ليس شرطا عندما يلمع نجما جديدا في الأجواء السياسية العكرة لتنظيم ما .. متطرفا أو معتدلا أنه يعني ذلك بضرورة النجاح والتألق ،لهذا التنظيم أو الحزب ..وليس معنى أن يتحول تنظيما من المسمى التنظيمي الضيق باعتقادهم إلى ما يسمى بدولة ..كما "داعش " والمقصود بها دولة الخلافة في العراق والشام ..أنه يعني ذلك أن دولة الخلافة الراشدة قد عادت للمسلمين من جديد وعلى الجميع تقديم الولاء والطاعة والمبايعة لتلك الدولة وبلا تردد ..حقيقة كنت أتحاور مع أحد الجلساء منذ عدة أيام فقال ..إني أرى علم دولة الخلافة يرفرف وبقوة حيث يقترب ويتزايد الملتفون حوله كل يوم .. ويوشك أن يكتسح جزيرة العرب أيضا ..قلت له ومن قال لك أن التزايد الجماهيري السريع معناه الزيادة لشعبية الحزب أو التنظيم أو الشخص مما يتمخض عنه السيطرة وبسط النفوذ ..وهناك تجارب عديدة تثبت ما أقول ويمكني الاستناد إليها وما أكثر الأبواق المستأجرة في أيامنا والتي تتعالى صرخاتها كما الدعايات الانتخابية..فرد علي ّ ذاك الجليس ماذا تقصد بالضبط فأنا أحب الوضوح والبساطة.. قلت له : فمثلا الشيوعية الحديثة " الماركسية " تلك الحركة الفكرية الاقتصادية اليهودية الإباحية والتي وضعها كارل ماركس والذي لما تطرق إلى نظريته اعتمد على انتشال الفقراء أو الطبقات المطحونة لأنهم الأغلبية أو الأكثرية في الشرق أو الغرب وعبر إشراك الناس كلهم فقراء وأغنياء في الإنتاج على حد سواء ..ولذلك صعدت الماركسية بسرعة كبيرة كالصاروخ فتحولت من مجرد مذهبا كان فقط يلغي الملكية الفردية ويلغي التوارث حيث تحول المذهب الفكري إلى "دولة " لها مباديء وأهداف وأيدلوجيات يمكنا أن نسميها آنذاك من وجهة نظري الخاصة مقارنة بإسماء بعض تنظيماتنا المعاصرة " دمح "..ضحك مني بصورة هستيرية وقال "دمح" ماذا تعني أستاذي .. قلت : أي الدولة الماركسية الملحدة..
لكن ليس هنا الاستفسار أو العجب بل التساؤل المهم من كل هذا ..هو أين ذهب ماركس اليوم بفكره ونظرياته .. بل وأين الدول الشيوعية بأسرها اليوم على ساحاتنا الدولية.. والتي تفككت وتفتت ..وأحد الأسباب التي أدت إلى سقوط الشيوعية والفشل الذريع رغم الصعود السريع والالتفاف الجماهيري الواسع في بلاد الغرب وفي بلاد المشرق العربي هو قيامها على مبدأ الخداع والمكر والتغرير بالمساكين والمعذبين في الأرض والذين اكتشفوا الحقيقة بعينها ،ولذلك كان لابد أن يسقط القناع ..لذلك علينا ألا نستسلم لأي فكر أو مذهب أو دولة دون أن يخضع ذاك الفكر للفحص العقلي والوجداني ودون أن يخضع لرقابة الضمير ..وعلينا ياعزيزي .. بالا نغتر بما نرى أو بما نسمع وألا نكون مجرد أبواقا لأناس لا نعرف من هم ومن يكونوا ..فما أكثر الذين ينهضون وبسرعة في أيامنا وإلا ونجدهم قد سقطوا ..سقوطا طرديا يتزامن مع ذات السرعة التي ارتقت يوما ..لأن ما بني عل باطل فهو باطل ..يعني ذلك ما أكثر الذين يصعدون القمم لكنهم لا يبقون في القمة بل أن مصيرهم القاسي القيعان أي صعودهم لمرة واحدة فقط ..قال لي المهم أن يصعد الإنسان ولو لمرة واحدة ..قلت ..لكن المعارك لا تقاس عندما تحسم بقوة القصف أو القتل أو الدمار الكبير وما تخلفه.. بل تقاس المعارك بمدى تحقيق الانجازات والأهداف على الأرض يعني بلغة الكورة ، من الجانب الرياضي وكما قال الكابتن محمد لطيف رحمه الله : الكورة جوان ..!! ابتسم وقال لي وما شان الكورة بموضوعك ..؟!! قلت له وحتى على المستوى الفني هناك كثيرون صعدوا بسرعة لكنهم اليوم قد انقرضوا كما الديناصورات في العصور القديمة .. فلم يعد لهم وجودا ..وعلى سبيل المثال لا الحصر المطرب "علي حميدة " لمع نجمه كالبرق وبصورة فجائية في أواخر الثمانينات وبقوة في صيف 1988تحديدا ، والذي أصدر فيه الألبوم الغنائي الشهير حينئذ الذي فرقع الدنيا كما يقولون وهذا الألبوم حمل اسم الأغنية التي ذاع صيتها ليس فقط في العالم العربي..بل حتي في أوروبا.. وبلا جدال والأغنية كانت "لولاكي "..ولولاكي.. لها قصص وحكايات وسفاهات وحماقات دبت بالعقول التافهة ..
وإلا ما معنى أن تحقق أغنية واحدة من ألبوم كامل هذه الضجة الإعلامية آنذاك وهي واحدة من ألبوم كامل يحوي ثماني أغنيات كلهن قد طمسن وطافت على السطح لولاكي حيث استطاعت لولاكي أن تبيع 6 مليون نسخة في العالم كله رغم أن المطرب برأي النقاد ذو صوت ضعيف ،ورغم الوتيرة الواحدة للحن وعدم التنوع ..كانت لولاكي.. عند الحلاق وسائق السيارة وعند الجزار والخضرجي وكانت لولاكي.. في البلكونات، وغرف النوم والملاهي والأفراح ، وليالي الملاح وكانت لولاكي ..في الشوارع والميادين والحارات الضيقة وعلى ضفاف نهر النيل العظيم وحتى في الأوساط السياسية ..واليوم ياعزيزي ..أين لولاكي.. وأين صاحب الأغنية علي حميدة ..إذا ورغم أني لست من النقاد في عالم الفن إلا أني أقول أن هذه الحالة المرضية والهوس الفني والذوق الرخيص والثورة الساقطة لم يكن كل ذلك في أيامنا .. سوى أنه أصبح هباء منثورا مستوحي من الحاقدين الذين يرفضون التحرر الفكري والتطوير أولئك الذين أرادوا تطبيق سياسة الانبطاح والتسليم والضعف والخذلان.. والذين أرادوا ضياع الأمة ..حينها استطرد جليسي بعدما انتفض من مقعده وكان حية رقطاء قد لدغته فقال آه ..الآن تيقنت.. لما لم تقبل صداقتي إحدى الفتيات عبر الفيس ،قد اعتذرت رغم زحام إعجاباتها لما أنشر على صفحتي صورة ما أو أي موضوع كان ..قلت له لأن عليك أن تدرك جيدا الفرق الواضح بين الإعجاب وبين الحب فليس أن يعجب بك أحدا فمعناه أنه قد سقط في قفص هواك ..احمرت وجنتاه خجلا وبدا يلملم نفسه لكني لمحت في عينيه تساؤلا لم يعرضه عليّ وهو.ترى حقا أن تزايد الذين يبايعون "داعش " يعني ولادة دولة الخلافة الإسلامية من جديد أم أنها موجة عالية قد تنكسر قريبا على شاطيء الضلالة والطغيان والظلم لأنه في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح ..؟!!