ما يقارب 2 مليون فلسطيني يعيشون بالمحافظات الجنوبية ... هذا الجزء من أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية... والذين لا زالوا يعيشوا ظروفا قاهرة ومأساوية بسبب الحصار الجائر والحروب المتكررة التي قامت بها اسرائيل وحالة الانقسام منذ العام 2007 وما ترتب من أزمات سياسية اقتصادية اجتماعية ونفسية ... مما وضع القطاع وأهله المحاصرين في أوضاع يرثى لها وعلى كافة المستويات ولكافة الشرائح الاجتماعية المتعددة ... مما جعل القطاع وأهله يعيشون أحوال المناطق المنكوبة بكل ما في هذه الكلمة من معاني ودلالات ... ماسي وكوارث ونكبات .
المشاكل والقضايا التي يعاني منها سكان القطاع أصبحت واضحة للجميع ... بل وتزداد بصورة متسارعة وخطيرة وليست اخرها ما حدث من تفجيرات استهدفت منصة الشهيد الرمز ياسر عرفات ومنازل قيادات حركة فتح والمؤشرات الخطيرة من وراء هذا العمل المدان والمرفوض وطنيا .. دينيا .. واخلاقيا ... ومدى تبعاته وانعكاساته على المصالحة الوطنية ومجمل الملفات والقضايا التي لا زالت على طاولة الحوار وعلى طاولة حكومة التوافق والتي تمس بمجملها أوضاع وحياة المواطنين ومتطلبات حياتهم وظروفهم الانسانية والاجتماعية والاقتصادية في ظل حصار لا زال قائما ومستويات معيشية متدنية ... وظروف خدماتية غاية في السوء .. ودمار لألاف المنازل وتهجير وتشريد عشرات الالاف من سكان القطاع دون مسكن ومأوى ... مما يفرض حالة الضرورة القصوى لوجود حكومة فاعلة ومتواجدة على أرض القطاع ... حكومة ذات عنوان ومعالم واضحة ومحددة ... أما ان يبقى القطاع بهذه الحالة من استمرار الفراغ الحكومي وانعكاساته السلبية عل مجمل حياة المواطنين ... يفرض علينا سؤالا مركزيا وجوهريا لماذا لا تتولى حكومة التوافق مسؤولياتها وبشكل كامل ولكافة الوزارات والمؤسسات وتتحمل كافة المهام والمسؤوليات ؟!
استمرار حالة الفراغ الحكومي ينذر بمخاطر حقيقية تفرض على هذه الحكومة الامساك بزمام الأمور وتولي مسؤولياتها ومهامها واذا كانت لا تستطيع تنفيذ ذلك فعليها التصريح بشكل واضح ؟!
لا يمكن ان يكون مقبولا ... ولا يمكن ان يكون في سياق أي سلطة تنفيذية أن تتولى جزء من المهام وتترك مهام اخرى لحالة من الفراغ ... والا فان استمرار مثل هكذا اوضاع سيوفر ارضية ملائمة لكل من لا يعجبه ... ولكل من اراد بقاء الاوضاع في القطاع على ما هي عليه .
لا يعقل استمرار مثل هذه الحالة من الفراغ الحكومي ونخرج بتحميل حكومة التوافق مسؤولية القطاع وأهله .. فمن يتحمل المسؤولية كاملة ... يتحمل مسؤولية ادارة وتنفيذ وتولي مسؤوليات كافة الوزارات والمؤسسات ... حتى يمكن لنا الاشارة الى التقصير... والثناء على الانجاز .
اما ان تكون الحكومة موجودة أوغير موجودة ... ان تكون مسؤولة أوغير مسؤولة ... وان يقال هناك اربع الى خمس وزراء لا حول ولا قوة لهم ونحملهم مسؤولية حكومة بأكملها فهذا ليس من الانصاف والعدل ... ولا حتى من المسؤولية والمهام الموكلة لحكومة كاملة الصلاحيات ... لكنها فاقدة للجزء الأكبر من هذه الصلاحيات .
يجب ان يكون هناك اقرار واعلان وبصورة واضحة وجلية وللجميع هل نريد حكومة توافق؟ هل نريد ان تبسط حكومة التوافق سيطرتها على القطاع لأداء مهامها ؟ وهل القطاع جزء من اراضي السلطة الوطنية له ما له وعليه ما عليه ؟!
يجب ان تكون الاسئلة واضحة ومباشرة كما يجب ان تكون الاجابات اكثر وضوحا ... حتى لا نبقى بحالة الفراغ.. وما يترتب عليه من انعكاسات سلبية وتحديات جديدة ... وهموم تزداد على مدار اللحظة ونحن نبحث عن اجابات شافية ... لأسئلة لا زالت مطروحة دون اجابات واضحة ... مما يجعلنا بحالة فراغ حكوميٍ... فلا نحن على الارض... ولا نحن في السماء... والبحر من ورائنا... والعدو امامنا ... وحالنا هو حالنا... ولا جديد على احوالنا... فإلى متى يا صناع القرار؟!!