حركة فتح ...والذكري مهرجان وفاء الملايين (2) .

بقلم: وفيق زنداح

المشروع الوطني ...والثوابت الوطنية ...و القرار الوطني المستقل ...عاش واستشهد من أجلهما قائدنا ورمز نضالنا الشهيد ياسر عرفات ...الذي لا زال الاساس والركيزة لصمودنا عنفواننا وشموخنا ..علي طريق استكمال مسيرة كفاحنا الطويل والمرير من خلال تضحيات جسام عمدت بدمائها فكرة الثورة ...فكانت حركة فتح تشكل البدايات الاولي لفكرة وطن وثورة شعب وكفاح لا يتوقف ...حتي تتحقق الاهداف التي من اجلها كانت فتح والثورة الفلسطينية المعاصرة ...وحتي يومنا هذا برغم كافة الاخفاقات التي اعترت المسيرة .
بدايات كفاحية ونضالية انطلقت بالأول من يناير 65 ....ليبذغ فجر جديد ..فجر ثورة شعب من خلال ارادة لا تعرف المستحيل بلورت فكرتها وأنضجتها وجعلت منها ثورة تنطلق من كل مخيم ومدينة ومن داخل أزقة وشوارع الوطن ...ثورة التف من حولها خيرة شباب الوطن في ظاهرة هي الانبل والاكثر قدرة علي ازاحة ستار الصمت والاستكانة وحالة الضياع لشعب صمم علي أن يرفض الهوان والاستسلام والهزيمة ليبعث في روح الأمة دماء جديدة ونصر فريد ومتميز ما بعد هزيمة حزيران67 ....ليفشل العدو الاسرائيلي من امكانية استمرار نصره... وايقاع الهزيمة الساحقة بقواته في 21 مارس 68 بمعركة الكرامة التي أعادت للأمة كرامتها وللعرب أمجادهم ولتاريخ صراعنا نصرا مظفرا في لحظات عصيبة لم يكن يتوقعها عدونا الاسرائيلي ...لتخرج الثورة الفلسطينية وعلي رأسها حركة فتح مرفوعة الرأس وهي اكثر قوة وصلابة علي درب مواصلة مسيرة الكفاح الوطني .
ما بعد أحداث أيلول سبتمبر بالعام 70 خرجت قوات الثورة الفلسطينية من الاردن الي سوريا ولبنان حيث مخيمات اللجوء والشتات والتي وفرت أرضية اكبر لإنشاء قواعد انطلاق فدائي واعلامي جماهيري علي أعلي مستوي في ظل امكانيات متواضعة .
حرصت حركة فتح علي اقامة علاقات وطيدة وطيبة مع كافة الدول العربية علي أرضية عدم التدخل بالشأن العربي واحترام سيادة الدول وخصوصية أوضاعها كما احترام الشأن الداخلي الفلسطيني ...علي هذه القاعدة الاساسية لبناء العلاقات العربية كانت القاعدة الأخرى تحريم استخدام السلاح الفلسطيني في معارك جانبية لا علاقة لها بفلسطين وتحريرها ...مع امكانية فتح علاقات طيبة مع كافة القوي والاحزاب والتيارات الفكرية السياسية في وطننا العربي علي قاعدة الدعم والمساندة لفلسطين وشعبها وثورتها... وفي ذات السياق ولنفس الاهداف وعلي ذات القواعد كانت علاقات واسعه مع الاحزاب والحركات السياسية بكافة دول العالم نصره لفلسطين وشعبها وثورتها .
دخول القوات الفلسطينية الى مخيمات لبنان من البداوي ونهر البارد وعين الحلوة الي برج البراجنة وصبرا وشاتيلا ومناطق بيروت الغربية والجنوب وحتي شمال لبنان كانت قوات الثورة متواجدة وتعمل من أجل فلسطين ...الا ان الاوضاع اللبنانية في ذلك الوقت ما بين الاحزاب القومية والشيوعية والناصرية والديمقراطية علي خلاف مع حزب الكتائب والوطنيين الاحرار وما كان يجري في بعض الاحيان من اشتباكات ما بين الطرفين.. كانت قوات الثورة الفلسطينية تعمل علي وقفها حفاظا علي أمن وسلامة المناطق التي تتواجد بها القيادة الفلسطينية والمؤسسات التابعة لها وحتي تتوفر الظروف الموضوعية والذاتية للتخطيط والقيام بعمليات فدائية عبر الجنوب اللبناني وسفوح جبل الشيخ ...ولم تختصر العمليات الفدائية من خارج الحدود بل كانت الخلايا الفدائية ومن خلال مسئولية القطاع الغربي منتشرة بكافة المدن والمخيمات داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة وما شهدته الاراضي الفلسطينية من عمليات نوعية افقدت العدو صوابه واتزانه .
بالعام 78 قامت اسرائيل باجتياح لبنان والتي سميت بعملية الليطاني في محاولة لكسر شوكة الثورة ووقف تصاعد قوتها العسكرية وفعلها الاعلامي ....الا أن القوات الغازية الاسرائيلية قد فشلت في تحقيق أهدافها لكنها استمرت في سياسة اغتيالاتها للقادة والكوادر فمن عملية الفردان في منطقة كورنيش المزرعة التي راح ضحيتها الشهداء الثلاثة كمال عدوان ...وأبو يوسف النجار ..وكمال ناصر . الى جملة الاغتيالات والتي راح ضحيتها العشرات من القادة ومنهم علي سبيل المثال وليس الحصر سعد صايل وماجد أبو شرار وأبو علي حسن سلامة وما تم من اغتيالات في بعض الدول وعلي سبيل المثال وليس الحصر عاطف بسيسو وفضل الضاني وغيرهم الكثيرين في واقع معركة قاسية ما بين أمن الثورة والموساد الاسرائيلي والتي استمرت حتي ما بعد الخروج من بيروت في العام 82 واغتيال الشهيد القائد ابو جهاد ..وصلاح خلف ..وأبو محمد وغيرهم الكثيرين من قادتنا الشهداء .
لقد قدمت حركة فتح معظم أعضاء لجنتها المركزية وقياداتها الامنية والاعلامية علي درب الثورة وعبر مسيرة الكفاح .
اسرائيل وازاء تطور الفعل الفدائي للثورة الفلسطينية وعلي رأسها حركة فتح استمرت في عدوانها وضرباتها الجوية والمدفعية حتي تتاح لها الفرصة السانحة لغزو لبنان وهذا ما تم في يونيو 82 في أطول حرب استمرت 88 يوما لم تستطع اسرائيل وقواتها ومن تحالفوا معها أن يحققوا الاهداف المعلنة والتي كانت اسرائيل ترددها بأنها ستقضي علي قوات الثورة الفلسطينية وستعتقل كافة القيادات وعلي رأسهم الشهيد القائد أبو عمار .
قامت القوات الاسرائيلية في هذه الحرب بمحاولة الدخول الى بيروت الغربية عبر بيروت الشرقية الا انها فشلت فكان التحرك للمبعوث الامريكي فليب حبيب وما طرح من أجل خروج القيادة وقوات الثورة من لبنان بصورة امنة بعد التخلي عن سلاحهم الا ان الرئيس القائد أبو عمار رفض ذلك وأصر علي ان يكون الخروج أمننا ومشرفا حفاظا علي لبنان وشعبها .
خرجت قوات الثورة الفلسطينية والقيادة الى تونس وهناك بعض القوات ذهبت الي سوريا واليمن والسودان وهم حاملين اسلحتهم الخفيفة والثقيلة .
خروج الشهيد ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية والسؤال الذي لازال يردد لياسر عرفات الى أين يا أبو عمار ...قال الي فلسطين ..كان مدركا لما يقول ويعرف الى اين الاتجاه بحكمته وحنكته السياسية .
استقرت القيادة الفلسطينية في تونس الخضراء التي احتضنت القيادة الفلسطينية في ظل استمرار محاولات اسرائيل لاغتيال القائد الشهيد أبو عمار والقصف الجوي لمقر القيادة في محاولة لاغتياله وفشلت المحاولة كما محاولات عديدة الا انهم نجحوا في اغتيال الشهيد أبو جهاد وأبو اياد وغيرهم من قادة حركة فتح ..ما بعد الخروج من بيروت وخروج القوات الي سوريا استقرت بعض القوات في طرابلس لبنان حيث قامت جماعة أبو موسي المنشقة باستخدام السلاح وفرض ارادة التغيير والاصلاح بالقوة العسكرية ومن خلال الارتباط بالنظام السوري مما أفشلها وأفشل رؤيتها الاصلاحية وما تم من مواجهه معها والتي كان يقودها الشهيد القائد ابو جهاد في منطقة طرابلس والذي لحق به القائد الشهيد أبو عمار متخفيا عن طريق البحر مما يؤكد علي أن هذه القيادات الفتحاوية كانت حريصة ومؤمنة باستقلالية القرار الوطني الفلسطيني كما كانت متمسكة بالمشروع والثوابت الوطنية وأنها حريصة علي وحدة فتح وأن يكون الخلاف والاجتهاد داخل القنوات الرسمية والشرعية .
الشهيد القائد الرئيس أبو عمار كان فدائيا سياسيا اعلاميا كان يدرك ما يريد بذكائه العالي وتحركاته المستمرة كما كان قادرا علي استقراء الواقع ورؤية المستقبل وما يجري من متغيرات سياسية علي خارطة السياسة الدولية .
تحدث لي صديق عزيز وهو اعلامي بارز. وكاتب محترف ..ومناضل عنيد ..وفتحاوي صميم ..كان بجوار الشهيد ياسر عرفات عن حادثة طريفة ولكنها لها مدلولات كبيرة حيث حضر في احدي الليالي أحد الصحفيين الاجانب الي مقر القيادة مطالبا مقابلة الرئيس لإجراء مقابلة صحفية معه ...وعندما تم سؤاله عن اسم الصحيفة أو الوكالة التي يمثلها ...قال لهم (البلاي بوي ) استغرب المستشارين ورفضوا ان يتحدث قائد الثورة ومفجرها لمجلة في هذا المستوي ...وعندما دخل صديقي الى الرئيس قائلا له ..سيدي الرئيس كيف لكم أن تتحدثوا مع مثل هذه المجلة ....فضحك الرئيس أبو عمار وقال لهم ...هذه المجلة يقرأها اكثر من مائه مليون علي مستوي العالم هل تريدون مني أن أضيع فرصة كهذه ...وتم اللقاء وهذا ما يدلل علي أن قائدنا ورمزنا ياسر عرفات لم يترك صغيرة ولا كبيرة وطرق كافة الابواب وتحمل الكثير من أجل فلسطين وشعبها .
كان قائدا عملاقا وشامخا في حياته ...كما هو عملاق أكبر في مستقرة ومماته ...لأنه عنوان لفلسطين ...وعنوان لقدسها وأقصاها ..وهو لازال بصورته وهو يبتسم ويرفع شارة النصر... بكل ثقة واقتدار وقناعة راسخة ..أن الفجر أت ..وأننا علي موعد مع النصر ..

وانها لثورة حتي النصر.
(وللحديث بقية )

الكاتب : وفيق زنداح