حركة فتح ..والذكري مهرجان وفاء الملايين (3)

بقلم: وفيق زنداح

ما بعد اعلان وثيقة الاستقلال في المجلس الوطني التاسع عشر بالجزائر والذي عقد بالخامس عشر من شهر نوفمبر وما تم من اعلان دولة فلسطين من خلال الشهيد الرمز أبو عمار ...كانت بداية لمرحلة نضالية سياسية جديدة استكمالا لمسيرة نضالية طويلة .
الانتفاضة الاولي والتي تفجرت في الحادي عشر من شهر ديسمبر 87 والتي شملت كافة ارجاء الوطن وشارك فيها كافة الشرائح الاجتماعية والاطياف السياسية تحت قيادة ..القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة والتي كانت تعمل تحت شعار
الانتفاضة مستمرة ...حتي زوال الاحتلال
وتحقيق الحرية والاستقلال.
هبت الجماهير الفلسطينية بكل شرائحها وانتماءاتها وارسلت رسالة فلسطينية قوية ومدوية بعدم امكانية استمرار الاحتلال ...والاصرار علي الحرية والاستقلال ...ولقد اشعل لهيب الانتفاضة اغتيال الشهيد القائد أبو جهاد (خليل الوزير ) في تونس ...واستمرت الانتفاضة لسنوات وسقط العديد من الشهداء والجرحى واعتقل عشرات الالاف من أبناء شعبنا والتي لم تحول دون استمرارها عنفوانها وتأكيد رسالتها .
أدركت القيادة الفلسطينية وعلي رأسها الشهيد القائد ياسر عرفات انه لابد من الحصاد السياسي بعد مسيرة الكفاح المسلح والانتفاضة الشعبية والوسائل النضالية الأخرى ...فكانت أوسلو في سبتمبر 93 والتي تم التوقيع عليها في باحة البيت الابيض في واشنطن ورغم كل ما قيل ويقال عن اتفاقية أوسلو الا انها أكدت علي حقوقنا الوطنية وأهمية وجودنا ونضالنا داخل أرضنا بعد ما عانت القيادة والثورة من النضال من خارج الوطن ...كما وتم اسقاط العديد من المقولات للقادة الاسرائيليين والتي عبرت عن العنصرية وانكار الوجود والحق الفلسطيني ...فمنهم من كان يتمني أن يصحوا ليري غزة غارقة في البحر ...ومنهم من لا يري أن هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني ...ومنهم من يري ان اسرائيل من النيل الى الفرات ...وأن اسرائيل للإسرائيليين ولا وجود للعرب وحتي من يتواجدون علي أرض اسرائيل فعليهم بالرحيل والهجرة والنزوح ...ومنهم من كان يقول أن منظمة التحرير الفلسطينية منظمة ارهابية ...وأن ياسر عرفات الارهابي الاول ..وأن المقاومة الفلسطينية ارهابية ..أكاذيب وافتراءات واسطوانات مشروخة ومكررة ويعاد انتاجها وتفعيلها بكافة مراحل نضالنا الفلسطيني ومحطاته التاريخية .
اتفاقية اوسلو والتي وقعت بالعام 93 كانت عبارة عن ثلاثة مراحل تبدأ بغزة ..أريحا أولا وبعد ذلك اعادة انتشار للقوات الاسرائيلية عن مدن الضفة الغربية ما يسمي بالمنطقة ب ..والمرحلة الثالثة والاخيرة بالعام 99 والتي ستفضي الى دولة فلسطينية مستقلة وبطبيعة الحال لم تلتزم اسرائيل بهذه الاتفاقية كما لم تلتزم باتفاقية باريس الاقتصادية .
وفور اعلان اتفاقية أوسلو وعودة الرئيس الشهيد ياسر عرفات في الاول من يوليو 94 تأسست اول سلطة وطنية فلسطينية بناء علي قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير والذي جاء في سياق قرارات سابقة للمجالس الوطنية المتعاقبة والتي أكدت علي حق اقامة سلطة وطنية فلسطينية علي أي جزء يتم تحريره من أرضنا المحتلة .
عاد الرئيس الشهيد ياسر عرفات الى أرض الوطن من بوابة مصر الشقيقة واستقر في غزة المحبة له وعلي شاطئها وبحرها حيث كان مقر القيادة الفلسطينية في منطقة المنتدي .
السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية وعلي رأسها الاخ الرئيس الشهيد ياسر عرفات عملوا علي تأسيس أول سلطة وطنية من خلال وزارات ومؤسسات واجهزة شراطية وامنية .... وكان المشهد العام لهذه السلطة محل فخر واعتزاز لكنها لم تسلم من الاحتلال وتوغلاته وهجماته المتعددة وقصفه الدائم لكافة المقرات والمؤسسات بما فيها مقر الرئيس ياسر عرفات .
عملت السلطة الوطنية بكل ما تستطيع من جهد وتحرك سياسي لإلزام اسرائيل بما تم التوقيع عليه بأوسلو ...لكن اسرائيل استمرت بالمماطلة والتسويف وحتي يومنا هذا واجرت العديد من الجولات التفاوضية في واي ريفر وكامب ديفيد وطابا من أجل انجاز حل سياسي يؤدي الى دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية الا أن المواقف الاسرائيلية والانحياز الامريكي حال دون ذلك ...بعد أن رفض الشهيد القائد ابو عمار الاقتراحات الامريكية الاسرائيلية التي لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية .
عندها بدأت اسرائيل والولايات المتحدة في محاصرة شهيدنا القائد ياسر عرفات واعتبرته ليس شريكا وأنه يدعم ما يسمي بالإرهاب فزاد من الخناق والتضييق والحصار عليه واستمرار الحملات الاعلامية حول فساد السلطة ...وعدم ديمقراطيتها ...وأهمية أن يكون هناك رئيس وزراء للامساك بالسلطة التنفيذية بعيدا عن الرئيس الشهيد أبو عمار .
استمر التضييق والخناق والحصار للرئيس الشهيد ياسر عرفات في مقر القيادة الفلسطينية بالمقاطعة في رام الله حتي تم تسميمه واغتياله .
اغتيال الرئيس أبو عمار أضاف لرصيد هذا القائد زخم اضافي حتي أصبح يشكل في وجدان الفلسطينيين العنوان والقرار ..الدولة والاستقلال ..النصر أو الاستشهاد ...وفقد الاسرائيليون الامل بأن يجدوا فينا أو منا أو بيننا من يرفع شارة الاستسلام لمخططاتهم الاحتلالية وامكانية التنازل عن شبر واحد من أرضنا المحتلة .
تولي الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الوطنية بعد اجراء انتخابات ديمقراطية رئاسية وتشريعية ولا زال المشهد السياسي علي حاله ..ولا زال الموقف الفلسطيني علي صلابته وثباته فإما سلام حقيقي واقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية ...واما أن اسرائيل تدفع بالصراع الى خيارات متعددة يصعب تقديرها وحسابها في ظل ممارساتها العنصرية وعدوانها المستمر وحصارها الجائر واستيطانها المتواصل واستباحتها وتدنيسها لقدسنا ومقدساتنا .
فنم قرين العين يا سيد الشهداء ...فلا زالت الثوابت علي حالها ...ولا زالنا نتمسك بهذه الثوابت...ولم ولن نفكر بالتنازل والتفريط بعد مسيرة كفاح طويلة معمدة بدماء الالاف من خيرة أبناء هذا الوطن فداء لفلسطين وثوابتها وقدسها .
نم قرين العين يا قائدنا فلقد اصبحت حاضرا في القلوب والعقول ...كما أصبحت تاريخا مقدسا ومستقبلا مشرقا بما قدمت وضحيت من أجله ...ولا زلت فينا وبداخلنا وكلماتك ما زلنا نرددها بعمق ايماننا ورسوخ جبالنا... وشعبنا الذي ما زال علي العهد والقسم... برغم كل ما جري ويجري ...ولا زال يرفع شارة النصر...والكوفية لأنه شعب الوفاء ...شعب الفتح ...التي لا زالت علي عهدها ووحدتها وخياراتها المتعددة .
وانها لثورة حتي النصر...حتي النصر ..حتي النصر .

الكاتب :وفيق زنداح