ليت خطر اتفاقية أوسلو توقف عند اعتراف منظمة التحرير بأن 78% من أراضي فلسطين ملك خالص لدولة إسرائيل، إن خطر اتفاقية أوسلو يتجلى اليوم بضياع الضفة الغربية، حيث صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية في يوم الأحد الموافق 9/10 على مشروع قانون يفرض تشريعات الكنيست الإسرائيلية على مستوطنات "يهودا والسامرا"، والمقصود بذلك منطقة ج التي تصل مساحتها إلى 62% من مساحة الضفة الغربية.
بقى أن تصادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع القانون، وتلك المصادقة ليست بالأمر العسير، ولاسيما أن الاستيطان الإسرائيلي قد صار نقطة التنافس على الصوت اليهودي، وصار حجر الرحى لصعود أي حزب في إسرائيل.
من المؤكد أن ردة فعل القيادة الفلسطينية ستكون مزيداً من الشجب والاستنكار، واتهام الحكومة الإسرائيلية بالتطرف، وتخريب عملية السلام، وستقوم القيادة بإرسال رسائل الاحتجاج إلى مبعوث الإتحاد الأوروبي لعميلة السلام، وإلى وزير الخارجية الأمريكية، وسنسمع المزيد من التصريحات النارية عن ضرورة التسريع في التوجه إلى مجلس الأمن، وسنسمع تهديدات القيادة بالانضمام إلى مئات المنظمات الدولية، والأهم من كل ما سبق؛ هو تأكيد القيادة الفلسطينية على ضرورة الحذر، وعدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي، الذي يريد أن يجرنا إلى انتفاضة.
هنالك حقيقتان قائمتان على الأرض، وهاتان الحقيقتان تفرضان على الشعب الفلسطيني محاسبة المسئول عن ضياع الضفة الغربية عملياً قبل أن تضيع بالتشريعات الإسرائيلية.
الحقيقة الأولى: وفق الإحصائيات الفلسطينية، فقد بلغ عدد المستوطنين اليهود فوق أراضي منطقة ج 650 ألف يهودي، في الوقت الذي تناقص فيه عدد الفلسطينيين إلى ما دون مئة ألف فلسطيني، وهذا يعني أن 62% من أراضي الضفة الغربية هي أراض إسرائيلية بفعل الواقع، وصارت تعج بمئات ألاف اليهود الذين يعيشون وفق التشريعات الإسرائيلية.
الحقيقة الثانية: وفق استطلاع رأي أجرته القناة الثانية الإسرائيلية مطلع شهر أكتوبر، جاءت النتائج لتؤكد أن 69% من الإسرائيليين ضد التخلي عن المستوطنات مقابل سلام مع الفلسطينيين، لترتفع النسبة في أوساط اليهود حتى تصل إلى 76%، يرفضون السلام مقابل التخلي عن المستوطنات، وهذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية ليست متطرفة، كما تحاول قيادتنا أن تصفها، الحكومة الإسرائيلية هي التعبير الدقيق عن مزاج اليهود المتطرف.
ما سبق من حقائق يفرض على الشعب الفلسطيني أن يجيب على الأسئلة التالية:
1ـ من القائد الذي أوصل قضيتكم الوطنية إلى هذا المستوى من التفتت والضياع؟
2ـ من هي الجهات الرسمية التي أسهمت قراراتها السياسية في ضياع أرضكم،؟
3ـ ألم تلاحظوا من قبل أن أرضكم تضيع شبراً شبراً بمعرفة قيادتكم، التي تخصصت بالشجب؟
4ـ هل اقتنعتم أن التنسيق الأمني المقدس قد أعطى الأمان للمستوطنين، فتوسعوا آمنين؟
5ـ ما حكمكم على أولئك الذين زينوا اتفاقية أوسلو، واعتبروها إنجازا ً تاريخياً، ووافقوا على تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق سهلت على المستوطنين اغتصاب الأرض؟
6ـ هل من الحكمة في هذه المرحلة أن تعلن القيادة عن هزيمة مشروعها التفاوضي، ليصير تأمين انسحابهم من الحياة السياسية بسلام؟ أم الحكمة هي المحاسبة العاجلة، وبقسوة بالغة تعادل ما اقترفته القيادة السياسية من إثم بحق الأرض الفلسطينية؟
7ـ هل مواجهة اليهود الغزاة بكل ما أوتي الشعب من قوة هو المهم، أم الأهم هو تنقية البيت الفلسطيني من الشوائب السياسية التي أوصلت قضيتنا إلى هذا الدرك الأسفل من الضياع؟