والنضال السياسي لتحقيق الدولة والاستقلال , كانت مفردات الخطاب واضحة لا لبس فيها يفهمها الامريكان ويفهمها الإسرائيليين ومن يدور في فلكهم ,ويستطيع الساسة الامريكان والإسرائيليين والكتل الدولية والمهتمين بالشأن الفلسطيني والصراع أن يقرؤوا ويستوعبوا أهم المفاهيم التي عرضها الخطاب ويقروا بالحقائق التي بينها وأعاد العالم لواقعها والقواعد السياسية التي يجب على العالم أن يعمل من خلالها ليشارك ايجابيا في حل الصراع وإنهاء أخر احتلال بالعالم الحديث .

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في انتظار مفاجأة الرئيس ابو مازن وخطابة لكنها لم تعتقد أن ما جاء بالخطاب سيكون قويا الى درجة أنه شكل قرارا فلسطينيا عربيا مستقلا بامتياز في بدء مرحلة جديدة من النضال الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني وبين معالم ومرتكزات وخطوات هذا النضال, فعندما قال الرئيس انه "لا عودة لمفاوضات يفرض فيها المحتل نتائجها من خلال الاستيطان , ولا معنى ولا فائدة من مفاوضات لا تهدف لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي ,ولا قيمة لمفاوضات لا ترتبط بجدول زمنى ينهي الاحتلال." كان قرار فلسطيني مستقلا لا رجعة فيه وفي نفس الوقت اغلق الطريق أمام سعي كيري لإعادة المفاوضات من جديد لنسف مشروع مجلس الامن فقط واعادة الفلسطينيين الى دائرة التيه التفاوضي, كما أن هذا القرار وضع الاساس لأي تفاوض مستقبلي , أي لا تفاوض الا بعد تحديد جدول زمنى لإنهاء الاحتلال والاقرار بحدود الدولة والاقرار بالقرارات الشرعية التي على اساسها يمكن حل كافة قضايا الصراع وأهمها قضية إعادة اللاجئين الفلسطينيين, لقد أعلن ابو مازن أن جرائم الاحتلال لن تمر مر الكرام والارهاب الاسرائيلي يجب أن يتوقف ويتم محاسبته "فلا يمكن للشعب الفلسطيني أن ينسي و يغفر ويسامح , والشعب الفلسطيني متمسك بالدفاع عن نفسه ومقاومة الاحتلال ويتمنى الا يساعد أحد الاحتلال هذه المرة بالإفلات من جرائمه" وهذه رسالة واضحة للولايات المتحدة وحلفاء اسرائيل الذين يغطوا على جرائم الاحتلال وهذا يعنى أن الفلسطينيين سينضمون الى ميثاق روما وبحشد دبلوماسي عربي كبير سيلاحقون قادة الارهاب الاسرائيلي ومن يمولهم بالسلاح أمام محكمة الجنايات الدولية .

كانت هناك محطات كبيرة ومتعددة بالخطاب وأهمها خطة القيادة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال و التقدم بمشروع قرار لمجلس الامن لتحديد جدول زمنى لإنهاء الاحتلال والاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية , ووقف كافة الجرائم الاسرائيلية التي تترتب على استمرار هذا الاحتلال , لكنه أيضاً كشف عورة اسرائيل وحكومتها المتطرفة أمام كل زعماء العالم لأنها ما تزال ترفض انهاء الاحتلال لأرض فلسطين التي احتلتها عام 1967 و ترفض قيام دولة فلسطينية و ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين , ولم ينسي ابو مازن معاناة غزة قبل الحرب وبعد الحرب و الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل في حربها الاخيرة واكد أن الحرب لن تنتهي الا بانتهاء الاحتلال وهذا هو الحل كل مشاكل المنطقة وانهي الرئيس ابو مازن كلمته بدعوة الجميع لمشاركته مساعيه السياسة والدبلوماسية عندما قال يجب أن ينتهي الاحتلال الآن ,وهناك شعب يجب أن يتحرر الآن , لقد دقت ساعة الاستقلال و قال للجميع أنتم تسمعون دقاتها , أي لا تصموا اذانكم اكثر من ذلك وتعالوا نناضل سويا لإنهاء الاحتلال المجرم لأرض فلسطين .

الخطاب بالطبع لم يعجب الامريكان والإسرائيليين اصحاب الاحتلال ونظرياته والجرائم التي لن تتوقف بحق شعبنا لان سلطات الاحتلال تريد من ابو مازن أن يعترف بالاحتلال ويطرح قواعد مقبولة للتعايش معه وهذا السلام الذي تريده اسرائيل ,واما الامريكان فإنهم يريدوا ابو مازن أن ينصرف من المشهد السياسي الفلسطيني ويأتي اخر يفاوض اسرائيل دون أن يصل لحل او انهاء للصراع فقط يدور في ذات الدائرة , لا أعتقد أن مشروع انهاء الاحتلال و وضع جدول زمنى سيرى النور بسهولة ويتم التصويت عليه دون فيتو امريكي , ولا اعتقد أن الامريكان سيتركوا ابو مازن يعمل دون عوائق او حصار مع المجتمع الدولي , فقد اختار الرئيس ابو مازن المواجهة ليحقق الاستقلال والمواجهة هذه سينتصر فيها الحق و ستنتصر فيها الإرادة الفلسطينية بالطبع , وهذا يعنى أن المعركة الدبلوماسية بدأت واعتقد انها ستشتد ضراوتها مع الاسابيع والاشهر القادمة وقد تستمر لسنوات وسينتصر الفلسطينيين بالطبع و يحققوا استقلالهم ويقيموا دولتهم , لكن يجب على الرئيس أن يحتاط من بعض القادة الورق الذين الصقهم قوي اخري بالفلسطينيين وجعل منهم دمي تتحرك لإرادة الامريكان ليحققوا اهدافه لفرض حل اسرائيلي امريكي يقفز على الحقوق الوطنية لشعبنا , فقد يكون قرار ازاحة ابو مازن واستبداله قد اتخذ داخل اروقة المخابرات الاسرائيلية والامريكية , لهذا بات على ابو مازن أن يعمل على تقوية الحلقات القريبة منه ويحيد اصحاب الاجندات الغير وطنية ومن يراهن على فشل الخطة الفلسطينية السياسية التي سيناضل من خلالها الجميع فهي الطريق السهل الذي يوصل الى اقامة الدولة واعلان استقلالها بقرار وبإرادة دولية وما على الامريكان الا الاصطفاف مع هذا التوجه لإجبار الإسرائيليين في النهاية الى الإذعان لإرادة المجتمع الدولي والتماشي مع طموح تحقيق الامن والاستقرار والسلام للجميع وانهاء الاحتلال والابتعاد عن الحرب والقتل والاستيطان والتهويد والاقرار والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على كامل اراضي العام 1967.