لقاء عمان كلام بدون فعل

بقلم: راسم عبيدات

في ظل الأوضاع المتفجرة في مدينة القدس،بسبب تصاعد الجرائم والممارسات القمعية الإسرائيلية بحق القدس والمقدسيين،والإقتحامات اليومية للمسجد الأقصى والتي بلغت ذروتها بإقتحام المسجد القبلي والدوس على سجاد الأقصى بالأحذية من قبل شرطة الإحتلال وجنوده،اتخذت الحكومة الأردنية صاحبة الوصاية على المسجد الأقصى وفق الإتفاقية الأردنية – الإسرائيلية ،والأردنية الفلسطينية،مجموعة من الخطوات تمثلت في استدعاء السفير الأردني من تل ابيب وتهديدات بمراجعة اتفاقية وادي عربة،وعلى ضوء ذلك تحركت امريكا،بعد ان بات واضحاً بان الإحتلال يفقد زمام الأمور والسيطرة في مدينة القدس،حيث التهب الشارع المقدسي وتصاعدت حدة المواجهات،وترافق ذلك مع عمليات نوعية نفذها المقدسيون كرد طبيعي ونتاج على ما يرتكبه الإحتلال من جرائم بحقهم،وما يمارس بحقهم من اجراءات وممارسات قمعية وإذلالية تمس بكرامتهم وهويتهم وقوميتهم ومعتقداتهم وشعائرهم الدينية،وعلى وجه التحديد محاولة السيطرة على الأقصى ..الخ.

جاء التحرك الأمريكي بعقد لقاء ثلاثي في عمان يوم الخميس الماضي بين الملك الأردني عبدالله الثاني ورئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي كيري،من اجل احتواء الموقف،ووقف حالة التصعيد التي قد تدفع بالأمور الى بروز قيادة فلسطينية جديدة تتجاوز القيادة الحالية ولا تلتزم بقراراتها وتوجيهاتها،قيادة تكون اكثر جرأة وصلابة وتحدي للإحتلال،يصعب احتواءها.

عقد الإجتماع وصدر عنه قرارات من ضمنها التزام نتنياهو بالحفاظ على "الإستاتيكو" المعمول به في المسجد الأقصى،ولكن هناك اكثر من فهم وتفسير في عرف نتنياهو لهذا "الإستاتيكو"،فنحن نفهم بأن هذا الإستاتيكو يعني ان الأوقاف الإسلامية هي صاحبة الحق الوحيد في الإشراف على المسجد الأقصى والسيطرة على أبوابه،وان الصلاة فيه فقط للمسلمين دون غيرهم،وان الأوقاف هي من تشرف على السياحة الأجنبية،بما فيها دخول الإسرائيليين للسياحة،ولكن "استاتيكو" نتنياهو يعني السماح للمستوطنين والسياح بمواصلة الدخول للمسجد الأقصى وشرعنة عمليات الإقتحامات لهم،وبان لهم حق في المسجد الأقصى،والمهم أنه لم يجف حبر الإتفاق حتى واصل المستوطنين اقتحاماتهم للمسجد الأقصى ومنعت قوات الإحتلال المرابطين/ات من الدخول الى المسجد الأقصى في الفترة الصباحية،وهدد نتنياهو باعتبار المرابطين والمرابطات جماعة خارجة على القانون،ويجب اخراجهم/ن بالقوة من المسجد الأقصى،وكذلك هدد وزير الأمن الداخلي الصهيوني "يتسحاق اهرونوفتش" بوضع بوابات الكترونية على المسجد الأقصى تحت حجج وذريعة منع دخول المفرقعات النارية والأجسام الصلبة الى المسجد الأقصى،في تعد صارخ على صلاحيات الأوقاف الإسلامية،وفي هدف يشتم منه محاولة التحكم والسيطرة على ابواب المسجد الأقصى دخولاً وخروجاً من أجل مراقبة المصلين وحركتهم ومن يسمح له بالدخول ومن لا يسمح له،وهذا يعني العمل على مواصلة اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى والعمل على تقسيمه زمانياً تمهيدا لإيجاد فضاء مكاني لليهود في المسجد الأقصى لاحقاً.

مؤتمر عمان جاء بترتيب امريكي لوقف تصاعد الأوضاع في مدينة القدس،والتخوف من تطورات يصعب السيطرة عليها،اطراف عربية هي الأخرى اجرت اتصالات مع أطراف فلسطينية لنفس الغاية والهدف مما دعا مدير الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الحرب الصهيونية "عاموس جلعاد" الى الإشادة بها وشكرها،وكذلك عقد اجتماع امني فلسطيني - اسرائيلي لنفس الغاية والهدف.
المجتمع الإسرائيلي المنزاح بشكل كبير نحو اليمين الديني والقومي ونحو اليمين والعنصرية والتطرف،والذي لديه تمثيل وتعبيرات واسعة وكبيرة في قمة الهرم السياسي- الأمني- التشريعي – القضائي والديني،لن يقبل بأي اتفاق يقيد حركته في مواصلة اقتحام المسجد الأقصى وإعاقة عمله بالعمل على تقسيمه،حيث نتلمس ذلك بشكل واضح من خلال تغيير أسماء اللافتات على الطرق المؤدية الى المسجد الأقصى بوضع أسماء تشير الى جبل الهيكل المزعوم بدل المسجد الأقصى باللغات الثلاثة العبرية والعربية والإنجليزية،وكذلك ما سيجري افتتاحه قريباً تحت باب المطهرة ومنطقة حمام العين التي لا تبعد اكثر من مئتي متر عن المسجد الأقصى من قاعات وانفاق يهودية نتاج لعشر سنوات من الحفر أسفل الأقصى.
اتفاق هو كلام في الهواء ولذر الرماد في العيون،ومن اجل امتصاص حالة الغضب الشعبي- الجماهيري في الأردن وفلسطين،ونتنياهو كاذب ومخادع،هو وكل جوقة الحكومة التي يترأسها،هم لا يريدون أي هدوء او سلام في القدس،كل يوم يعلنون عن مشاريع استيطانية وعطاءات ومناقصات لتنفيذ تلك المشاريع بألآلاف الوحدات الإستيطانية في القدس،وفي قلب الأحياء العربية،ومواقف داعمة وحاضنة للمستوطنين في ممارساتهم وتصرفاتهم وجرائمهم بحق العرب المقدسيين،ف"تغول" و"توحش" المستوطنين يتم بدعم ورعاية من قمة الهرم الحاكم.
المسألة لا تحتاج الى لقاءات ومؤتمرات،بقدر ما تحتاج الى خطوات عملية وجدية،فمسؤولية إنقاذ الأقصى والقدس،يجب ان يكون لها الألوية على أي قضايا أخرى،ولا يجوز ترك المقدسيون وحيدين في الميدان،ويجب التحرك على كل المستويات الرسمية والشعبية،ومخاطبة كل الهيئات والمؤسسات والمحافل الدولية،والضغط على صناع القرار في الدول التي تقف الى جانب اسرائيل وتدعمها في البقاء كدولة فوق القانون الدولي،بان عليها ان تلجم دولة الإحتلال،وان تخضع إجراءاتها وممارستها بحق المقدسيين والأقصى للقانون الدولي.
القدس المحتلة – فلسطين

17/11/2014
0524533879
[email protected]