المسئولية ...مش وجاهه !!

بقلم: وفيق زنداح

ما أثقلها ... وما اكثر أعباءها...لأنها الامانة المتعلقة بعنق المسئول ...ومن يقبل بتحمل المسئولية ...علي اعتبار أنها تكليف وليس تشريف ...ومدي عظمة الامانة ....والسؤال يوم يسأل العباد من ربهم عما فعلوا اتجاه من تحملوا مسئوليتهم ...يوم مهيب وعظيم ...ولكل نفس ما فعلت ...ولكل شخص ما أنجز ...والرحمة من رب الرحمة لعباده ...وهو الغفور الرحيم .

كل مسئول يسال عن ما فعل ...ولماذا فعل ...وكيف أدار مسئوليته ...وماذا قدم ؟؟ وكيف تابع مسئوليته ؟؟وأين أصاب ؟؟وأين أخطأ ؟؟وكيف يمكن أن يراكم علي النجاح ؟؟ وكيف يمكن ان يتجاوز الأخطاء ؟؟.

المسئولية ليس كلمة عابرة ...وليس مكانة اجتماعية ...ولكنها أمانة وواجب وتكليف لمن يستطيع تحملها ...ومن لم يستطع فليعتذر عنها ...وهذا ليس بعيب ولكنها صراحة شجاعة ..وقرار شجاع ..وضمير حي ..وامكانيات غير مبالغ فيها ...تبلور فكرة رفض المسئولية علي قاعدة عدم القدرة علي الانجاز الملموس ...وعدم القدرة علي توفر السمات والصفات والامكانيات التي يمكن من خلالها تنفيذ المسئولية وتحقيق النجاح .

هناك من يحرصون علي عدم القبول بالمسئولية ...اذا ما كان لديهم أدني شك بإمكانية النجاح ...وعدم قبولهم بأي احتمال من احتمالات الفشل ...حرصهم علي شخصهم وسمعتهم ...وحتي لا يكونوا علي ألسنة الناس مقصرين وعاجزين وغير قادرين علي الانجاز.

وهناك من يقبلون بالمسئولية دون تفكير او مراجعه أو حتي دون معرفة وطبيعة المهام الملقاة علي عاتقهم ...وماهيه المطلوب منهم بل الاهم بالنسبة لهؤلاء هو المنصب أيا كانت النتائج...والمسئولية أيا كانت العقبات ...انها الوجاهه التي لا تعوض من وجهه نظرهم ...والمكانة التي تستحق توجيه الاتهامات لهم بالتقصير والعجز والفشل .

كرسي المسئولية امانة كبيرة ...وعطاء بلا حدود ...وجهد يبدل دون كلل او ملل ...وأمانة تؤدي دون انتظار شكر من أحد ...فأداء الواجب مرتبط بشخص المكلف ومدي قناعته بفكرة التكليف ...وواجب التنفيذ ...لأنها ترتبط ارتباط وثيقا بمكنوناته الانسانية الأخلاقية الثقافية والوطنية وما يتحلى به من ضمير حي ...وقلب منفتح ...وفكر مستنير ...ووعي كامل بطبيعة الظروف التي يعمل من خلالها ..وحرص شديد علي النجاح والانجاز ...وعدم القبول بالفشل أيا كان مبرره وسببه .

هناك من يعشقون المسئولية ويحبونها لأنفسهم وربما بأكثر من محبتهم لأولادهم ....وعلي استعداد للدخول بدهاليز المؤامرة ..وبإمكانهم أن يتقاتلوا ويتصارعوا ويحفرون لبعضهم البعض ...كما يتصيدون لبعضهم البعض من أجل كرسي المسئولية ....كأن المسئولية غنيمة كبري في بلادنا...ومكسب لا حدود له ...فالمسئولية في بلادنا ...ابتلاء ...وعب ثقيل ..وقلق مستمر ...وضمير قلق ...وقلب يرتعش ..وفكر متعب .

المسئولية في بلادنا ...وخز دائم للضمير في كل لحظة عجز عن تقديم ما يتوجب تقديمه....وفي كل لحظه صدق مع الذات ...عندما يري المسئول نفسه عاجزا ومكبلا ومقيدا ...ولا يستطيع تقديم أدني واجب عندها يشعر بلحظه العجز الشخصي ...وعدم امتلاك القدرة والخبرة والامكانية التي يمكن أن يؤدي بها واجب مسئوليته والاستمرار بتحملها. عندها نكون أمام حالة استثنائية ...ويكون المسئول أمام خيارين : أما الاستمرار والفشل ...وأما الاستقالة المسببة بعدم المقدرة علي الاستمرار بتحمل المسئولية ...وهذا ليس عيب ...بل أنها شجاعة نادرة ...وحسابات دقيقة ...وفكر ناضج ...وارادة تعرف اتجاهاتها ..وقلب ينبض بمحبة من حوله ...وضمير يقظ لا يقبل علي نفسه بالقصور والفشل والعجز عن أداء الامانة وتحمل المسئولية .

وهناك من خربوا ولم يعمروا... ولم يقدموا ما يحسب لهم ...ويتمسكون بكرسي المسئولية مهما تكن الآراء حولهم متناسين حساب ربهم في يوم الحساب ...وبطبيعة الحال فلا محاسبة لقصورهم وعجزهم وفشلهم ...ولا محاسبة لتقصيرهم وفسادهم... كل ما يمكن عمله لإرضاء الراي العام وبطبيعة الحال بعد سنوات من انهاء عمل المسئول بحفل تكريم وتعيين أخر دون أن يعرف الرأي العام لماذا تخلي عن مسئوليته ؟؟...ولا حتي الاسباب التي تقف وراء قرار تخليه عن المسئولية ؟؟.

المسئول في بلادنا يأخذ المسئولية من باب الوجاهة والسلطة والقدرة علي التحكم ...يأخذها من باب الكسب الشخصي والمادي والمعنوي ...بريستيج العصر... وهذا الزمن التي انقلبت به الموازين ...وحتى المعايير... والاهم السمات والصفات والقدرات الشخصية ...وليس من المهم من يكون واعي وقادر وملتزم ...بقدر ما هو مطلوب لكرسي المسئولية من هم اهل ثقة وليس اهل خبرة وكفاءة... لماذا ؟؟ حتي يكون من هو فوق المسئول قادر علي تسييره وتحريكه وفق الاتجاهات التي يريدها ...بينما المتعطش لكرسي المسئولية لا يهمه أين يقف ؟؟ والى اين يتجه ؟؟وماهية ما يحقق من انجاز ...لان كم الانجاز الكبير سيجعلك خارج ملعب المسئولية ...بينما الفشل الذريع سيوفر لك الارضية المناسبة للاستمرار بكرسي المسئولية .

ولا نعرف كيف يمكن أن يقبل اي انسان باستمرار فشله وهو علي مقعد المسئولية ...مع ان النجاح والاحترام سيكون اكبر وهو خارج كرسي المسئولية .

حقا.... ان كرسي المسئولية مش وجاهة ...وأكيد لن يكون عباطة ...واعتباط !!