تفجيرات غزة معاني ودلالات خطيرة

بقلم: راسم عبيدات

ما جرى فجر الجمعة من تفجيرات إجرامية إستهدفت منازل وممتلكات قياديين وأعضاء في حركة فتح،ومنصة إحتفالية إحياء الذكرى العاشرة للشهيد القائد الرئيس أبو عمار،يحمل الكثير من الدلالات والمعاني والمؤشرات التي تحمل أبعاداً غاية في الخطورة،وتدفع بالوضع الداخلي الفلسطيني الى المزيد من الإحتقان والتوتر والتصعيد،والذي قد يصل الى مرحلة العودة لإستباحة الدم الفلسطيني من جديد على مذبح الأجندات الخاصة والمشبوهة...وأي كانت الجهة التي أقدمت على هذه الجريمة النكراء والخطيرة،فهي ليست بعيدة عن أدوات وأيدي الإحتلال الصهيوني،فهذا الإحتلال يسعى الى تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي،ويريد ان يدخل الساحة الفلسطينية في صراعات وتصفيات داخلية،لكي يحقق الأهداف التي سعى اليها من شنه لعدوانه الأخير على شعبنا ومقاومتنا في قطاع غزة،والتي فشل في تحقيقها بفضل صمود مقاومتنا وشعبنا هناك وانتصارها على مشاريعه ومخططاته.
وهذه التفجيرات تأتي في ظروف ومرحلة خطرة جداً،حيث ان الإحتلال واحد من اهدافه بعدوانه الأخير على قطاع غزة،هو حرف الأنظار عن إجراءاته وممارساته بحق القدس والأقصى،لكي يسيطر عليهما بالكامل،ولكن صمود غزة وثبات اهل القدس وصمودهم أفشل هذا المخطط،ولكن الإحتلال لا يتخلى عن خططه ومشاريعه بسهولة،ويتحين الفرصة من اجل ان يعمل على تطبيقها وتنفيذها،وهو يرى بان الحالة الفلسطينية المنقسمة على ذاتها والضعيفة،وكذلك الوضع العربي وما يعانيه من انهيارات وتمزقات وصراعات مذهبية وطائفية،والوضع الدولي المشتبكة اقطابه في اكثر من موقع ودولة من اوكرانيا حتى اليمن،والتي لا تمكن من فرض حلول سياسية عليه،جعلته يقدم على شن حرب شاملة على مدينة القدس،حرب على البشر والحجر والشجر والأقصى،موقناً بان سينجح في ابتلاع القدس والسيطرة على الأقصى،ولكن حسابات حقله لم تاتي على بيدره،حيث ثبت له رغم كل ما قام به من اجراءات وممارسات قمعية وإذلالية بحق القدس والمقدسيين، بان الحلقة المقدسية عصية على الكسر،وهي قادرة على الحاق الهزيمة بمشروعه ومخططاته،وامام حالة الصمود الأسطوري للمقدسيين بدا الإحتلال يشعر بان الأوضاع في المدينة تخرج عن دائرة سيطرته،رغم كل الة حربه وبطشه،ولأن القدس اعادت المشهد والقضية الفلسطينية الى مركز الصدارة عربيا ودوليا فالإحتلال راى بان ذلك من شانه ان يشكل ضغطا دوليا وربما صحوة عربية ضد ما يقوم به وما يرتكبه من جرائم بحق القدس والمقدسيين ،وبالذات المسجد الأقصى، فأوعز الى ادواته الماجورة لكي تقوم بإرتكاب جرائمها في قطاع غزة،فجر الجمعة بسلسلة تفجيرات اجرامية بحق منازل وممتلكات قادة واعضاء في حركة فتح بالاضافة الى منصة احتفالية احياء الذكرى العاشرة للشهيد القائد ابو عمار،وهذه التفجيرات تهدف لتحقيق جملة من الأهداف غير حرف الأنظار عما يجري في القدس،فهي تريد ان تقطع الطريق على اي مصالحة او حكومة وفاق وطني،كواحد من اهداف الإحتلال بمنع اعادة اللحمة والوحدة الجغرافية والسياسية والإدارية لجناحي الوطن،وكذلك إغراق الساحة الفلسطينية في الصراعات والخلافات الداخلية،والتي قد تذهب حد تدهور الوضع الى حد العودة الى ما جرى في تموز /2007 من استباحة للدم الفلسطيني،ولكن هذه المرة على نحو اعنف واكثر دموية وشراسة،ونشر حالة الفوضى والفلتان على اوسع نطاق.

وكذلك واحدة من الأهداف الأخرى هو تعميق ازمة اهلنا وشعبنا في القطاع من خلال اعاقة عمليات الإعمار،ولإشتراط الموافقة عليها بالاستجابة للاشتراطات الإسرائيلية وما يسمى بخطة روبرت سيري ممثل الامين العام للامم المتحدة،تلك الخطة التي تجعل من اسرائيل شريكا في عملية الاعمار وكذلك التحكم ووضع فيتو على مواد الاعمار وإدخالها وكمياتها وكيفية توزيعها ولمن توزع.
وبغض النظر عن الجهة التي نفذت هذه التفجيرات الإجرامية،قوى اسلامية متشددة مرتبطة بداعش او الجهادية السلفية،فعلى حماس ان تقوم بدورها ومسؤوليتها في هذا الاطار في كشف ومحاسبة واجتثاث مثل هذه الجماعات الارهابية والتي بإجرامها هذا قد تدخل المجتمع الفلسطيني في صراعات لا يحمد عقابها،وبما يهدد مشروعنا الوطني بالدمار والتفكك وقضيتنا الفلسطينية بالإنهاء والتشظي،حيث هذا مقدمة لشيوع الفوضى على غرار ما يجري في الدول العربية.

والإحتلال بمثل هذه التفجيرات وما يترتب عليها من تفجير الوضع الداخلي وانتقاله الى خارج قطاع غزة،سيكون قد تحلل من التزاماته بالقول بانه لا يوجد اي شريك فلسطيني مسيطر على الوضع،وبالتالي يستمر في مخططاته نحو ابتلاع القدس والضفة الغربية،وهذا ما يخطط له اصحاب نظرية الإستيطان والتوسع"نتنياهو" وأقطاب حكومته من المتطرفين، ان اسرائيل في الوضع الراهن قادرة على الاحتفاظ بالامن والسلام والاستيطان معا دون ان تكون مضطرة لتقديم تنازلات للطرف الفلسطيني،وخصوصا بأن اطرافا عربية لم تعد ترى في اسرائيل العدو المركزي،بل من خلال حرب غزة كشف نتنياهو على ان اطرف عربية نسقت ومولت تلك الحرب على شعبنا ومقاومتنا.
حماس ملزمة بأن تعمل وتكشف الجهات التي وقفت خلف تلك التفجيرات الاجرامية،من خلال العمل على تشكيل لجنة تحقيق حيادية تشارك فيها مختلف الوان الطيف السياسي الفلسطيني،لكي تصل الى تلك العصابات المجرمة وتقدمها للعدالة،وليس هذا فحسب،بل يجب ان يجري اجتثاثها من المجتمع الفلسطيني فهي بمثابة السرطان الذي يهدد لحمة ووحدة الشعب الفلسطيني،فهذه قوى تريد ان تفرض رؤيتها ومنطقها وقناعاتها،على الشعب الفلسطيني بالارهاب والقتل والتدمير،وكأن الاحتلال لا يكفينا وما يقوم به ويرتكبه من جرائم بحق شعبنا، لكي تاتينا مثل هذه القوى وتكمل دور الاحتلال في التدمير والتخريب،فهذه العصابات الإجرامية مرتبطه بالاحتلال وقوى خارجية،وهي من مارست القتل بحق الجنود المصريين،لكي تبقي الحصار على شعبنا في القطاع،ولكي تشعل فتيل الأزمة والقطيعة ما بين مصر والشعب الفلسطيني،فلتتوحد كل الجهود والقوى من اجل قطع الطريق على تلك العصابات المجرمة،وليكون هناك اوسع مشاركة شعبية وجماهيرية وحزبية في احياء الذكرى العاشرة للشهيد القائد ابو عمار.
القدس المحتلة – فلسطين

7/11/2014
0524533879
[email protected]