السر في تجنبي لدراسة التاريخ ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

رأيته بالأمس كان يقف كالأسد لا يأبه بأحد من حوله رغم محاولة الصبيه والصغار الالتفاف حوله ومحاولة استفزازه لكنه كان صامدا ..قويا ، وكانت عيناه الواسعتان تحدق بالشارع يمينا ويسارا ، وكأنه يرقب ما يدور حوله بصمت ودهاء اليوم في الصباح الباكر ..رأيته وقد تغيرت ملامحه واضمحل جسده الكبير بمخيلتي إلى حد ما ..ولما حانت ساعة الصفر ،قام لفيف من الأصدقاء بمحاولة طرحه على الأرض من خلال جذب الحبل الملتف حول أرجله الأمامية لكنه لم يسقط أبدا ..رفض أن ينبطح أرضا بكل صلابة ، في زمن عز فيه الرجال وانبطحت فيه كل الأشياء وتلك سياسة العصر وما هي إلا لحظات وإلا وقد اندفعت نحو رقبته خلسة سكينة حادة وليست قائمة وعلى عجالة تدفقت الدماء من رقبته العريضة بصورة سريعة كالشلال الجاري ..كم آلمني ذاك المشهد خاصة بعدما رأيته فقد توازنه وبدأ يترنح .. فأني أمقت السقوط في كل شيء ،ولا زلت انتقد العالم نيوتن إلى يومنا هذا ..لأنه لم يكتشف الجاذبية الأرضية إلا بعد تجربة السقوط .. سقوط التفاحة فوق رأسه ..!! ولا زلت أتجنب التوغل بدراسة التاريخ رغم حبي الشديد له بعدما سقطت بلاد الأندلس.. وسقوط الدولة العباسية ،وبعدما سقط الوطن العربي الكبير في براثن الخريف الغربي بالغين وليس بالعين.. المهم أني أحسست بأنه ينظر إليّ وفي عينيه العميقتين قولا دفينا .. يعاتبني ..يلومني وكأن لسان حاله يقول : إلى متى يكتفي الأدباء بالدفاع عن حقوق الآخرين بأقلامهم فحسب دون العمل على التغيير ،وتحريك البحيرات الراكدة ..قلت له في قرارة نفسي.. لكن ما أصابك هو سنة الله في الكون أن تتكرر شعيرة الأضاحي في كل موسم ، وهو شرف عظيم لك أن تناله أيها العجل الوسيم ..حينها لمحت في عينيه نظرة أمل وشوق وفرحة ،وما هي إلا ثوان معدودة وإلا وقد شخصت عيناه إلى السماء مقبلا غير مدبرا ..في زمن ولى فيه الرجال وما عاد يعيث في الأرض إلا السفهاء و المدبرين ..!!