أين نحن ...وتجارب التاريخ !!؟؟

بقلم: وفيق زنداح


كم نحن بحاجة دائمة الي قراءة التاريخ والاطلاع علي تجارب الشعوب ....وما تم استخلاصه من تلك التجارب لتعزيز مقومات الامم وتصليب مفاصلها ..وتعزيز مقومات قوتها من خلال العمل والعلم ...الاجتهاد والمثابرة ...العطاء الدائم وانكار الذات ...والانتماء للوطن ولقضاياه بعيدا عن شخصنه القضايا ...جهود جبارة بذلت عبر عقود طويلة من التخطيط الدائم والعمل المستمر والطاقات العلمية التي سخرت نفسها من أجل النهوض والارتقاء بأوطانهم ..وتعزيز القدرات الذاتية ..والقوة المانعة ...والمحافظة علي سلامة الاوطان وعدم المساس بأمنها واستقرارها والخوف الدائم عليها من الانهيارات والانتكاسات والانقسامات .
نحن في زمن الاقوياء ولا مكان للضعفاء ...نحن في زمن من يخططون... ولا يخطط لهم ...نحن في زمن وحدة المجتمعات وليس انقسامها وتفتتها ...هكذا حال الشعوب والامم والدول التي شقت طريقها صوب التقدم والمنافسة في سوق التجارة العالمية ...والتي حققت معدلات انتاج عالية المستوي ..,معدلات دخول قومية وفردية تحقق من خلالها التقدم والرخاء والقوة وبكافة مناحي الحياة .
الامم والشعوب القوية والمتماسكة يحكمها عقد وثيق ..ونظام ملزم ..وقانون يحاسب وقضاء عادل ..ودستور واضح ومنظم لمجمل العلاقات ما بين الحاكم والمحكوم .
تجارب الشعوب التي ناضلت وتحررت من عبودية الاستعمار وخلال عقود مضت اتخذت طريقين اما مقاومة المحتل ....واما مفاوضة المحتل ..واما الاثنين معا ..تجارب التاريخ للعديد من الدول والشعوب لا تعد ولا تحصي ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر فيتنام والهند واليابان كما الجزائر ومصر واليمن وليبيا وسوريا ودول أخري عديدة انتصرت وتحررت من الاستعمار ..فالجزائر علي سبيل المثال احتلت من قبل فرنسا ما يقارب 130 عام وناضلت جبهه التحرير الجزائرية حتي تحررت الجزائر والتي قدمت مليون ونصف المليون من الشهداء وهذا حال كافة الدول التي تحررت وطردت الاستعمار من أراضيها .
كافة الشعوب تحررت واقامت دولها وأصبحت ذات شأن اقتصادي وسياسي وعلمي ..لكنها توحدت وعملت علي قلب رجل واحد ويدا بيد وبفكر جمعي ..وارادة جامعه متماسكة فأين نحن من تجارب التاريخ ؟؟!!! .
صراحة ليس لنا مثيل بمثل حالتنا التي وصلنا اليها ...برغم أننا من الشعوب التي ناضلت لعقود طويلة وضحت وما زالت تضحي ...لكننا وللأسف الشديد نضالنا غير مخطط ...والاهم أن نضالنا يأتي في اطار ردود الافعال وليس في اطار الفعل المنظم ...نضال مشتت ومفتت ..كلا منا يناضل بطريقته وحسب أجندته الخاصة .. والنتائج أمامنا وبيننا ولنا أن نحكم علي ما قدمنا من تضحيات جسيمة ...وما حققنا من نتائج ملموسة .
أعرف أن كلامي صادم ..وربما يكون مستفزا لمن لا يريدون قراءة الحقيقة ...لكنها الحقيقة المرة ...فلسنا بحاجة الي المزيد من الكلام المعسول ..والطبطبة علي الظهور ..ورفع الشعارات البراقة ...لمحاولة ارضاء الذات وتضخيم الافعال حتي أصبحنا راضين علي ما نحن عليه برغم أننا لسنا بأحسن حال ..فما الذي ينقصنا حتي نكون مثل غيرنا ؟؟ ..وماذا قدم غيرنا أكثر منا وقد حقق الحرية والاستقلال ونحن لا زلنا في ظل احتلال ؟؟.
أصبحنا نتصارع علي كرسي وهمي .....وعلي سلطة وهمية ....وعلي دولة ليست بأيدينا ونسعي لتحقيقها ولا نعرف كيف سنحققها ونحن في هذا الحال ؟؟ .
تصارعنا حتي زاد ضعفنا ...تصارعنا وانقسمنا حتي حصرنا وتم الاعتداء علينا ...تصارعنا وانقسمنا وأعطينا لعدونا فرصة ذهبية لاستمرار حصاره وعدوانه واستيطانه حتي تدنيس مقدساتنا ...تصارعنا وانقسمنا حتي بات الشتاء يغرقنا .
أقول لقادتنا وفصائلنا أن حظكم من السماء أن لديكم شعب مؤمن وصابر ومرابط محتسب ...لا زال علي صموده وصبره وايمانه بعدالة قضيته ...لكن هذا المخزون الجماهيري الكبير... لا يكفي وحده دون فصائل وقيادات قادرة علي توحيد جهودها وطاقتها والعمل بوحدة حالة فلسطينية تعرف الي أين الاتجاه ..وماذا عليها أن تفعل
....ولا يكفي مجرد الحديث عن الوحدة وأن الانقسام وراء ظهرنا ..وأنه لا مجال الا المصالحة ...كلام معسول ...لكن مذاقه مراره كالحنظل ...بعد أن وصل حال الناس الي عدم تصديق ما يسمعون ...ولا زالوا يشربون الماء الملوث ويعيشون علي الكهرباء المتقطعة ولا زال الشتاء يغرقهم ..والبرد يفتك بهم ..ومنازلهم مدمرة والبنية التحتية متآكلة ..والبطالة متفشية والاعمال متوقفة والدخول مفقودة كل ذلك والوطن مسلوب والمقدسات تدنس وتستباح والاستيطان يزداد ويتسع ..فماذا تبقي أن يحدث لنا ؟؟.
عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والاسري ..وما زال الحصار الجائر قائما
فما أن الاوان لوحدتنا وانهاء انقسامنا ؟؟ .
اذا كنتم لا تستطيعون ....أو لا تمتلكون ارادة التصالح ...وانهاء هذا المشهد المأساوي الذي أصاب كافة مناحي حياتنا ..فعلي الاقل نطالبكم بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية كممارسة ديمقراطية وحق شعبنا باختيار قيادته.. وحتي ننهي هذه الصفحة بصفحة جديدة ..وبأسماء جديدة ...ممن يتم اختيارهم من خلال ارادة الناخبين ...فهذا هو المخرج لحالة الانقسام القائمة ..اذا كنا نومن بالديمقراطية وبنتائجها بصورة فعلية وعملية ...وليس مجرد كلام .

الكاتب : وفيق زنداح