ووصل ما انقطع قسرا
ما قاله رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة عن خطوط كبرى ومبادئ تقوم عليها الدبلوماسية التونسية وهي التواصل وإيجاد علاقات طيبة مع كل الدول الصديقة والشقيقة، أمر يبشر بإمكانية عودة العلاقات الطبيعية بين بلاد العرب .
جمعة أضاف "نحن نتعامل مع الواقع الذي استوجب أن تكون لنا علاقات مع الشقيقة سوريا، وفتحنا مكتباً. والفريق القادم يحدّد المستقبل ، وأن ما نعتبره نحن صحيحاً قمنا به، وهو استعادة العلاقات مع سورية، وفتحنا مكتباً لرعاية شؤون التونسيين، فالتونسيّون من حقهم أن ترعاهم الدولة، وفي سورية هناك معطى أمني، فوجود بعض التونسيين في جبهات القتال أمرٌ نرفضه ولا نريده".
استعادة العلاقات مع سورية من أساسيات نجاح العمل العربي المشترك و التضامن العربي و الوحدة العربية المنشودة .. كان ذلك في الماضي و هو كذلك اليوم و سيكون في المستقبل ، و أن يجرؤ مسؤول عربي على قول و تبني هذه الحقيقة اليوم ، لهو دليل على فشل "الربيع العربي " الذي دمر و يدمر الذات العربية بكل مكوناتها تحت ذرائع واهية لا تغني و لا تسمن من جوع .
من تونس الخضراء إلى دمشق الفيحاء ، يبدأ تنشيط الذاكرة و استنهاض الهمم ، و إعادة قطار العلاقات العربية البينية على السكة الصحيحة من جديد بعيدا عن المناكفات و الأحقاد و الرضوخ للأجندات العدوانية و النزوات السياسية لكثير من أصحاب القرار على امتداد الجغرافية العربية.
على الفريق القادم في تونس بعد انتهاء الانتخابات أن يتخذ قرارا جريئا و نزيها بإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها بين تونس و سورية ، لا بل العمل على تفعيل وتوطيد هذه العلاقات الأخوية في كل المجالات لتكون منطلقا لبناء علاقات عربية بينية مثمرة على الصعد كافة ، و الملح فيها اليوم مواجهة الإرهاب و التطرف و الروح الانهزامية التي سيطرت على السواد الأعظم من الشارع العربي .
دعوة علها تجد أذانا صاغية في تونس و غيرها ، لأنه من الواضح أن ما يجري اليوم في الوطن العربي تحت مسمى "الربيع العربي " لا يخدم العمل العربي المشترك و التضامن العربي و الوحدة العربية التي نريد لها أن تنجز الآن و ليس غدا . و الدروس و العبر جمة يمكن استخلاصها من الماضي البعيد و القريب و من الحاضر العربي و الدولي المشوه بأفعال طغاة تجبروا على العروبة و الإسلام معا و على الحضارة الإنسانية .
اليوم تجدد سورية ، دولة المقاومة و الممانعة و الريادة في الصمود و التحرير و البقاء ، التأكيد أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها . وهذا يبدأ بالقضاء على مظاهر الإرهاب المتفشية في المنطقة، واحتواء ما يشوب العلاقات العربية من سُحُبٍ لتنقية الأجواء ولم الشمل، وإشاعة جو من الثقة بين أعضاء الأسرة العربية الواحدة، آخذين في الاعتبار أولًا وأخيرا تأمين المصالح العربية العليا المشتركة، والحفاظ على التضامن العربي، الذي يشكل صمام الأمان، وحجر الزاوية لاستعادة وحدة الموقف العربي في هذه المرحلة إزاء التحديات الراهنة، التي توسعت في المنطقة والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة على اتساعها ، وتحقيق ما نصت عليه المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية ، وهو "توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها".
ولأن المستقبل سوف يكون لأمتنا ، فلن تكون هذه الأرض مستقرا للإرهاب و للاحتلال و للطغاة على مختلف أحجامهم و ألوانهم و ما أكثرهم و ما هم إلا نعاج على ولائم أسيادهم .