أنهى الأسير نضال الأغا عامه الثاني والعشرين في سجون الاحتلال، إثنان وعشرون عاماً نحسبهم بالسنوات، فيما والدته تتوقف عند كل دقيقة وثانية منها، هي بالنسبة لها بمثابة الدهر كله، السنوات التي تنقل فيها في سجون الاحتلال تفوق تلك التي أمضاها مع اسرته بستة أعوام، على مدار الأشهر السابقة اقترب الأمل كثيراً من السيدة أم ضياء، أخذت تدقق في أسماء الأسرى المنوي الافراج عنهم، عندما غاب اسم ضياء من القائمة الأولى باتت ترقب القائمة الثانية، وفعلت الشيء ذاته مع الثالثة منها، لم يبق أمامها سوى الدفعة الرابعة، أخذت تتابع كل صغيرة عنها وترسم في خيالها صورة اللقاء، وتستجمع ذكريات طفولة ابنها الغائب عنها، تراجعت حكومة الاحتلال عن الافراج عن الدفعة الرابعة، فعادت أم ضياء من جديد تزاوج بين الأمل والصبر.
وقفة تضامنية أمام منزل عميد اسرى قطاع غزة "ضياء الأغا"، هي ما يمكن لرفاقه وأصدقائه وجيرانه أن يعبروا من خلالها عن تضامنهم معه ومع شقيقه الأصغر "محمد"، الوجوه المشاركة في الوقفة التضامنية هي ذاتها التي تجدها في كل فعالية تتعلق بالأسرى، زملاء الأسر وأهاليهم شيوخهم ونسائهم، أم رامي عنبر وأم رامي بربخ حالهما كحال باقي امهات الأسرى لا يغبن عن مناسبة للتضامن مع الأسرى إلا وتجدهن في المقدمة، كأن الأسر خلق علاقة إجتماعية بين ذويهم تفوق صلة القرابة، هي إمتداد للعلاقة القائمة بين الأسرى داخل السجون وخارجها، التي عادة ما تشكل ذكريات الأسر مادة الحديث بينهم.
تناول المتحدثون في الوقفة التضامنية، التي نظمتها مفوضية الأسرى والمحررين، قضية الأسرى وما تشكله من أولوية لدى الكل الفلسطيني، هي محط إجماع في أدبيات القوى السياسية بمختلف أطيافها وتحظى بإهتمام شرائح المجتمع المختلفة، ورغم ذلك يجمع الكل على أن الجهد المبذول في قضية الأسرى ما زال دون المطلوب، وإن حملت الوقفات التضامنية مع الأسرى وذويهم والفعاليات المختلفة المتعلقة بها بعداً محلياً تحمل في مضامينها طابع الوفاء للأسرى وتضحياتهم، إلا أن المطلوب يجب أن يتعدى دائرة الحديث مع الذات عن الأسرى ومعاناتهم وآلام ذويهم.
قضية الأسرى لا بد وأن تكون هي الحاضر في الحراك الفلسطيني على الصعيد الدولي، وليس هناك من يمكن له أن يتحدث عن الأسرى ومعاناتهم أكثر من ذويهم، فهم من عاشوا مرارة الفراق ومعاناة الأسرى في تفاصيلها الدقيقة، ما الذي يمنعنا من أن نضع على أجندة زيارة القادمين إلينا من زعماء العالم مقابلة أهالي الأسرى؟، لماذا لا نتيح الفرصة لأبناء الأسرى أن يخاطبوا قادة العالم؟، لماذا لا نهيء السبل لذوي الأسرى لمخاطبة العالم في المحافل الدولية؟.