لقد جاء خطاب القيادي خليل الحية في مهرجان تكريم شهداء "العصف المأكول" في رفح شارحاً لكل القضايا الداخلية والخارجية التي تمس واقع قطاع غزة وتحديداً واقع ورؤية حركة حماس في ظل حالة الاستقطاب والغموض الذي يكتنف آفاق المصالحة الوطنية بعد ما حدث في قطاع غزة من احداث مدانة واشتباكات إعلامية بين حركتي فتح وحماس، فالبعض كان يتوقع من حركة حماس أن تكشف المستور خلال كلمة الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بعد الترويج بان الخطاب سوف يحمل مفاجئات خاص فيما يتعلق بالقضية الغامضة قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى القسام، لكن كلمة أبو عبيدة جاءت مخالفة وجافة من المعلومات الباهظة وسادها أجواء من الثقة والقوة والخفايا الجسيمة التي مازالت مستورة والتي لم يكشف عنها إلا بمقابل ثمن وذلك تبعاً لاستراتيجية كتائب القسام.
الحية استطاع تفنيد الروايات وإزالة الغموض عن مجمل القضايا الماسة ورسم خارطة عمل جديدة وازال الغبار وطرق أبواب جميع الأطراف والملفات، مثل ملف إعمار غزة وملف الكهرباء وملف السلطة والحكومة والانتخابات، وأبرق برسائل لرئيس أبو مازن ولوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" وللعالم أجمع، ولأول مرة أجد الخطاب السياسي لحركة حماس قد تفوق على شقيقه العسكري نتيجة الوضح وعدم المواربة ويتضح ذلك من خلال مخاطبة الحية العالم بقوله" أن ثلاث أشهر أنقضت علي الحرب ولم تفعل دول العالم أي خطوة لإعادة إعمار القطاع ولم يمد شعبنا بما يخفف من معاناته، وهذا غير مفهوم" وتساؤل الحيه "هل يعقل أن الوكالة وغيرها من ووزارة الأشغال حتى اليوم لم ينتهوا من حصر البيوت المدمرة.. بئس ما تفعلون وتمكرون قاتلكم الله جميعًا.. نسمع عن شعارات وآليات ولم تدخل الأموال أو مواد البناء" مضيفاً ان حكومة التوافق والسلطة تسارع لأخذ نصيبها من أموال الاعمار المخصصة للمظلومين ولمن ما زالوا في بيوت الإيواء.. والسلطة لا يهمها شيء وتبحث عن نصف ما قدر للإعمار لضمها لخزيتها التي تأخذها دون أن تقوم بمسئولياتها على غزة كما أن "الأونروا" تأخذ 20 % من أموال إعادة الإعمار قبل توزيعها وما يعني أن الإعمار سيطول إلى سنوات ... إلي أخر الخطاب.
من خلال الخطاب والمعلومات التي جاءت فيه أصبحنا على قناعه أن فكرة إعمار غزة هي أكذوبة لإسكات القطاع، لتضاف هذه الأكذوبة إلى سلسلة الأوهام المتعاقبة التي شدها القطاع خلال الفترة السابقة، وبالنسبة لمؤتمر إعمار غزة الذي عقد في القاهرة في أكتوبر 2014م، يعد بمثابة تأسيس لشركة مساهمة خاصة بين ثلاث مستفيدين ولكل مستفيد له حصته في هذه الشركة، فالسلطة الفلسطينية أعلنت أن نصيب خزينتها 50% من أموال الأعمار من أجل سداد العجز المالي لديها، أما الأونروا اشترطت أن يكون نصيبها 20%، وبالتالي نصيب أصحاب البيوت المدمرة سيصبح 30 %، وأنا أعتقد ان هذه النسبة سوف تكون علي هيئة " كرفانات سكنية " و"طرود غذائية" لأصحاب البيوت المدمرة ومن المستبعد أن يتم توظيف المبلغ القليل المتبقي في إعمار القطاع، فحركة حماس فهمت السيناريو جيداً المنصوب لها ولقطاع غزة بأيدي فلسطينية وعربية وإسرائيلية و أوربية، فأرادت أن تواجه هذا السيناريو المخزي بقلب الطاولة على جميع الأطراف من خلال التحضير لجولة قتالية مع الكيان من أجل نسف هذه الشركة التي تتاجر بدماء قطاع غزة ولنسف خطة روبرت سيري مبعوث الامم المتحدة التي وضعها من أجل إدارة الحصار وليس من أجل رفعه.