الى متى.. سنبقي علي حالنا ؟؟

بقلم: وفيق زنداح

اذا ما سأل كل واحد منا نفسه عن مساحة الرضا عما نحن عليه ...واذا ما سألنا أي مواطن او مسئول أو قائد أو فصيل ومساحة الرضا عما نحن عليه ...فلا أعتقد أن هناك من يمكن أن يجيب بالإيجاب ....لماذا برأيكم ؟؟!! لان أحوالنا علي المكشوف ...وعلي الهواء مباشرة ..وعلي ألسنة الناس ..وبين العامة والخاصة ...كلا يتحدث عن حالة عدم الرضا والغضب ...وكلا منا يفرغ ما بداخله ...وحتي جلد الذات ...والغضب الشديد ....نعلو بصوتنا ...وأحيانا نخفض صوتنا ...وربما نهمس في اذان بعضنا عما وصلنا اليه من حال...ونخفض أحيانا صوتنا ونهمس في أذان بعضنا تعبيرا عن غضب كبير ..واستياء شديد من أحوالنا البائسة ...وظروفنا القاهرة ...الكل يشكو للكل ...ولا نعرف من يمتلك مفاتيح الحل لمشاكلنا وما وصلنا اليه من ظروف صعبه ..غايه في التعقيد والتشابك لدرجة عدم القدرة علي الامساك بأول طرف الخيط للمشكلة التي يمكن أن نبدأ بها ومن خلالها نبدأ حلحلت مشاكلنا وايجاد الحلول المتواضعة للبعض منها ...علي طريق امكانية ايجاد الحلول الشاملة لمجمل مشاكلنا السياسية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية .

مشاكلنا المتعددة والمتشابكة والمترابطة يصعب الفصل بينها ...وايجاد الحلول السريعة لها حتي لو اتينا بأعظم الفلاسفة والمفكرين والخبراء ...ليس لاستحالة الحل ....ولكن لغياب ارادة ونوايا الحل ....لماذا ؟!!.

لأننا يبدو اننا قد اعتدنا أن نعيش علي الاستثناء وعلي قهر ذاتنا وربما جلد ذاتنا ..والاخطر سادية التعامل بيننا .

نعرف وندرك أن الاحتلال الغاصب وممارساته ومخططاته سببا رئيسيا فيما ألت اليه أحوالنا وهذا ما نردده صباح مساء وعلي مدار اللحظة ....لكننا نغفل ما تصنعه أيادينا... وما يتمخض عن فكرنا ومنهجيه عملنا ...وما يشعشع بداخلنا من أمراض مزمنة تولدت بفعل تعبئة تنظيمية خاطئة ...وثقافات دخيلة ...وأجندات فصائلية ...وأهواء شخصية لا زالت جميعها تنخر بعظمنا ولحمنا ونسيجنا وثقافتنا وعلاقتنا الداخلية ...لم يعد خافيا أننا لا زالنا نقصر بمعالجة مشاكلنا الداخلية وظواهر سلوكياتنا السلبية ..ونبذل جهد كبير في تجميل صورتنا ...والتغطية علي عيوبنا ...بعكس الحقيقة ومرارة الواقع ....فالي متي سنبقي علي حالنا ؟؟!!!

طالما غابت النوايا الحسنة ....والارادة الحقيقية للتغيير ...وطالما غلبنا الانا العالية والذاتية الشخصية ..والاجندات الفصائلية علي حساب الوطن وقضيته ....سنبقي علي حالنا طالما لم نمتلك ارادة الوحدة ومنهجية الفكر الجمعي لحل مشاكلنا ....طالما لم نميز بين التنافس والصراع وما بين المشروع وغير المشروع ...وما بين الفشل والنجاح .....مما أوصلنا الى ثقافة عدم الاحترام ...وثقافه الشك وعدم اليقين ...مما أضر بمصالحنا وزاد من أعباءنا وظروف قهرنا .

وحتى نكون أكثر صراحة ووضوح ....فنحن مبدعين بإفشال بعضنا ....مبدعين بالتصيد لأخطاء بعضنا البعض ....مبدعين في خلق الازمات ...مبدعين في الاعاقة والتعقيد .

لسنا في حالة ترف فكري ...كما نحن لسنا بمتسع من الوقت ....للحديث واستمرار التشخيص لأحوالنا وابراز عيوبنا وسلبياتنا ...دون امتلاك أدوات وارادة العمل ...والنوايا الحسنة ...والفكر المخطط علي قاعدة امكانيات متاحة ...وليس شعارات فضفاضة ...وتمنيات حالمة .

لان استمرار سياسة الترقيع والتجميل والتعاطي مع قشور القضايا دون الامعان بجوهرها .سيبقي علي أحوالنا ...وستزداد أوضاعنا سوء ...ونحن بحالة خوف شديد لمواجهه حقيقه مشاكلنا ...وطرح قضايانا بصراحة شديدة ...مما سيطيل ويعمق من أزماتنا وانعكاساتها السلبية.

نحن في أصعب أوقاتنا ...وأزماتنا عديدة ومتشابكة ولا نعرف كيف نحلها ...بل لا نعرف من أين نبدأ....والاهم أننا نخاف من اين نبدأ ...حتي لا تكون ردود الافعال غير محتملة في ظل عدم تعودنا علي الصراحة والمكاشفة.... وما اعتدنا عليه من سياسة الطبطبة والتجميل والترقيع والالتفاف علي المشاكل والمصاعب التي تواجهنا ...لم نعتاد علي قول (لا) علي المكشوف وبصراحة ....أو قول (نعم) ...أصبحنا من دعاه ثقافة (نعم) ازاء أي موضوع أو مشكلة تواجهنا حتي وصلنا الى مرحلة صعوبة حل قضايانا .

نعلو بصوتنا ومن خلال خطاباتنا وتصريحاتنا ولقاءتنا حول الوحدة ولا نعمل علي تحقيقها علي أرض الواقع ..ونعلو بصوتنا علي اهمية المصالحة وانهاء الانقسام والواقع لا يتحدث عن ذلك ..ونعلو بصوتنا حول أهميه ترتيب أوضاعنا ..ولا نري ما يفيد ذلك ...كل شى ونقيضه في حياتنا وشعاراتنا وتصريحاتنا التي تخرج لمحاولة ارضاء الناس حتي أصبحت كطحن الماء والهواء ...وأصبحنا علي لا شى ..قالوا مصالحة لا نلمس ايجابياتها ...قالوا حكومة توافق لم نلمس عملها ووجودها ...قالوا وحدة وجدنا مناكفات وتصريحات مبطنة وعلنيه لا تستقيم مع الوحدة الوطنية واهميتها ....قالوا توحيد المؤسسات والاندماج الكامل للوزارات ولا زالنا نسمع عن وزارة هنا ووزارة هناك ....ولم نلمس وجود وولاية كاملة لحكومة التوافق في المحافظات الجنوبية .

لا زال المشهد قائما ...والانقسام طاغيا... ولا جديد الا زيارات هذا الوزير أو ذاك .... ما بعد زيارة الحكومة ورئيسها ليوم واحد قبل مؤتمر اعادة الاعمار... قلنا اذا ما كانت هناك مصالحة حقيقية ..واذا ما كانت هناك حكومة توافق لكل الوطن ..فيجب أن يكون هناك ولاية وسيطرة كاملة وتسلم كامل للوزارات والمؤسسات والمهام وحتى انتهاء عمل هذه الحكومة وتكليفها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ....لا يعقل أن تكون هناك حكومة توافق ...وتدير ما تيسر لها وما هو مسموح لها من خارج القطاع وهي بالأصل حكومة توافق قد جاءت نتيجة المصالحة ومعالجة ما ترتب علي الانقسام لتوحيد المؤسسات والوزارات ودمج العاملين بالمؤسسات الحكومية وتهيئة أجواء الانتخابات والتحضير لها ...كيف يعقل لحكومة أن تتحمل كامل المسئولية وهي لا زالت تمارس عملها من خارج القطاع.... هنا تكمن مشكلة النوايا والارادة الحقيقية للمصالحة .

ان واقع الحال في ظل هذا الدمار والتهجير والتشريد للألاف من السكان دون مأوي وفي ظل واقع مشاكلنا الاقتصادية والخدماتية والبطالة المتفشية داخل المجتمع ...فلا خريج يعمل ..ولا عامل يعمل ..ولا مصنع يعمل ..ولا تاجر يعمل ..الكل ينتظر ولا نعرف الى متي سنستمر علي حالنا ....الذي لا يسر صديق ..ولكنه بالتأكيد يسر كل عدو .