في ذكرى وعد بلفور المشؤوم

بقلم: نعيم إبراهيم

من يحاسب الذين يلبسون الحق بالباطل؟

في الثاني من تشرين الثاني / نوفمبر من كل عام ، تعود إلينا و للعالم ذكرى وعد بلفور .. الجريمة الدولية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية و الإسلامية جهارا نهارا ضمن لعبة أمم مستمرة وفق مسارات دموية يندى لها الجبين .

وعد بأي حال عدت يا وعد .... بدولة أم بدولتين أم بعشرات.. جديدة ؟

يتفق السواد الأعظم من البشر على انه وعد شكل سابقة فريدة في التاريخ، أعطت بموجبها الحكومة البريطانية ما لا تملك لمن لا يستحق ، و لم تبادر إلى الاعتذار مع اقتراب 100 عام على فعلتها الشنيعة رغم نداءات صدرت عن الحملة الدولية لمطالبة بريطانيا بالاعتذار عن هذا الوعد ، و مطالبات فلسطينية و عربية و إقليمية و من أصدقاء الشعب الفلسطيني في العالم .

ما عادت لغة الكلام تجدي مع الاحتلال و لا مع صاحبة الوعد التي تزعم اليوم عبر بعض سياسييها تقديم اعتراف غير ملزم بالأساس بالدولة الفلسطينية العتيدة التي يراد لها أن تولد ولادة قيصرية ستموت حتما قبل إخراجها من رحم مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس .

أما رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو فهو يرد "دولة" يهودية نقية مستندا إلى ارث صهيوني حافل في القتل و التدمير و النهب و التشريد و التآمر مع أرباب الصهيونية في العالم و منهم الولايات المتحدة الأمريكية و قبلها و بعدها بريطانيا ، و إرهابيون دوليون جاؤوا بناء على وعد من هاتين الدولتين و غيرهما من حلفاء عرب و عجم ، و على رأسهم الكيان الصهيوني ، ب "ربيع عربي " يؤسس لمشروع تفتيت ما بقي من لحمة وطنية و قومية عربية .

ما أشبه اليوم بالأمس القريب و البعيد لجهة تعاطي دول زعمت الدفاع عن حقوق الإنسان بوعود يتغير شكل الخطاب فيها مع إبقاء الجوهر على حاله ، و هنا لا بأس من تنشيط الذاكرة بقراءة وعد بلفور الشهير :

عزيزي اللورد روتشيلد..

يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:

"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطنٌ قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.

المخلص آرثر جيمس بلفور

لنفترض جدلا النوايا الطيبة للسيد بلفور الذي لو قدر له أن يعيش إلى يومنا هذا و شهرنا هذا و عامنا هذا ، و قد أراد أن يطلع على حال الشعب الفلسطيني و ما أصابه من تداعيات وعده لشذاذ آفاق أتوا من أصقاع الأرض .. كل شيء في فلسطين التاريخية استهدفه الصهاينة من حقوق مدنية و دينية و بات الفلسطينيون في جلهم مشتتين في كثير من دول العالم . و لغة الأرقام إذا ما عاد إليها بلفور و المجتمع الدولي اليوم كفيلة بسبر غور ما فعلته و تفعله الجريمة البلفورية ضد بيت المقدس و أكنافه إذ لا تتسع هذه العجالة للحديث بهذه اللغة و هي في متناول الجميع ، كما هي حال القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية حبيسة الأدراج .

من يدري ؟ قد يأخذ حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين أو ربما حل ثلاث الدول أو العشرة أو العشرين في فلسطين و المنطقة طريقه إلى التكريس مع تقادم الأيام و السنين إذا ما واصل أبناء و أحفاد تيودور هيرتزل و بلفور و غولدمائير و موشي ديان و... و إن رأيناهم اليوم يلبسون طاقية الكابوي الشهيرة للعم سام و يلبسون الجلباب العربي و يلبسون الحق بالباطل و ينكرون حق الشعب الفلسطيني في دياره المقدسة ووطنه التاريخي .

لا لن يكون لهم ذلك .. يمموا وجوهكم صوب القدس و المسجد الأقصى المبارك و الضفة و غزة ، أي صوب فلسطين كل فلسطين حيث تستمر الانتفاضة و المقاومة الشعبية و المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني .. حتما سيأتيكم الخبر اليقين باستمرار صمود و بقاء تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه و دياره و عودته إلى وطنه فلسطين التاريخية بعد انتصاره المؤزر و ما ذلك ببعيد.