للقدس سلام.

بقلم: وفيق زنداح

ما بعد نكسة حزيران 67 كنت بالخامس عشر من عمري أراد والدي رحمه الله أن يأخذنا الى القدس حتي يعرفنا علي مدرسة الأيتام الاسلامية التي عاش فيها لمدة 25 عام وهو طفل صغير وأصبح شابا وتزوج في مدينة القدس من والدتي السورية ...والدي المعروف في كتب التاريخ أنه الفدائي الصغير الذي ساهم بطفولته وبحكم تواجده بالقدس في مواجهه قوات الاحتلال البريطاني والحركات الصهيونية التي كانت تعمل علي قتل العرب الفلسطينيين ..كان والدي يحدثني عن القدس والأقصى وباب العمود بعشق وحب كبير لهذا المكان الذي عاش وتربي فيه حتي أنه عمل في صيدلية العلمي والتي اصبحت بعد ذلك بنك باركلز...كان عاشقا ومحبا للقدس وكان دائم الزيارة فله اصدقاء عدديين بحكم سنوات عمره التي قضاها في هذه المدينة المقدسة والتي عاد منها الى غزة مكان مولده بعد أن أصبحت العمليات العسكرية الارهابية لقوات الانتداب والعصابات الصهيونية علي مدار اللحظة في المدينة المقدسة فما كان له الا ان يعود هو ووالدتي ليستقروا في غزة .
ما دفعني الى هذه المقدمة أن القدس لم نعرفها فقط من خلال الكتب ولكننا عرفناها وعشقناها من خلال تجربة الاباء والاجداد والتي شكلت في ضمائرنا وقلوبنا عنوانا ورمزا وطنيا ودينيا ...وهي تشكل بالأساس جزء أصيل من وطننا الفلسطيني ..ومن مشروعنا الوطني الذي نسعي لتحقيقه عبر مسيرتنا النضالية الطويلة ..والمعمدة بدماء الالاف من الشهداء والجرحى .
مكانة القدس كبيرة وعظيمة وعاصمة أبدية لدولة فلسطين التي نعمل علي تحقيقها ...فلماذا هذا الاستهداف الارهابي الاستيطاني لغولات المستوطنين لمدينة القدس وللأقصى ؟؟اسرائيل تدرك تماما أن القدس خط أحمر ..وأن مقدساتنا الاسلامية والمسيحية لا جدل ولا نقاش فيها وهي في صميم القلب والوجدان ...فلا سلام دون القدس ...وبالقدس يكون السلام ...وطالما أن اسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء وتحاول العبث بالقدس والمقدسات من خلال الاستيطان والمستوطنين فانها بذلك تؤكد علي أنها لا تريد السلام ...بل انها تسعي جاهدة من أجل اجهاض كل أمل لإمكانية تحقيق السلام ... لمعرفة الاسرائيليين أن القدس بالنسبة لنا تشكل حياتنا ومسري نبينا محمد وهي اولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ..وهي بهذه الخطوات الاستفزازية الاستيطانية انما تدفعنا الى خيارات وردات فعل لم نكن نريدها .
حكومة نتنياهو واستمرار تجاهلها لمتطلبات السلام انما تدخل المنطقة الى مخاطر جديدة والى عنف متصاعد والى نتائج لا يمكن تقديرها أو حسابها ...لذا فان رسالتنا الفلسطينية محددة بالنقاط التالية :
أولا : القدس جزء لا يتجزأ من الاراضي الفلسطينية المحتلة وهي العاصمة الابدية لدولة فلسطين .
ثانيا: إن اى اتفاقية سلام يمكن ان تبرم مع الجانب الاسرائيلي تلزم الجميع ان تكون القدس جزءا أساسيا من الوطن الفلسطيني .
ثالثا : القدس عاصمتنا الابدية ولها مكانتها الدينية والتاريخية والثقافية والتي تفرض عدم المساس بها وان أي تغييرات يمكن أن تحدث لا تعتبر شرعية وغير قانونية ولا تمثل أمرا واقعا كما يتوهم الإسرائيليون.
رابعا: اضافة الى أن القدس عاصمتنا الابدية وجزء من أرضنا الفلسطينية فإنها تمثل مكانا مقدسا للملايين من المسلمين والمسيحيين ولا يجوز المساس بهذه المكانة تحت أي حجج واهية ومزاعم تاريخية لا أساس لها من الصحة .
من هنا فان القدس اما أن تكون بوابه للسلام ...واما أن تكون بوابه للمواجهات والعنف وتخريب ما تبقي من امل بإمكانية تحقيق السلام ...هذا اذا ما كان هناك أمل .

الكاتب : وفيق زنداح