ما بين النقد والجلد
كالعادة ومن خلال قدومى إلى مدينة غزة – حيث أعمل قادماً من محافظة خانيونس قبل أيام ، التفتُ على مشهد جديد لم يكن مألوفاً لى من قبل ، يتمثل بقيام عدد من المواطنين فى " الغالب أصابهم البلاء والضرر نتيجة للعدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة " ، متجمهرين أمام مدرسة تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين قريباً من طريق صلاح الدين يرفعون لافتات كُتب عليها ( إسرائيل أوقفت عُدوانها والأنروا بدأت عدوانها)، فشعرت بغصة فى القلب على الحال الذى وصل اليه المواطن المسكين فى غزة !!، وكذلك للإتهام الموجهة فى حق المنظمات الدولية العاملة فى قطاع غزة ، والتى ما أن انتهى العدوان حتى سارعت فى التحضير لبدء العام الدراسى الجديد من أجل أطفالنا ، وتساءلت فى نفسى هل تجهيز المدارس للابنائنا الطلبة يعد عدوانا؟؟
كلمة حق
هناك العديد من المؤسسات الدولية العاملة فى قطاع غزة ، إلا ان أهم وأكبر هذه المؤسسات هى وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الانروا ) ومؤسسة الصليب الاحمر ، واللتان لهم دوراً بارزاً وكبيراً فى خدمة الشعب الفلسطيني عموماً وقطاع غزة بالتحديد، ويظهر ذلك من خلال كم الموظفين الفلسطينيين العاملين كطواقم فيها، وكذلك حجم المساعدات المتنوعة التى يقدمونها للفئات المختلفة من الشعب ، إلا اننى أستطيع أن أقول وبكل أسف بأنهم الأكثر عرضه للإنتقاد والهجوم " فنقاد الفلسطينيين لهم كثر و اللاعنين أكثر" .
إن المتابع وبكل دقة وأمانة قد يجد هذه المؤسسات قدمت خدمات لسكان القطاع فى شتى المجالات، قد تشتمل على كافة مناحى الحياة تقريباً ، وربما يزيد حجم هذه الخدمات عن ما قدمت القيادات الفلسطينية للشعب ، وهذا ليس من باب الإطراء بالمؤسسات الدولية لأنني أعلم بان هذا هو واجبهم ، ومن صميم أعمالهم ، إلا اننى اؤمن بأنه يجب الثناء عليهم إن أحسنوا والمعاتبة إن أخطئوا ، إلا ان المزعج هو الهجوم الدائم والغير مبرر أحيانا ضد هذه المؤسسات من قبل بعض الشخصيات الفلسطينية ، والتى تحاول دائما إبعاد اللوم عن أحزابهم وحكوماتهم وتحميل كل المسئولية للمنظمات الدولية ، وأنا قد اتفهم أحيانا بعض النقد البناء الذى يوجه الى هذه المؤسسات فى بعض المسائل ، إلا اننى وكشاهد عيان ومن خلال عملى أقول بان المؤسسات الدولية حريصة على الاستماع للمطالبات ومناقشة الصعوبات والتحديات والاختلافات التى تطرح ، مع الاخذ بالآراء وتعديل المسار ما امكن ، وبإمكان الشخصيات الاعتبارية والقيادية فى قطاع غزة أن تتحدث مثلاً عن عدد اللقاءات التى عقدها مدير عمليات وكالة غوث اللاجئين السيد " روبرت تيرنر" للاستماع والمناقشة وتقبل النقد بسعة صدر.
فى الختام أُذكر الجميع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده لا يضع الله رحمته إلا على رحيم» قالوا: كلنا يرحم، قال: «ليس برحمة أحدكم صاحبه، يرحم النَّاس كافة» السلسلة الصحيحة .