من المستفيد من تفجيرات غزة

بقلم: فايز أبو شمالة

الذي لا يريد خيراً للشعب الفلسطيني هو الذي يقف وراء التفجيرات في غزة، والذي يؤكد ذلك هو ردة فعل رئيس الحكومة المؤقتة الذي أعلن عن إلغاء زيارته بعد دقائق معدودات من سماعه دوي التفجيرات، وكان الأجدر برئيس الوزراء أن يصر على مواصلة زيارته لغزة، وأن يستحث وزير الشئون المدنية على تسلم معابر غزة، والعمل على إدخال مواد التعمير، كأفصح إرادة بناء فلسطينية يصير الرد من خلالها على دعاة التخريب.
فمن هي الجهة التي لجأت إلى التخريب في غزة في هذه المرحلة الانتقالية التي تتسلم فيها حكومة التوافق مسئوليتها؟
سأفترض أن لأجهزة حركة حماس الأمنية علاقة بالتفجيرات، ولاسيما أنها الجهة القوية على الأرض، وهي الجهة القادرة على كشف ملابسات أي عمل، وهي الناظم الأمني لكل شاردة وواردة في قطاع غزة، وقد أثبتت جدواها حتى أثناء الحرب العدوانية ضد غزة، ولكن هذا الافتراض سيسقط مجرد التدقيق في الأهداف التي حققتها التفجيرات، وهي: إعاقة المصالحة، وإعاقة تسلم المعابر، وإعاقة تعمير غزة، وإعاقة زيارة رئيس الوزراء، بالإضافة إلى التشنيع على قدرة الأجهزة الأمنية في غزة، فهل كل ما سبق يصب في مصلحة حركة حماس؟
سأفترض أن الذي يقف وراء التفجيرات بعض أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، والهدف من وراء التفجير هو التأكيد على أهمية سيطرة الأجهزة الأمنية على مرافق الحياة كمقدمة لتواجد حكومة التوافق في قطاع غزة، ولكن استهداف الأماكن والأشخاص الذين تربطهم وشائج تنظيمية بالسلطة في رام الله، ولهم تواصل شخصي مع الأجهزة الأمنية، يلغي هذه الفكرة، ليصير الافتراض أن الهدف من التفجيرات عشية الاحتفال بذكرى استشهاد أبي عمار تهدف إلى التلميع، وإضافة بريق الوجود على أنصار السيد محمود عباس، ولكن هذا الافتراض يسقط إذا عرفنا أن اكتشاف هذا الأمر قد يأتي بردة فعل غير محمودة العواقب.
سأفترض أن الذي قام بالتفجير هم رجال القيادي في فتح محمد دحلان، ولاسيما أن الذي يشرف على مهرجان إحياء ذكرى استشهاد أبي عمار هم رجال السيد محمود عباس نفسه، وقد يعز على رجال القيادي محمد دحلان أن يكونوا خارج المشهد، فاعتمدوا التفجيرات خفيفة التأثير أسلوباً لإعلان الوجود، ولاسيما أن الأشخاص المستهدفين على خلاف تنظيمي مكشوف مع السيد دحلان، والأماكن المستهدفة لها خصومة مع الرجل.
كان ذلك هو الافتراض الأقوى، حتى جاء النفي الرسمي الصادر عن القيادي محمد دحلان نفسه، والنفي الذي جاء على لسان أكثر من مسئول له علاقة وثيقة بالرجل، جاء النفي ليبطل هذا الافتراض، وليضع كل الفلسطينيين أمام السؤال الكبير: من الجهة التي لها مصلحة بتفجير الساحة الفلسطينية، وتهدف إلى حرف الانظار عن معركة القدس، وإفشال الحراك الشعبي الذي راح يتفاعل في الضفة الغربية مع سكان المدينة المقدسة؟
سأتهم المخابرات الإسرائيلية بالتفجيرات في غزة، وسيظل هذا الاتهام قائماً، وهو الأقرب على العقل إلى أن يصدر بيان رسمي عن الأجهزة الأمنية لحركة حماس، يحدد فيه الجهة التي تقف وراء التفجيرات، ولاسيما أن سمعة الأجهزة الأمنية لحركة حماس قد تجاوزت حدود غزة، وصار لها من القوة والنفوذ والسيطرة والتجربة ما يؤهلها للكشف عن الجناة بأسرع مما يتخيل الكثير، وقد أجمع الشعب الفلسطيني بكافة تنظيماته السياسية على أن استتباب الأمن في قطاع غزة من أهم مميزات حكم حركة حماس.
الشعب الفلسطيني ينتظر نتائج التحقيق، وللشعب كلمته ضد الجناة، وللشعب كلمته ضد كل من تسرع في توجيه أصابع الاتهام، وتعمد إعاقة المصالحة.