الاستراتجيه الامريكيه لمحاربة داعش امتداد للمشروع الامريكي الصهيوني لاستهداف سوريا والمنطقة

بقلم: علي ابوحبله

منذ ان تفجر الصراع على سوريا والشرق الاوسط يشهد تغيرات لم تكن في حسبان المخططين للسياسة الامريكيه ، وان المشروع الامريكي للشرق الاوسط الجديد قد اصطدم بعقبات جعلت امريكا تعيد حساباتها ، وخاصة لجهة صراع المحاور واعادة قرائة التوازنات التي تشهدها المنطقه على ضوء التغير في موازين القوى واندحار المشروع الامريكي على صخرة الصمود السوري ومتانة الحلف الذي يربط سوريا مع روسيا وإيران وحزب الله ،الاستراتجيه الامريكيه للرئيس الامريكي اوباما لمحاربة داعش فرضت انشاء تحالف اقليمي بقيادة الولايات المتحده الامريكي وتناقض المصالح بين الدول المنضوية تحت لواء التحالف وتواضع الضربات الجويه الموجهة الى داعش وخاصة لجهة وقف تقدم داعش في عين العرب جعلت امريكا امام خيارات صعبه خاصة وان تركيا تحاول الضغط على امريكا لاجل التدخل العسكري البري في سوريا ربطت مشاركتها لانقاذ عين العرب بحسب ادعائها بايجاد المنطقه العازله وفرض منطقة حظر للطيران تشمل المنطقه العازله مع الحدود التركيه.

امريكا ترى ان الوضع الدولي والاقليمي في ظل توازنات القوى لا يسمح بذلك وهي تسعى لانشاء جيش سوري يدين بالولاء لامريكا وذلك من خلال تدريب لما تسميه القوى المعتدله في السعوديه وتركيا ، حيث ان امريكا تسعى لاسترضاء تركيا عبر مشاركتها في اعداد وتدرب القوى المعتدله بالقاموس الامريكي وان ما تقوم به امريكا ودول التحالف ضد الدوله السوريه هو خرق فاضح لميثاق الامم المتحده وتدخل في شؤون سوريا الداخليه وهو عدوان على سوريا ، ان السياسه الامريكيه من خلال انشاء للتحالف الاقليمي يقود لخلق صراعات في المنطقه ويقود لحرب مفتوحه ، وان تحذيرات ايران لتركيا هو ضمن ما تشهده المنطقة من صراعات.

لقد ظهر الاثر الاسلامي على الصراع في المنطقه حيث دعمت امريكا ما كانت تطلق عليه الاسلام السياسي المعتدل عقب ثورات الربيع العربي لكن سرعان ما انهار نظام الاخوان المسلمين في مصر واحتدم الصراع في ليبيا وهناك صراعات تشهدها تونس وخسرت تركيا مراهنتها على نجاح التيار الاسلامي المنضوي تحت لواء التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ، ما تشهده سوريا من تشدد للمجموعات المسلحه وصراع بين الاجنحه الاسلاميه المختلفه مما جعل امريكا وحلفائها في حالة ارباك نتيجة الصراعات بين المجموعات الاسلاميه المختلفه الولاءات والاتجاهات ولم تستطع من احتواء تلك الخلافات بفعل تناقض المصالح بين الدول المنضوية تحت لواء التحالف الامريكي لمحاربة داعش.

كما ان الهوة الشاسعه بين الاذرع العسكريه والسياسيه ، حيث ان الذراع السياسي تماهى مع الرغبات الامريكيه والاوروبيه التي كانت تريد احتواء الذراع العسكري بالسياسي ، حيث ان الذراع العسكري كان يحرص على الرضا الامريكي والغربي وهو حقيقة لا يمثل الشعب السوري ولن يكن بمقدوره ليمثل السوريين الرافضين للتدخل الخارجي في بلدهم سوريا ، امريكا تحاول جهدها لسحب البساط من تحت اقدام المجموعات الاسلاميه المسلحه في سوريا ، وهي تعمل جهدها لتدريب عناصر موالية لامريكا ، اللواء سليم ادريس المنشق عن الجيش العربي السوري والذي يشغل منصب القائد العام لما يسمى الجيش الحر لم يستطع تحقيق الاهداف والرغبات الامريكيه.

الجبهة الإسلامية التي تشكلت من عدة كتائب إسلامية منها أحرار الشام وينضوي تحت لوائها عشرون ألف مقاتل ، ولواء التوحيد والفتح ، وله اثنا عشر ألف مقاتل ، وصقور الشام ، وتشكيلات أخرى ليصبح مجموع مقاتلي الجبهة أزيد من خمسين ألف مقاتل ، ولم تضم الجبهة الإسلامية جبهة النصرة والتي تملك أكثر من عشرين ألف مقاتل ، ولكنها تحتفظ بعلاقات قوية ومتينة مع قادة الجبهة ، كما لم تضم مقاتلي دولة الإسلام في العراق والشام المعروف إعلاميا باسم " داعش " وهي الجبهة التي تسبب تهور قائدها أبي بكر البغدادي وغلوه في توتر العلاقات بينه وبين كافة التنظيمات الاسلاميه ، خاصة جبهة النصرة ، بعد دعم الدكتور الظواهري للأخيرة في الخلاف الذي نشب بين البغدادي والجولاني قائد جبهة النصرة . الصراع على سوريا لم يعد صراعا اقليميا وهو صراع كوني تتداخل في فعالياتها الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية ذات الأجندات المتباينة ، والرغبات المتعارضة ، ، وخاصة منذ تشكيل الجبهة المتحدة ، تشكيل التحالف الاقليمي بقيادة الولايات المتحده الامريكيه وفق ما سمي استراتجية الرئيس الامريكي اوباما لمحاربة داعش هذه الاستراتجيه الامريكيه هي امتداد للمشروع الامريكي الصهيوني لاستهداف سوريا واسقاط الدوله السوريه.

وتجلى صراع تناقض المصالح في صراع المحاور حيث ان لتركيا اطماع في سوريا والعراق وان تركيا تحاول فرض شروطها على التحالف الاقليمي تحت مسمى تدخلها في سوريا لمحاربة داعش وتشترط على امريكا والتحالف لانشاء منطقه عازله وفرض حظر للطيران بينما امريكا ترفض ذلك متخوفة من حساسية ودقة الوضع الدولي والتوازن القائم في صراع المحاور وهي تسعى لايجاد لتدريب مجموعات مسلحه سوريه لتحقيق هدفها على الارض ، الدراسات الامريكيه تجمع على النتائج المتواضعه التي لا تذكر للغارات الجويه ضد مواقع داعش في سوريا والعراق وهناك حديث عن الدور التركي المرتقب في سوريا وبحسب الدراسات ان الازمه ستطول وقد تمتد لعقود وهي لن تسير بحسب الرغبات والاهداف الامريكيه.

دخول داعش مدينة عين العرب تنذر بمجزرة رهيبه قادمه كما يحذر الاكراد ويرون ان داعش ستقدم على ارتكاب المزيد من المجازر في حال دخولها عين العرب وان المجازر في عين العرب ستفوق المجازر السابقه التي تعرض لها الايزيديه في العراق ، استراتجية الرئيس اوباما لتقويض واحتواء داعش اصبحت اثر بعد عين كما وصفتها صحيفة اندبندنت البريطانيه وان استراتجية الرئيس اوباما نالت قدرا كبيرا من الانتقاد من كافة الاطياف السياسيه الامريكيه والغربيه معارضين ومؤيدين وان وزير الدفاع الامريكي السابق ليون بانيتا انتقد استراتجية الرئيس الامريكي اوباما وان سياسة الرئيس الامريكي ادت الى بروز الدوله الاسلاميه في العراق وسوريا وقد تنبأ بانيتا بحرب طويله تشنها الولايات المتحده ضد ما يسميه الارهاب قد تمتد لثلاث عقود خلال لما وعد فيه الرئيس اوباما ، السياسه الامريكيه الخارجيه عمادها حرب مفتوحه تدر ارباح طائله على شركات الاسلحه نظر لتفاقم الصراعات والنزاعات العسكريه عبر العالم ، وان المستفيد الاكبر هي صناعة القذائف والصواريخ واسللحه مختلفه تستخدمها الولايات المتحده وحلفائها في حرب داعش والمنطقه ، وان مقاتلي الدوله الاسلاميه العراق وبلاد الشام يستخدمون اسلحه وقذائف امريكيه وهو ما اشارت اليه شبكة بلومبرغ الاخباريه عن شركة لوكهيد مارتن.

يبدوا من مؤشرات الوضع المتفاقم في المنطقه ان هناك اعادة تصويب في الاستراتجيه الامريكيه في المنطقه وان الرئيس الامريكي سيبحث مباشرة مع قادة القوات الامريكيه الامر الامر الذي يؤشر على توفر النية لديه لادخال بعض التعديلات على استراتجيته المعلنه ضد داعش ، الرئيس الامريكي محكوم بالوضع الداخلي الامريكي خاصة في ظل الاجواء الانتخابيه لمجلس النواب والشيوخ وان هناك تنامي الضغط الداخلي من القاده العسكريين والساسه واعضاء الكونغكرس للنظر بخيارات نشر قوات بريه ، الخارجيه الامريكيه تفضل العمل الديبلوماسي فقد رفضت الخيار العسكري وصرح وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان الحيلوله دون سقوط مدينة عين العرب بايدي داعش لا يعد هدفا استراتجيا للولايات المتحده الامريكيه في تبايت واضح من هيلاري كلينتون التي كانت تحبذ استخدام القوه لدى استعصاء الحلول السياسيه.

وحث كيري جميع الاطراف باتخاذ خطوات بغية استيعاب الهدف الاستراتيجي لمراكز التحكم والسيطره والبنى التحتيه للدوله الاسلاميه وحرمانها من القدره على شن هجمات ليس في عين العرب فحسب بل في عموم سوريا وامتدادا الى العراق ، ولفت كيري في تصريحاته الى تعاطفه مع فكرة انشاء منطقه عازله بين سوريا وتركيا ، قائلا انها فكره جيده للاخذ بها بعين الاعتبار ، حلفاء امريكا وعلى راسهم الرئيس الفرنسي هولاند ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند يسعون لاستدراج الرئيس الامريكي اوباما لنيل موافقته على المنطقه العازله ، الرئيس الامريكي اوباما يخشى من اية تداعيات للمنطقة العازله ومن تفاقم الصراع وعليه الخيار المتوفر للولايات المتحده يستند الى حشد وتدريب قوات محلية سوريه للتصدي لداعش الامر الذي سيستغرق فترة زمنيه طويله نسبيا وهذا ما يتم استنباطه من تصريح ليون بانيتا بالحرب المفتوحه ولمدة 30 سنه.

تطمح الولايات المتحده الى انشاء جيش سوري جديد بديل التشكيلات للمجموعات المسلحه الحاليه بما فيها الجيش الحر قوامه 15000 عنصر ينبغي التدقيق في خلفية وولاء كل منهم والذي سيوكل بمهمة القوات البريه البديله عن القوات الامريكيه ويدين بولائه وعقيدته لامريكا وبحسب التصريحات الامريكيه ان تدريب وتسليح العناصر سيستغرق نحو 12 شهرا في المعدل ، هناك تناقض في المواقف بين تركيا والولايات المتحده الامريكيه وان امريكا تدخل في حساباتها الاعتبارات الدوليه والاقليميه والتوازنات الدقيقه ، فان الاهداف الاميركية والتركية غير متطابقة بالكامل فيما يتعلق بسوريا بعد مضي قرابة اربعة اعوام على الصراع المسلح.

هدف تركيا الرئيس "اسقاط الرئيس الاسد،" اما الولايات المتحدة فقد اثبتت الوقائع السياسية والميدانية تراجعها عن هذا الهدف واعلاء "تقويض الدولة الاسلامية" في المرتبة الاولى. كما ان الولايات المتحدة لا تمانع قيام كيان كردي في المناطق السورية، مما يثير ذعر انقرة التي ترفض رفضا مطلقا اي تعبيرات او تجليات تؤكد على الهوية الكردية.الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعلن مرارا رغبته بانشاء "منطقة عازلة" داخل الاراضي السورية وفرض حظر الطيران في اجوائها كشرط مسبق لدخول قوات برية تركية ارض المعركة. كما يبدي ارتياحا بيّناً لسقوط مدينة عين العرب الحدودية باغلبيتها الكردية في أيدي الدولة الاسلامية دون ان يحرك ساكنا.الجانب الاميركي يعتبر اشتراط اردوغان تبريرا لعدم دخول تركيا النشط، اذ ان الغارات الجوية فوق مدينة كوباني ادت الى حظر حركة الطيران السورية هناك. وعلق مسؤول رفيع المستوى في البيت الابيض لصحيفة "نيويورك تايمز" على تردد تركيا بأنها "تخلق اعذارا لعدم المبادرة وتفادي كارثة انسانية اخرى." واضاف موبخا انقرة "هذا التصرف لا يعكس آلية عمل حليف للناتو بينما تفتح ابواب الجحيم على بعد مرمى حجر من حدوده."اقتصر دور تركيا الفعلي، في المرحلة الراهنة، على الانضمام لجهود الائتلاف حرمان "داعش" من عائداتها المالية، اذ تعبر شاحنات نقل النفط الاراضي التركية وتصدر عبر موانئها ايضا. وقد فرضت حجرا على استخدام "داعش" الاراضي التركية، كما اوردت وسائل الاعلام المختلفة، وفرضت قيودا أخرى للحد من قدرة داعش شراء ذخيرة وقطع غيار للمعدات الثقيلة التي استولى عليها.تجلت تداعيات ازمة كوباني في انخفاض قيمة الليرة التركية سبقتها تخفيض مكانة الاقتصاد التركي من قبل الشركات المالية الاميركية، الأمر الذي اثار قلق المستثمرين الاجانب وكذلك هاجس تدخل تركيا في سوريا. توفر السيولة المالية العالمية أمر حيوي للاقتصاد التركي، نظراً لنسبة العجز العالية في ميزان المدفوعات والذي "تضطر" الحكومة التركية للاقتراض من الاسواق العالمية مرة تلو اخرى لتغطية نفقاتها. نائب رئيس الوزراء التركي، علي بابكان، اقر في 8 تشرين الاول ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد التركي الى نسبة 9.4%، بما يقرب من ضعف التوقعات السابقة بنسبة تضخم 5.3% للعام الجاري.احد المخارج للحكومة التركية يكمن في عدم قيامها بالتدخل وتأزيم الـأوضاع الإقليمية، وهو ما قد يلجأ اليه الرئيس اردوغان وحكومته للتكيف مع مطالب المؤسسات الاقتصادية الكبرى في البلاد. ان امتنعت تركيا عن المشاركة الفعالة في التصدي لداعش عسكريا فما يتبقى هو خيار الغارات الجوية واستمرارها للدول المشاركة في الائتلاف، وربما بعض العمليات الموكلة للقوات الخاصة القيام بها.يتضمن الإستعراض السابق بعض العوامل الضاغطة والتي تدفع بالرئيس أوباما إعادة النظر في إستراتيجيته المعلنة وإدخال تعديلات مطلوبة، سيما لإدراكه تنامي معارضة الشعب الأميركي لسياساته المعلنة عززها حادث جز عنق امرأة اميركية في ولاية اوكلاهوما مؤخراً. الأمر الذي يستدعي بلورة سياسة اوضح نحو داعش تسهم في تراجع التهديد الارهابي للداخل الاميركي وللحلفاء ايضا.

لا تبدي الاداره الامريكيه حماسا لانخراط قوات برية اميركية في المعارك على الارض السوريه ، مما يستدعي الرئيس اوباما تقديم بعض التنازلات لارضاء تركيا تتضمن تطبيق محدود لمنطقة عازلة، مقرونة ببعض الاجراءات لمنطقة محدودة لحظر الطيران، وربما تجديد التزامه باسقاط الدولة السورية والرئيس الاسد. ويبدو ان التفاهم الذي توصل اليه الجنرال الاميركي المنسق للتحالف مع الجانب التركي حول تدريب وتسليح ما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة يشكل حلا مُرضيا وسطيا يؤجل التباين حول ترتيب الاولويات في المسرح السوري. ان استراتجية امريكا وان تباينت اهدافها الا ان هناك هدف استراتيجي يقود الى استهداف الدوله السوريه وإسقاط سوريا ، امريكا تدرك مخاطر الوضع الاقليمي والدولي وتدرك ان المحور السوري الروسي الايراني لن يقف امام ما تتعرض له سوريا من مخاطر يتهدد وجودها وان المشروع الامريكي الصهيوني ما زال حلم امريكا وإسرائيل لتحقيقه لإضعاف وتفكيك منظومة الجيش العربي السوري ، استراتجية امريكا لمحاربة داعش والتطرف هدفها تحقيق امن اسرائيل وترسيخ الوجود الاسرائيلي في المنطقه ، ان الموقف الامريكي من المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي ورفض امريكا لعرض هذا المشروع على مجلس الامن وممارسة امريكا ضغوطها وتهديدها للفلسطينيين للحيلولة دون التوجه الفلسطيني لمنظمات الامم المتحدة يدلل على ان امريكا وإستراتجيتها تفتيت وتقسيم المنطقه الى دويلات تخدم امن اسرائيل ضمن ما تسعى امريكا لتحقيقه شرق اوسط جديد بدون وجود للدولة السوريه