كم هي مأساة كارثية كبرى ..تلك المجزرة التي شهدتها محافظة شمال سيناء منذ أيام قلائل .. ليس بسبب زيادة عدد الشهداء.. ضحايا الغدر الذين ارتقوا،..رغم أن 30 مجندا وإصابة أكثر من 28آخرين هوعدد ليس بسيطا ولا يمكن أبدا الاستهانة بأرواح العباد كثروا أو قلوا ..ولكن لأن المستهدفين هنا هم حماة الوطن ،والمدافعين عنه بكل بسالة ورجولة أولئك الجنود الذين تغربوا عن مدنهم وتركوا بيوتهم ،وعوائلهم من أجل الدفاع عن الوطن ومن أجل بسط الأمن والأمان ضد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها البلاد في ظل الأوضاع الأمنية المتردية التي لم تصب مصر وحدها فحسب بل أصابت قلب الوطن العربي بأسره..حقيقة انتقد واستهجن بشدة مثل تلك العمليات الإرهابية الجبانة التي لا تخلف وراءها سوى خلق حالة من الفوضى العارمة والتخبط الأمني فعندما نقول عملية إرهابية ..إذا معنى ذلك أن الذين يقترفون مثل تلك المذابح هم ليسوا مجهولين..طالما أيضا أننا نقول بأنهم فئة مأجورة إرهابية تهدف لأن تعيث في الأرض الفساد ..وإلا ما معنى استهداف النقاط الأمنية والعسكرية للدولة وقتل الأبرياء منهم ..ماذا يريد هؤلاء ..ومن أجل من يقومون بتلك الأعمال التخريبية .. هل لأنهم بدءوا يستشعرون بالخناق الشديد الذي يكاد أن يشل حركتهم ويكشف أقنعتهم الزائفة وعندها تفشل أهدافهم وذلك بعد محاولة بسط الرقابة الأمنية الشديدة الإحكام التي تؤرق مضاجعهم ،وتحد من نشاطهم ..أيا كانت الأسباب إلا أننا نتفق جميعا بأنهم ليسوا أعداء مصر فحسب ..وإنما هم أعداء الوطن العربي الكبير .. وإلا ماذا يمكنا أن نفسر ما يجري من أحداث دامية في سوريا ولبنان وتونس واليمن والعراق والسودان وبقية بلاد العرب أوطاني وماذا يمكنا أن نفسر استهداف كل من يرتدي البزة العسكرية أو السيارة العسكرية تصنيفيا ..إذا هي محاولة بغيضة من أهدافها أيضا تفكيك الجيوش العربية ، وإفراغها من محتواها وبدلا من أن تكون الدرع الحصين ، والمدافع القوي ضد قوى الشر الخارجية أصبحت منشغلة بالأمور أو قضايا الصراعات الداخلية ، وهو تغيير نوعي في المهام المحددة وانحراف خطير عن منظومة الدولة الأمنية والذي يترتب عليه سحب الجيوش من الجبهة الحدودية إلى الداخل و إفراغ الحدود بسبب تقليص عدد القوات وإضعاف تلك الجبهة حيث يصعب السيطرة الأمنية على تلك المناطق الخطيرة والحساسة .. فيتسنى للخارجين عن القانون أوالأعداء أن يجتاحوا البلاد لتنفيذ أعمال تخريبية وإرهابية بعد قبضهم الثمن من جهات خارجية مارقة لا هدف لها سوى الإرهاب وسقوط الدولة وتفكيك المجتمعات ..وكذلك هي محاولات ابتزازية ومستفزة لإحداث وقيعة بين مصر ودول الجوار ..في العصور السابقة كان الغزاة والمحتلين يسهل معرفة هويتهم ،ولذلك كان الدفاع عن الأوطان له فترات محددة في ظل تحديد أرض المعركة ودائرة الصراع ، ولذلك كانت الشعوب تنال استقراها بعد سلسلة طويلة من التضحيات والثورات في وجه المحتل.. أما اليوم فهناك ألف قناع وقناع وقد تعددت صور الغزاة والإرهاب وتلونت أشكالهم كالحرباء لذلك كانت الصعوبة بالغة في كشف نوايا أولئك الخبثاء والظلاميين ..عموما ليست هذه هي أولى المجازر التي ترتكب ضد من هم حماة الوطن وليست الأخيرة ..لكن الأهم من كل هذا هو كشف هوية القتلة ومن يقف وراءهم.. والأمر الآخر هو.. كيف يمكن القضاء على معاقل الإرهاب وتدمير بنيتهم التحتية الهشة لا النيل فقط منهم فالقضاء على جيوب المجرمين والقتلة أمر غير كاف .. لأنهم كالأفاعي يعيشون وتنشط خلاياهم من جديد.. إذا بترت ذيولها ..إذا الهدف التكتيكي والاستراتيجي هو تفجير تلك الرؤوس الحاقدة ..لكن ما يثيرني هو لما عندما يحدث اختراقا أمنيا تسارع التحقيقات الأمنية بالزج بالتهم لجهة ما أو غيرها دون التأكد من المصدر الأمني وكأنه مطلوب من الأجهزة الأمنية للدولة كشف الوقائع أو الحقيقة بأسرع وقت ممكن وإلا تتهم بالإخفاق أو التقصير في مهامها ..خاصة عندما تحدث كارثة تهز الرأي العام فمثلا إذا كانت هناك أصابع اتهام في العملية الإجرامية كما أعلنت عنها مصادر أمنية مصرية أن من يقف وراء تلك العملية هو تنظيم جيش الإسلام.. أو جماعة بيت المقدس أو الاثنان معا في عملية نوعية مشتركة فإذا كانت هناك اتهامات ضد هذه الجهات فهي في الأخير مجرد اتهامات وليست حقائق .. وإلا أين الدلائل والبراهين التي تبين تورط هؤلاء أو غيرهم ثم لما نستبعد أن تكون وراء الحكاية داعشية صهيونية لخلق حالة توتيرية بين قطاع غزة المحاصر مع مصر خاصة في ظل اقتراب التسهيلات على المعابر كما أعلنت مصادر مصرية عبر الإعلام أي بلغة الاصطلاحات يمكنا أن نسمي الجهة المسئولة عن العملية "داسم " أي الدولة اليهودية من اسرائيل إلى مصر ..ثم ليس دفاعا عن أحد وبكل موضوعية .. إذا كانت تقف وراء العملية تنظيمات متطرفة فلسطينية على زعم البعض فهل يمكن أن يخنق الإنسان نفسه بيديه بكل سهولة وإذا كانت هناك انفراجات تلوح في الأفق ..فهل من المصلحة إغلاق باب الغار بصخرة كبيرة ..هي تساؤلات ..والأمر الذي استغربه هو كما كشفت مصادر مصرية مطلعة أن الأيام المقبلة سوف تشهد إقامة منطقة حدودية عازلة على الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي المصرية وقطاع غزة بعمق يتراوح من 1500متر إلى 3000 متر..ولا ضير في ذلك لكن السؤال هو هل لو حدثت تلك العملية أو غيرها في قلب مدينة العريش أو القاهرة أو في أي مدينة تبعد عن الحدود المصرية الفلسطينية هل سيتم اتخاذ ذات الإجراء أي إقامة مناطق حدودية عازلة في مثل تلك المدن ثم هل يمكنا أن نستبعد احتمال تسلل مثل تلك العناصر الإرهابية وتحت غطاء وحماية إسرائيلية من المناطق الجنوبية الحدودية المتوغلة داخل سيناء بعيدا عن مجرد الشريط الحدودي ..وكذلك لما نستبعد أن يكون الخطر الذي قدم هو من قلب مصر بعد التمركز أي من الداخل وسواء تم إدخال تلك العناصر الإرهابية من الخارج عبر السواحل البحرية المفتوحة أو غيرها ..ّإذا هل لو تم استصدار قرارا بإخلاء المناطق الحدودية في منطقة رفح أو محاولة فرض منطقة عازلة بعمق من 10إلى 20كيلو أو من حدود رفح إلى منطقة الشيخ زويد تحديدا. لكن .. هل سيتم تحقيق الهداف المرجوة في الحد من العمليات الإرهابية أو القضاء عليها رغم انه لو تم ذلك ستكون هناك تدابير وإجراءات معقدة بديليه وصعبة للغاية سوف تتخذ ضد سكان المناطق الحدودية وهي مناطق مكتظة بالسكان ..؟!!