أصداء ما قبل الانفجار

بقلم: عبد الرحمن صالحة

على ما يبدو ان عود الثقاب أشتعل من جديد في قطاع غزة وتحديداً بعد أن وضعت الحرب الأخيرة أوزارها نظراً لما تعانيه غزة من عزله داخلية وخارجية وتهتك في الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وفشل جهود الوئام بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني وخذلان العالم العربي للقضية الفلسطينية بعد أن كانت القضية المركزية للوطن العربي وهي القضية الوحيدة على سطح الأرض التي يشتمل فيها العديد من المنطلقات الدينية والسياسية والإنسانية.

اليوم تشعر غزة بالوحدة من القريب ومن البعيد ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تحاك المؤامرات والخطط لأحاكم القبضة الأمنية من اليد العربية والإسرائيلية على القطاع بهدف التركيع والتجفيف وفرض الشروط المخزية عليه ولتجريده من الشهامة والرجولة ومن أجل مساومة قطاع غزة على نهجه الذي يؤمن به آلا وهو نهج المقاومة مقابل رواتب ومستحقات مالية ومصاريف تشغيلية تعتبر حق كفلها المنطق والقانون وكافة الشرائع لقطاع غزة.

حركة حماس تعي الواقع جيداً و المصير الكارثي الذي يختطف قطاع غزة  خاصة بعد تقيمها لما أسفرت عنه نتائج الحرب السياسية والمفاوضات الغير المباشرة، وقد يتبادر لبعض الأطراف والشخصيات أن حركة حماس لا تعي لما يدور ويحاك حولها وحول قطاع غزة فهناك شواهد علي أن حركة حماس تتابع وتعي ما يحدث ولم تكتفي بالنصر الذي حققته المقاومة على الجيش الإسرائيلي في أعقاب العدوان بل أمتد تقييم و متابعة حركة حماس لما بعد الحرب والمفاوضات وسوف أذكر بعض الشواهد التي تدلل على متابعة حركة حماس للمرحلة الراهنة الغير المرضية لها و تعتبر هذه الشواهد عبارة عن رسائل و إنذارات تبرقها حماس لإسرائيل مفادها عدم الرضى عن الواقع الحالي للقطاع وان الواقع الحالي للقطاع الذي لم يتغير يقلل من عمر التهدئة الهشة وتتمثل هذه الشواهد والإنذارات في جانبين الأولى عسكرية والثانية إعلامية سياسية.

فالشواهد العسكرية تضح من خلال مواصلة حركة حماس لإطلاق الصواريخ التجريبية في عرض البحر والتي كانت آخرها منذ إيام حيث تم إطلاق أربعة صواريخ خلال 24 ساعة، و14 صاروخا على الأقل في اﻷسابيع اﻷخيرة، ومواصلة حماس في إطلاق الصواريخ التجريبية مما يدل على نشاطها المكثف لبناء ترسانتها الصاروخية ومن جانب أخر حرصها على إنتاج الصواريخ بنفسها ودليل على استعدادها وجهوزيتها للمواجهة القادمة بغض النظر من يبدأها أولاً من أجل تغيير الواقع البائس والمزرى لغزة ولاستدراك الهزيمة السياسية التي أعقبت الانتصار العسكري.

أما الشواهد السياسية والإعلامية فتتمثل في التصريحات التي خرجت من أفواه قادمة حماس خلال الفترة القصيرة السابقة أمثال خليل الحية وأسامة حمدان ومحمود الزهار وموسى أبو مرزوق والتي جلها كانت على رتم ووزن واحد مطالبة بفك الحصار عن غزة وبالتهديد والوعيد بالتصعيد وخلط الأوراق أن لم يفك الحصار عن غزة وإعادة إعمارها.

وبد كل التنازلات التي قدمتها حماس لتحقيق المصالحة والوحدة بين غزة والضفة إلا أن الواقع الفلسطيني يعاني من التيه نتيجة تصرفات ومواقف أبو مازن الذي لا يؤمن بأي حلول سياسية داخلية ولا يؤمن بالمقاومة ولا بالانتفاضة ولا بمحكمة الجنايات ولا بالمساس بأمن اسرائيل ولا وقف التنسيق الأمني، فالحلول الترقيعية للواقع السياسي الفلسطيني لم ولن تجدي والحل الجذري هو ثورة شعبية فلسطينية تجتث أوسلو واصحابها وتضع أصحاب الأرض المحتلة في مواجهة الاحتلال، فقد أصبح كل همنا أن نعالج أثار واعرض الاحتلال من حصار غزة وكهرباء وادخال مواد البناء وتخفيف الحواجز الاسرائيلية بين مدن وقرى الضفة ولم يعد همنا ينصب على كنس وإزالة الاحتلال رأس المصائب لواقعنا.