العلاج بالخارج مدعاة للشك

بقلم: أسامه الفرا

بات العلاج بالخارج هماً يلاحق المرضى ويقض مضجعهم، ومرضى السرطان هم الأكثر حاجة له وهم الأكثر تلمساً لرحلة المعاناة مع العلاج بالخارج، وفي الآونة الأخيرة تفاقمت المعاناة وتتحمل دائرة العلاج بالخارج برام الله القسط الوافر منها، يشرف على العلاج بالخارج اللجنة الطبية العليا للعلاج خارج مستشفيات وزارة الصحة، ودائرة العلاج التخصصي او العلاج بالخارج، حيث تتواجد دائرة بمحافظات قطاع غزة تتبع بشكل مطلق دائرة العلاج بالخارج بمحافظات الضفة الغربية، وحددت وزراة الصحة قائمة بالأمراض المشمولة بالعلاج خارج مستشفيات وزارة الصحة، والعلاج بالخارج يعني العلاج خارج مستشفيات وزارة الصحة وليس بالضرورة خارج الوطن، حيث يتم تحويل المرضى إلى مستشفيات القدس وداخل الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا بالاضافة إلى تحويلات لمستشفيات داخل الخط الأخضر ومصر والأردن.

موازنة العلاج بالخارج للعام الماضي بلغت 380 مليون شيكل، من أصل موازنة وزارة الصحة التي تقترب من مليار ونصف شيكل، تذهب نصفها تقريباً لتغطية رواتب الموظفين، الملفت بالأمر أن وزارة الصحة تنفق يومياً ما يعادل مليون شيكل للعلاج بالخارج، والملفت أيضاً أن ما أنفقته وزارة الصحة العام الماضي على المستشفيات الحكومية بلغ 130 مليون شيكل، أي أن موازنة العلاج بالخارج تعادل ثلاثة أضعاف الموازنة المتعلقة بالمستشفيات الحكومية، لعل الأرقام كافية لتفسير حجم شراء خدمة العلاج بالخارج من مؤسسات صحية فلسطينية غير حكومية أو تتبع القطاع الخاص والتي تشكل 80% من حجم العلاج بالخارج.

لعل ذلك يشير بشكل جلي إلى الفارق في الخدمة الصحية التي يقدمها القطاع الخاص عن تلك التي تقدمها المستشفيات الحكومية، ما يقارب من خمسين الف تحويلة علاجية سنوية غالبيتها تذهب إلى القطاع الأهلي أو الخاص، في غياب شبه واضح لسياسة صحية مهمتها تطوير الخدمة الصحية في المستشفيات الحكومية ووقف نزيف العلاج بالخارج، فإن كنا نتقبل التحويلات العلاجية لمستشفيات القدس لما لها من دور في تعزيز مكانتها من جانب وتواصل لأهلنا مع مدينتهم المقدسة من جانب آخر، فكيف يمكن لنا أن نتقبل هذا الكم الكبير من التحويلات للمستشفيات الخاصة والأهلية في الضفة الغربية؟.

لعل تقليص حجم العلاج بالخارج يتطلب بالمقام الأول تطوير الخدمة الصحية في المستشفيات الحكومية، والذي بدوره يحتاج لمضاعفة الموازنة المتعلقة بما تصرفه الوزارة على المستشفيات التابعة لها، بما يمكنها من توفير الأجهزة والمعدات والأدوية من جهة والطواقم البشرية الكفؤة من جهة ثانية، ما الذي نحن بحاجة إليه مادياً لتطوير قسم في مستشفى حكومي، والاستعانة بخبرات بشرية في ذلك المجال يمكن لنا أن نستقدمها من دول الجوار أو من الكفاءات الفلسطينية المنتشرة في أصقاع المعمورة؟، لا أعتقد أن القصور المادي هو المعيق فحجم الانفاق السنوي على العلاج بالخارج يتكفل بإحداث طفرة في الخدمة الصحية.

أعتقد أننا بحاجة إلى وضع سياسة صحية تهدف بالمقام الأول إلى تطوير الخدمة الصحية في المستشفيات الحكومية تلتزم الحكومة بتوفير مقتضيات نجاحها، سواء ما يتعلق منه بحجم الانفاق على المستشفيات الحكومية وتطويرها والاستعانة بالخبرات البشرية وتوسيع وتطوير نظام ابتعاث الأطباء، وفي غياب السياسة الواضحة يبقى موضوع العلاج بالخارج مدعاة للشك ومحط ألف سؤال وسؤال.