انتقل الى رحمته تعالى الاعلامي الكبير والصديق الوفي محمود اللبدي اليوم الجمعة... وقد قرأت خبر وفاته على أحد المواقع الاخبارية ... وعدت بالذاكرة الى اللقاء الأول الذي جمع بيننا على شاطئ بحر غزة عند عودة السلطة الوطنية الفلسطينية وقيادات منظمة التحرير ... جلست معه للمرة الأولى وكان الحديث طويلا وشيقا ومليء بالأحداث والمنعطفات التاريخية التي مرت بالقضية الفلسطينية واخرها حرب لبنان والاجتياح الاسرائيلي ووقوف هذا الرجل بجانب الرئيس الشهيد ياسر عرفات متحدثا لوسائل الاعلام الأجنبية بلباقة وقدرة عالية وثقة بعدالة القضية ... كان ماهرا وذكيا وواثقا من مفرداته الاعلامية والسياسية ... كان مهنيا بدرجة عالية وذات مصداقية ويتعاطى مع القضايا بروح فلسطينية مناضلة... وبرسالة اعلامية يستطيع من خلالها مخاطبة العالم بأسره .
المرحوم محمود اللبدي جلست معه عدة مرات وفي كل مرة كان اعجابي يزداد بشخصيته كانسان واعلامي مخضرم... وكان يتحدث عن هموم القضية وما يجب عمله خاصة على صعيد الاعلام الخارجي والذي كان يؤكد على أن هناك قصورا واضحا على المستوى الاعلامي على الساحة الدولية... وأن هذا يشكل خللا كبيرا ومجالا واسعا للإعلام الصهيوني بالتحرك وصياغة الروايات المعادية بالطريقة التي يحلو لهم اتباعها .
المرحوم محمود اللبدي كان صديقا وزميلا بالعمل بالمجلس الاقتصادي للتنمية والاعمار وكنا عندما نسافر من غزة الى رام الله حيث المكتب يقع في منطقة الرام كنت أجلس معه مطولا ولا زال موضوع الاعلام والقضية الفلسطينية وهمومها والتحديات التي تحول دون احقاق حقوقنا هي المسيطرة على جلساتنا ... مما كان يشعره بالمرارة والحسرة والى درجة النقد لما الت اليه أوضاعنا الفلسطينية... كان منتقدا و متمردا وطنيا مخلصا راغبا في أن يرى الصورة بأجمل مما هي عليه... كان يتمنى أن يرى اعلاما فلسطينيا قادرا على الوصول الى الساحة الدولية كان يرغب بأن يرى فضائية فلسطينية تتحدث بلغات أجنبية ليس ترجمة لصياغة الخبر الفلسطيني ولكن صياغة بمفردات ورواية قادرة على النفاذ والتأثير بالرأي العام العالمي .
محمود اللبدي رحمه الله كان طموحا وواثقا من المستقبل برغم سوء الواقع وما أنتجه الماضي من بعض السلبيات التي حالت دون أن نكون الأقوى والأكثر تأثيرا اعلاميا وسياسيا .
الحديث عن المرحوم محمود اللبدي يطول شرحه وتفصيله لأنه رجل وطني وانسان كبير وسياسي مخضرم واعلامي ذات مهنية عالية وقدرة بلاغية ولغوية يقنع من يستمع وكان صاحب خلق عالي وثقافته العالية التي فرضت احترامه على الجميع .
هكذا قدر أن يرحل محمود اللبدي رحمه الله دون أن يراه أحبائه في غزة... غزة التي أحبته وعاش فيها مع بدايات السلطة الوطنية... ولكن هكذا القدر ولا تدري النفس بأي أرض تموت ... لكنه مات في فلسطين بعد سنوات طويلة من الغربة والنضال ... مات في أرض الرباط ... وفي أكناف بيت المقدس كما ومات في يوم وقفة عرفة ... يوم مقدس تقف فيه الملايين وهي تدعو ربها بالرحمة وبالمغفرة ... كما وندعو للصديق الوفي والاعلامي الكبير بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه الله بفسحات جناته وأن يلهم عائلته الصبر والسلوان فمصابكم مصابنا وعزيزكم عزيز علينا وحبيبكم حبيبنا وعزيز على قلوبنا ... ولن ننساك حتى وان امتد الفراق ولكن بالتأكيد وبأمر الله سيكون لنا لقاء فهذا أمر حتمي وكل نفس ذائقة الموت
وان لله وان اليه راجعون
الكاتب/
وفيق زنداح