الإقليم المرتبك

بقلم: عبد الرحمن صالحة

ليس الاقليم العربي فقط المرتبك بل العالم بأسره يشهد مخاض ولكن أود من خلال هذه السطور القليلة أن أبرز ملامح الارتباك التي تسود محيطنا العربي، ولعل أشهر مظاهر الارتباك تقارب العدو مع العدو وتنافر الحليف مع الحليف مما أدى ذلك لتشكل واجهة جديدة وتغيرات جوهرية بإقليمنا العربي المنهك.

لقد طرحت ثورات الربيع العربي مستجدات لم تكن متوقعة، كما أفرزت حقائق لم تكن معروفة، على رغم أن الواقع كان يوحي باحتمالات كبرى للتغيير الشامل في ظل أنظمة غابت فيها العدالة وشاع فيها الفساد، واشتد معها الاستبداد.

عند النظر لواقعنا البائس تجد كل بلد منشغل بأحداثه وأزماته التي لم تهدئ بعد أن هبت رياح التغيير والاصلاح وصدمت بجدار الانتكاسة والتعنت والتآمر مما ترتب عن ذلك هزات أرضيه أشعلت النار في الهشيم في كل بلد ولم يقتصر مدى الهزات الأرضية والنيران المشتعلة على نطاق البلد بل تعدت على حدود البلدان المجاورة، ومما عزز ذلك دخول أغلبية دول العالم العربي في حروب أهلية وطائفية ومذهبية، وبعد تفحص دقيق لقد ثبت أن العبث بالدين والسكوت عن استخدامه، ثبت أنه أخطر من كل الأسلحة التي تستخدم في الحروب.

إن السمة التي تتميز بها المنطقة العربية منذ زمن بأنها تدفع كل يوم بجديد والتطورات أسرع من أن نلاحقها، ولكنني أظن أن بينها قواسم مشتركة متمثلة في الرغبة في التغيير ولإصلاح، لكن السيناريو الذي يهيمن علي المشهد العربي الحالي سيناريو الكر والفر الذي نتابعه في أكثر من قطب عربي وإن لم يكن في الميدان يكن في صناديق الانتخابات، فالعالم العربي عالم غريب لا يؤمن بالثورة وبرغبة الشعب  في التجديد والإصلاح،  وكذلك لا يؤمن بالانتخابات ولا بالديمقراطية وهناك دلائل كثيرة تدعم ما سبق أبرزها الواقع الفلسطيني الذي نشأ منذ عام 2006م الذي يعد باكورة الثورات العربية ومن ثم ما حدث في مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا وصولاً إلى ما يحدث اليوم في المملكة السعودية، حيث أنك ما تفيق من نومك صباحاً إلا وتسمع خبر انفجار سيارة مفخخة في العراق، أو أن تسمع عن مقتل مئة مدني في سوريا، أو اشتباك دامٍ في أي مكان سواء في ليبيا أوفي اليمن، إلخ إلخ. لا شيء يشير إلى غير العادة، لكن أن تصحو على مقتل سعوديين مدنيين أو رجال أمن فلا بد أن في نشرة الأخبار خللاً ما. في تاريخ المملكة العربية السعودية بعض الأزمات التي تحسب مقارنة بتاريخ البلدان العربية من الأحداث الصغيرة، حيث لم تمر المملكة بتاريخ حرب حديثة ولا بتاريخ صراع سياسي أو اجتماعي حديث ولا حتى بتاريخ استعمار أثر بطريقة ما على النسق الاجتماعي، خلافاً لمعظم دول المنطقة.

ويمكننا التعريج خلال هذه المقالة التي ترصد ملامح ارتباك الإقليم، على الأزمة الخليجية التي تزاد تعقيداً مع مرور الوقت ومن المتوقع ان تصدم الجهود التي يبذلها الشيخ صباح الاحمد امير دولة الكويت بتمسك كل طرف على مواقفه مما سوف يؤدي ذلك الى فشل هذه الجهود في نهاية المطاف.

إن شرارة الخلاف ولهب الصراعات انطلقت منذ زمن في إقليمنا العربي ولا يمكن أن تخمد في ظل حالة الاستقطاب والتحالفات والدعم والتحشيد ضد الخصوم والايام القادمة سوف تكون حافلة بالمفاجآت السياسية والميدانية في محيطنا العربي.