مما لاشك فيه ان للشباب دورًا هامًا في بناء المجتمعات ورقيها ، حيث أنّ المجتمع الشاب هو أقوى المجتمعات؛ لأنّه يعتمد على طاقة هائلة تحركه، وقد اكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله "نصرت بالشباب" في إشارةٍ واضحةٍ إلى اهمية الشباب في تحريك المجتمع وتنميته. والشباب عماد أي أمة وركيزة اساسية في نهضهتا وتقدمها , وهم بناة حضارتها وخط دفاعها الاول , والمجتمع السليم يحرص على تنمية شبابه ليكونوا قادة المستقبل والامل المنشود , و فئة الشباب تشكل نسبة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، ولهذه الفئة الاجتماعية سمات وخصائص، مشاكل وتطلعات، قلما تسترعي انتباه أحد من صناع القرار , فمن هذا المنطلق جاء دور المركز الفلسطيني للتواصل الإنساني _ فتــا في تطوير الشباب وتنميتهم وإشراكهم في تحديد خياراتهم المستقبلية . عن طريق دمجهم في المجتمع اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وكذلك تعزيز شعورهم بالانتماء ودعم تمسكهم بالقيم الاخلاقية والاجتماعية الايجابية . وترسيخ روح العمل الجماعي والتطوعي في صفوفهم والعناية أيضا بحاجاتهم وتنمية قدراتهم ومواهبهم .
وها هو مركز فتا بادارته الحكيمة المتمثلة بالدكتورة الفاضلة جليلة دحلان يواصل مسيرة العطاء والعمل الانساني لصالح ابناء شعبنا الفلسطني وخاصة فئة الشباب اذ اعلن عن بدء التحضيرات لبدء مرحلة جديدة من مشروع العرس الجماعي في قطاع غزة لعدد 400 شاب وفتاة وبتمويل كريم من مؤسسة خليفة ابن زايد ال نهيان للاعمال الانسانية . والجدير ذكره أن هذا البرنامج يأتي امتداداً للعمل الخيري الذي تقدمه الدكتورة جليلة دحلان للشباب والفتيات، بما يضمن استقرار حياتهم وتحقيق عِفتهم، يُشار إلى أن الأعراس الجماعية تعد تقليدا اجتماعيا ايجابيا في المجتمع ويسهم في تيسير الزواج للشباب وتجنيب المجتمع الانحرافات والسلوكيات الخاطئة كما تمثل الوسيلة المثلى للآلاف من الشباب المعسرين، الذين لا يستطيعون الزواج نتيجة غلاء المهور وارتفاع تكاليف الأعراس، كذلك تكتسب هذه الخطوة اهمية بالغة كونها جاءت بعد العدوان الاسرائيلي الشرس على قطاع غزة وما نتج عنه من دمار كبير في البنى التحتية والممتلكات عدا عن الارواح ..
وقد كان للمركز الفلسطيني للتواصل الانساني _ فتا دورا بارزا منذ اللحظة الاولى للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وبعده وبتوجيهات حكيمة من ادارة المركز لتقديم كل ما يستطيع من عون ومساعدة لمساعدة وإنقاذ أبناء شعبنا , إذ ان الواجب الإنساني والوطني الذي يحمله مركز فتا والشعور بالمسؤولية في مثل هذه الظروف وغيرها دفع طاقم المركز للمزيد من العطاء والمخاطرة بحياتهم من أجل مساعدة المنكوبين والمتضررين والمشردين خلال الحرب فقد كانت تلك الأيام الأصعب في المشوار الإغاثي لمركز فتا منذ انشاءه في قطاع غزة . فقد عمل المركز على مساعدة ابناء شعبنا الصامد من خلال عدة مشاريع شملت الجانب الإغاثي و التعليمي والاجتماعي ومساعدة متضرري ومشردي الحرب الإسرائيلية , حيث قدم لهم وجبات الطعام والغذاء والملابس بشكل يومي ما مكنهم من تدبر أمورهم والتخفيف عنهم خلال فترة الحرب والعدوان على قطاع غزة ,بالإضافة إلى مشاريع رمضان الخيرية وعيد الأضحى التي تم خلالها كسوة الفقراء للعيد وتوزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين,
ورغم الصعوبات التي كانت تواجه عمل طواقم الإغاثة والإسعاف بشكل عام لم يتوانى مركز فتا بكل جهده وطاقمه لمساعدة سكان قطاع غزة حيث هبت الطواقم من اللحظة الأولى لمساعدة العائلات المشردة خلال الحرب والتي لجأت لمدارس وكالة الغوث الأونروا حيث كانت تقدم الأغذية والأطعمة والمياه وحليب الأطفال والطرود الغذائية .
وعلى صعيد القطاع التعليمي الذي اصابه ضرر بالغ خلال فترة العدوان كان لمركز فتا الدور الريادي في دعم المدارس التي تضررت بفعل الاجتياح والقصف الهمجي , فقد سارع المركز وفور توقف العدوان لمساعدة الطلاب ليتمكنوا من العودة إلى مقاعد دراستهم خاصة الذين دمرت بيوتهم بالكامل بعد ان فقدوا كل شيء "الكتاب والقلم والكراس والدفتر والزي والملبس " فكان أن تدخل مركز فتا بشكل عاجل ووفر الحقائب المدرسية والقرطاسية والزي المدرسي لالاف الطلبة مما كان له بالغ الاثر في نفوسهم .
هذا ولم يغفل مركز فتا عن شريحة هامة وواسعة من ابناء شعبنا الا وهم الاطفال " اطفال غزة اللذين ليس لهم من اسمهم نصيب سوى سنوات العمر" , فالطفولة التي تميزها البراءة والعفوية سُلبت من أبناء قطاع غزة بفعل آلة الحرب، وطغت حياة القهر والحصار والجوع والتشرد على اللعب والمرح الذي يفترض أن يتمتع به أي طفل في العالم, فقاموا بتقديم الدعم والإرشاد النفسي وحلقات الترفيه والتفريغ النفسي وتقديم الهدايا الرمزية لهؤلاء الضحايا وذلك بزيارتهم في مراكز الايواء او بالقيام بجوالات على المدارس .
وهنا لا بد من الاشادة بالدور الريادي الذي قام به المركز الفلسطيني للتواصل الانساني فتا قبل واثناء وبعد الحرب على قطاع غزة ونتمنى استمرار عمل المركز في دعم المنكوبين والفقراء والمشردين في أنحاء قطاع غزة وتقديم كافة أشكال الدعم والإسناد في كافة القطاعات وعلى كافة المستويات لهذا الجزء المنكوب من الوطن الغالي فلسـطين وكذلك في كافة اماكن تواجد شعبنا الفلسطيني المناضل.
والشكر والعرفان موصول أيضا لكل من ساهم في دعم الشعب الفلسطيني وخاصة الاشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الكريمة ونخص بالذكر مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان للأعمال الإنسانية , وفاعلي الخير في أنحاء العالم الذين منحوا المركز ثقتهم ودعموا مشاريعه الخيرية على مدار السنوات الماضية وشاركوه هذا الجهد الخيّر المبارك وزادوا دعمهم خلال وبعد الحرب ، متمنيين على أهل الخير في الداخل والخارج تقديم مزيد من الدعم والإسناد للفقراء والمحتاجين في قطاع غزة في ظل تشديد الحصار والإغلاق على قطاع غزة وتأخر اعادة الاعمار .
وهنا لا يساورنا ادني شك بأن أهل الخير لا زالوا على قيد الحياة يشاركوننا أحزاننا, بل يُخففوا عن جزء كبير منها ..
الإعلامي أحمد العجلة
[email protected]