مرت الذكري العاشرة لرحيل القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات ...مرت المناسبة ...لكن الذكري لها استخلاصاتها وعبرها ودروسها ...كما لها موروثها الوطني الذي ستتناقله الاجيال جيلا بعد جيل ...فذكري القادة والرموز لا تمر مرور الكرام ...ولا تنتهي بموعد الذكري ...لان الذكري واستخلاصاتها تتجدد وتتجذر بالقلوب والعقول والأحاسيس والمشاعر ...فنحن من الشعوب التي تعرف قيمة قادتها وزعمائها ورموزها بعد افتقادهم جسديا ...لكن روحهم ومقولاتهم ومواقفهم تبقي حية ومتجددة ونعود اليها في كل أزمة أو موقف .
مرت الذكري كموعد تاريخي ..لكنها لا تمر ولا تنتهي طالما استمرينا بتناقل هذا الارث الوطني بكل معالمه ومضامينه واستخلاصاته ...لأنه تعبير عن تجربة ومسيرة نضالية طويلة ..ومواقف عظيمة ...وكوكبة من الشهداء والجرحى والاسري الذين قدموا أغلي ما يملكون عبر مسيرة نضالية طويلة استمرت ما يقارب الخمسة عقود .
هذا التاريخ الحافل والمليئ بالأحداث والمواقف والتضحيات الجسام لا يمر ولا ينتهي مع موعد الذكري ...لكنه سيبقي محفورا بالوجدان وبتاريخ شعب لا زال مصمما علي حريته واستقلاله الوطني مهما اشتدت الظروف قسوة ..ومهما تعاظمت التحديات والمصاعب ...لأنه قدرنا ان نكون المرابطين في أرض الرباط وفي أكناف بيت المقدس ...حتي تتحرر قدسنا وأقصانا وكنائسنا ...وحتي ننعم بالحرية والاستقلال والدولة ...وهذه حتمية التاريخ ...طال الزمن أم قصر .
حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية وجنوحها المتطرف ومحاولاتها المستمرة للتصعيد من خلال تصريحات اسرائيلية لا زالت علي تطرفها وعنصريتها واتهاماتها الزائفة والكاذبة ... كما لا زالت هذه الحكومة اليمينية العنصرية تفسح المجال للمزيد من الاستيطان وغولات المستوطنين لتنفيذ عنصريتهم والمساس بقدسنا وأقصانا ومحاولة بناء الهيكل وطرح قانون التقاسم الزماني والمكاني لأقدس المقدسات كما واستمرار التصريحات المتطرفة والعنصرية بمحاولة سحب الجنسية من أصحاب الارض التاريخيين ...أصحاب فلسطين التاريخية ...وهذا ما يؤكد علي مخططتهم العنصري بأن تكون اسرائيل دولة يهودية خالصة لليهود دون الالتفات لما يقارب المليون من الفلسطينيين العرب ذات الجذور والتاريخ ...أصحاب الارض والوطن ..أرض الاباء والاجداد ومحاولة ممارسة العنصرية بحقهم تحت مسميات وأهداف وقوانين تشرع دون شرعية ...كما محاولتهم لتطبيق القانون علي المستوطنات والمغتصبات داخل أرضنا في القدس والضفة الغربية .
محاولات نتنياهو المستمرة للهروب من استحقاقات التسوية السياسية ...محاولات فاشلة ولن يكتب لها النجاح ...طالما هناك شعب مصمم علي نيل حريته واستقلاله وتحرير قدسه وأقصاه ....مهما غلت التضحيات ومهما كان الثمن المدفوع من دماء أبناء شعبنا .
ماذا بعد؟؟!!....وقد مرت الذكري بموعدها التاريخي لكنها لا زالت تتفاعل وتتجدد بداخلنا ...لأنها ليست ذكري عابرة ....بل ذكري تاريخ طويل ...ومسيرة نضال مرير ومع أهمية كل ذلك فيجب علينا أن نجيب علي السؤال الهام ماذا بعد ؟؟!! . بالنسبة لأحوالنا وعلاقاتنا ...وكيفية الخروج من أزماتنا ؟؟ ..وكيفية تأكيد وحدتنا ؟؟!! وكيفية تجاوز محنتنا وسلبيات واقعنا ؟؟.
المسألة بعناوينها وملفاتها والتي تتعلق بقضيتنا ومصالح شعبنا والتي نلخصها بالتالي :
أولا : اعادة الاعمار والتسريع بإجراءاته وتوفير متطلباته وحل مشكلة الالاف من اهلنا المشردين ..مسألة غاية بالضرورة وذات أولوية وطنية فلسطينية تحتاج الي وحدة الموقف والقرار وعدم التعطيل .
ثانيا : استمرار حكومة التوافق بممارسة صلاحياتها واستكمال تولي مسئولياتها لكافة الوزارات والمؤسسات حتي نستطيع أن نرتب وننظم أمورنا الداخلية وايجاد الحلول لمشاكلنا المستعصية خاصة بالمحافظات الجنوبية .
ثالثا : تهيئه الاجواء الداخلية بما يمكننا من تجاوز الاحداث الاخيرة بصورة عملية وفعلية وقانونية بعيدا عن المناكفات الاعلامية والتجاذبات السياسية .
رابعا : في ظل التحرك الشعبي المناهض للاحتلال نصرة للقدس ومواجهه لهذا اليمين المتطرف والعنصري يحتاج الي واقع فلسطيني أفضل والي علاقات وطنية أكثر تماسكا والي جبهه داخلية أكثر قوة وصلابة حتي نستطيع ايصال رسالتنا الفلسطينية الواحدة الموحدة لمواجهه الاخطار المحدقة بقدسنا وأقصانا .
خامسا : نحن مقبلين علي خطوات سياسية باتجاه مجلس الامن والمؤسسات الدولية ويجب أن نكون أكثر تماسكا ووحدة بالموقف والقرار وأن ندفع جميعا من أجل انجاح توجهات القيادة الفلسطينية .
سادسا : استلام حكومة التوافق لمهامها ومسئولياتها واعادة فتح المعابر وادخال مستلزمات اعادة الاعمار وانهاء الحصار وترتيب أوضاعنا الادارية القانونية الاقتصادية والاجتماعية في ظل مشاكلنا العديدة من تدني مستوي الدخل والبطالة المتفشية داخل المجتمع الغزي ووصول عشرات الالاف من الاسر الي أدني من مستوي الفقر يفرض علينا أن نكون أكثر اخلاصا لشعبنا الذي يقف مدافعا ومضحيا ومستجيبا لكل نداء ...وحتي نعزز الثقة أن هناك فصائل وقيادات تشعر بمشاعر المواطنين ومتطلبات حياتهم .ماذا بعد ؟؟!!سيبقي سؤالا كبيرا ...ويحتاج الى جهود عظيمة ...والي ارادة قوية ...والي نوايا حسنة ...ويكفي ما يعاني شعبنا من ويلات وكوارث ونكبات ...فواقعنا لا يحتاج الي المزيد من الهفوات والنعرات ..ولكنه يحتاج الي المزيد من الصبر والتريث والتفكير العميق بكيفية حل مشاكلنا ...وكيفية اخراجنا من هذا النفق المظلم ؟؟ حتي يرحمنا ويرحمكم الله
الكاتب : وفيق زنداح