يصعب تعريف الإشاعة، لأنها أحد موضوعات علم ينمو ويتغير بسرعة، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالموضوعات الأخرى في هذا العلم، كالدوافع والعمليات العقلية والاهتمامات، بل وبالسياق الاجتماعي الذي تنتشر فيه، فهناك شبكة من العلاقات.
الاشاعة: الإشاعة لغة اشتقاق من الفعل "أشاع"، أما الشائعة لغة فهي اشتقاق من الفعل (شاع) الشيء يشيع شيوعاً وشياعاً ومشاعاً ظهر وانتشر، ويقال: شاع بالشيء: أذاعه.
أما الاشاعه اصطلاحا فتعددت تعريفاتها، ومن هذه التعريفات:
المعلومات أو الأفكار التي يتناقلها الناس، دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق به يشهد بصحتها، أو هي الترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، أو يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة.
كل قضية أو عبارة، يجري تداولها شفهياً، وتكون قابلة للتصديق، وذلك دون أن تكون هناك معايير أكيدة لصدقها.
كلام هام أو أفكار عامة، انتشرت بسرعة، واعتقد فيها، وليس لها أي وجود أصلي.
ضغط اجتماعي مجهول المصدر، يحيطه الغموض والإبهام، وتحظى من قطاعات عريضة بالاهتمام، ويتداولها الناس لا بهدف نقل المعلومات وإنما بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار.
معلومة لا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها، وتنشر عن طريق النقل الشفهي.
*أنواع الاشاعة:
- الإشاعة الزاحفة (البطيئة): وهي إشاعة تروج ببطء، وهمساً وبطريقة سرية، وهذا التكتم يجعل المتلقي يعتقد بصدقها.
- الاشاعه السريعة (الطائرة): وهى اشاعه سريعة الانتشار، وسريعة الاختفاء أيضاً.
- الإشاعة الراجعة: وهي اشاعه تروج ثم تختفي، ثم تعود وتظهر من جديد إذا تهيئات لها الظروف، او في الأوقات التي يريدها مطلق الإشاعة.
- الإشاعة الاتهامية (الهجومية): وهى اشاعه يطلقها شخص بهدف الحط من مكانه منافس له.
- الإشاعة الاستطلاعية: محاولة لاستطلاع ردة فعل الشارع ، لذلك يطلقها منشؤوها للتعرف ماذا يكون رد فعل الشارع لو تم اتخاذ قرار ما.
- إشاعـة الإسقاط: وهي الاشاعه التي يسقط من خلالها مطلقها صفاته الذميمة على شخص أخر، واغلب الإشاعات المتعلقة بالشرف هي من هذا النوع، وقد أشارت بعض النصوص إلى هذا النوع من الإشاعات وصفات مطلقها كما في قوله تعالى (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ .مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ.عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)(القلم: 10-13).
- إشاعـة التبرير: وهى الاشاعه التي يهدف مطلقها إلى تبرير سلوكه غير الاخلاقى تجاه شخص او جماعه معينه.
- إشاعـة التوقع: وهي الاشاعه التي تنتشر عندما تكون الجماهير مهيأة لتقبل أخبار معينة أو أحداث خاصة، مهدت لها أحداث سابقة .
- شائعة الخوف: وهى الشائعه التى دافعها الخوف من وقوع حدث مأساوى معين فى المستقبل.
- شائعة الأمل: وهى الشائعه التى دافعها الامل فى وقوع حدث سار فى المستقبل كإشاعات النصر في زمن الحرب.
- شائعة الكراهية: وهى الشائعه التى دافعها كراهيه شخص او جماعه معينه.
*كيف تنتقل الإشاعة ؟
حينما يقوم "س" بإبلاغ "ص" بخبر ما، فإن "ص" يتلقى هذا الخبر ثم يعيد صياغته من جديد، وذلك بإضافة معلومة جديدة للخبر أو بحذف معلومة منه وذلك حتى يصبح موضع الخبر أكثر ملائمة لمستواه التعليمي والثقافي وطريقة تفكيره، وبعد قيام "ص" بعملية التحليل وإعادة الصياغة هذه، يقوم بنقل الخبر إلى "ع" الذي بدوره سيعيد صياغته مرة أخرى ليصبح ذو معنى بالنسبة له، بعد ذلك يقوم بنقله إلى أخرين وهكذا دواليك.
*مراحل انتقال الاشاعة:
المرحلة الأولى: الإبلاغ.
المرحلة الثانية: التلقي.
المرحلة الثالثة: الصياغة والتحريف.
المرحلة الرابعة: إعادة التدوير والنشر.
*دوافع الاشاعة:
الإشاعة عملية مركبة من جوانب عقلية ودوافع واهتمامات وإدراك حسي، وهناك جملة من الدوافع النفسية تكمن وراء نشر الإشاعة منها:
- جذب الانتباه: أي جذب الانتباه إلى شخص المتكلم نفسه، فيقوم بإلقاء الإشاعة واضعاً في الاعتبار رفع مكانته ومنزلته في عيون الآخرين.
- الإسقاط: حيث يقوم الفرد بنقل الإشاعة فيشعر أنها تبعده عن المخاوف.
- العدوان: في موقف من المواقف، ونتيجة لعلاقات معينة بينه وبين شخص آخر يقوم الفرد بنشر إشاعة ضد ذلك الشخص وتحمل في طياتها إيقاع الأذى، سواء كان مادياً أو معنوياً أو التشهير بسمعته.
- بعث الثقة والاطمئنان في النفس: فيقوم ناشر الإشاعة بترديدها بهدف إشراك غيره ومقاسمته حمل العبء واكتساب عطف الآخرين.
- تقديم المعروف و الجميل: قد تنقل الإشاعة بهدف تقديم المجاملة الودية أو لحمل جميل إلى السامع.
- الميل إلى التوقع أو الاستباق: فالإشاعة تبلغ ذروتها عندما يكون المرء متوقعاً حدوث شيء خطير.
- الإشاعة المنظمة (الأنظمة الحاكمة).
*مصادر الاشاعة:
- عدو واع: العدو يدرس الظروف ويحلل نقاط الضعف ثم في وقت الأزمة ينشر الإشاعة المناسبة التي يحقق منها منفعته الخاصة، مثل الإشاعات التي تبثها إسرائيل عن البلاد العربية ويصدقها العالم.
- صديق جاهل: قد يحاول الصديق و بحسن نية أن يدافع عن صديقه في موقف ما أو يظهره بمظهر جيد أمام الناس فيخبر أخرين عنه بأشياء ليست فيه وبأفعال لم يأتي بها ومن هذا الباب قد تأتي الإشاعة.
- صاحب مصلحة: هو المستفيد من انتشار الإشاعة مثل بعض الشركات التي تحارب منافسيها بهذا السلاح غير الشريف أو الأخرى التي تطلق إشاعات إيجابية عن نفسها لتحقيق أفضل المبيعات.
- شخص جبان: الجبان ينشر الإشاعة لتبرير جبنه..وأول من يصدق إشاعته هم أناس جبناء مثله ثم بعد ذلك تنتقل الإشاعة منهم إلى الأسوياء لمحاولة إصابتهم بالجبن.
*عوامل انتشار الاشاعة:
1- الشك العام: يقول مونتغمري بلجيون (يتوقف سريان الإشاعة على الشك والغموض في الخبر أو الحدث، فحينما تعرف الحقيقة لا يبقى مجال الإشاعة)، فالإشاعه التي هي محاولة لتبادل العلم بالواقع ومشكلاته في ظل نظام اعلامى يحاول الحيلولة دون هذه المعرفة، لذا يعتبر بعض الباحثين أن الإشاعة هي مجرد "بديل" يعوض غياب الحقيقة الرسمية. فالإشاعة تنتشر، عندما تتوقف المؤسسات – التي من المفروض أن تقدم الخبر المضبوط - عن مهامها الحقيقية.
2- إشراك المتلقي في التفكير في النتائج مما يفتح أمامه فضاء من التخيلات لا تخضع إلا للرغبات والأهواء.
3- القلق الشخصي.
4- سرعة تلقي الإشاعة أو سذاجة المتلقي أو عقلية القطيع.
5- الترقب والتوقع، وعدم الاستقرار وعدم الثقة.
6- وجود أجواء التوتر النفسي التي تخيم على المجتمع.
7- سوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
8- الفراغ الناتج من تفشي ظاهرة البطالة الظاهرة والمقنعة، ومن أشكال الاخيره البطالة المقنعة بأوراق البيروقراطية، ممثله في وجود موظفين لا يعملون شيئا إلا البقاء في مكاتبهم لتبرير قبضهم لمرتباتهم،وتعطيل الموظفين العاملين المنتجين فعلا.
9- شيوع أنماط التفكير الخرافي القائم على قبول الأفكارالجزئيه دون التحقق من صدقها أو كذبها بأدلة تجريبية والاسطورى القائم على قبول الأفكارالكليه دون التحقق من صدقها أو كذبها بأدلة منطقيه.
10- شيوع ظاهره الحرمان الادراكى، ومضمونها تداول الناس فى المجتمعات المغلقه لمجموعه محدوده من المعارف، وممارسه عادات نمطيه متكرره.
*خطر الشائعات على المجتمع:
- تقسيم الرأي العام ونفسيته حتى تسهل السيطرة عليه كإطلاق الإشاعات المتعلقة بإحداث الصراعات بين الفئات الاجتماعية أو السياسية و هي على قدر سرعة انتشارها يزداد تأثيرها على الأفراد.
- إثارة البلبلة و الرعب و افتعال الأزمات كإشاعات قيام حرب أهلية، أو حدوث صدام بين فئات مسلحة أو انقطاع مادة غذائية أساسية أو تسريح العمال من طرف مؤسسة معينة.
- الإساءة إلى سمعة بعض القادة أو الحكومات أو بعض الشخصيات قصد التقليل من شانها أو سمعتها و بالتالي تخفيض تعلق الأفراد بها.
-تحوير الاتجاهات نحو أو ضد بعض الأشخاص أو المواقف.
-تحطيم المعلومات لدى العسكريين والمدنيين أثناء الحرب.
*مقاومة الإشاعة:
1- التثبت من مصدر الإشاعة: وهي معرفة مصدر الإشاعة بدقة حتى تتمكن من حصرها عن علم وقوة.
2- يجب أن لا ننقل الإشاعة: لأنها تؤدي إلى تفكك الجبهة الداخلية والخارجية وبلبلة في الرأي العام وتؤثر نفسياً على الجمهور، لذا يجب توعية الجمهور كي يميل إلى عدم قبول الإشاعة أو ترديدها.
3- السرعة في الرد على الإشاعة: ان عدم السرعة في نفي الاشاعة يعني إثباتها وتأكيدها وللرد عليها يجب اتخاذ الخطوات التالية:
- يجب تحليل الإشاعة من حيث مصدرها وقوتها وضعفها وخطورتها قبل نفيها .
- وإذا كانت الإشاعة عن أمر بسيط فيجب تجاهلها.
- اذا كانت الإشاعة قوية فيجب الرد عليها بطريقة لبقة وغير مباشرة أي دون ذكر موضوع الإشاعة الأصلي أو كشف مصدرها ومروجيها.
- يجب أن يتولى الرد والنفي شخصيات مسؤولة تتسم بالمصداقية لدى الجمهور.
4- نشر الأخبار الدقيقة والموضوعية والشاملة: ان الإشاعة تنتشر إذا فقد الخبر وتموت بظهور الخبر اليقين ويجب بناء الثقة بالمسؤولين لأنهم أعرف الناس بحقائق الأمور وبواطنها ويجب أن يتم نشر الحقائق في وسائل الإعلام.
5- إنشاء مركز للسيطرة على الإشاعة: إنشاء عيادة لتشخيص الإشاعات وعلاجها والهدف هو تحديد مصدر ومحتوى وخروج الإشاعة وثقيها على أساس علمي مدروس.
طرق للتعامل مع الاشاعة:
1- التوعية:- توعية الجمهور من المخاطر الناجمة عن الاستماع للإشاعة أو نقلها أو ترويجها وتقع المسؤولية على وسائل الإعلام كافة.
2- الوقاية:- ويكون بتزويد الناس بالمعلومات الدقيقة والكاملة والشاملة والموضوعية والموثقة والعمل على القضاء على مسببات الإشاعة، وخير وقاية هو الأيمان، وقوة العقيدة والوعي.
3- العلاج:- أما إذا انتشر الوباء فيجب العمل على مقاومته بالطرق التالية:
- تحليل أسباب ومصادر ودوافع المروجين.
- الوصول إلى المروجين وإسكاتهم.
- تزويد الجمهور بمعلومات صادقة، وتوعية الجمهور للخطورة.
- الرد على الإشاعة بطريقة رسمية.
- إذا كانت سخيفة نتجاهلها.
- يمكن معالجتها بمقابلة الجمهور خلال ناطق اعلامي صادق ..
- يمكن الرد على الإشاعة بإشاعة مماثلة.
- تكوين جهاز مكون من عدة كفاءات في علم النفس والاقتصاد والسياسية والإعلام والرد بطرق علمية مدروسة.