عندما نكتب عن مصر ...فإننا نكون أمام تاريخ وحضارة ...علماء وأدباء ..مفكرين ومثقفين وقانونيين ...مصر بما لديها من مخزون ضخم من الطاقات البشرية بكافة مناحي العلوم والتخصصات ...وما يشهده هذا البلد العربي الشقيق من تطورات متسارعة وعلي كافة الصعد التنموية والاقتصادية والاستثمارية ...وما تشهده الساحة المصرية من حراك سياسي ثقافي ...يجعل من هذا البلد العربي صاحب التاريخ والحضارة رقم صعب ...يصعب علي كل من يتربص به امكانية تحقيق أهدافه في ظل قوته الذاتية ومؤسساته القادرة علي لجم وانهاء كل من يعترض مسيرة التقدم والتطور والبناء .
لم أكن راغب بالحديث عن حكم المحكمة فالمبدأ أن لا تعليق علي حكم محكمة ....لكن ما أود طرحه لا علاقة له بحيثيات الحكم واجراءات التقاضي والدفوع القانونية وما نتج عن كل هذا من قرار قضائي يجب احترامه والاقرار به مع حق الاحالة لمحكمه النقض اذا ما كان هناك دواعي واسباب ومبررات قانونية يمكن أن توفر الامكانيه القانونية لهذه الاحالة .
وحتي نكون في الاطار العام والمفاهيم القانونية المتعارف عليها والتي توكد أن المتهم برئ حتي تثبت ادانته ...وأن الحكم القضائي لا علاقة له بالسياسة ومزاج الرأي العام ولكن الحكم يأتي بناء علي أوراق واثباتات وشهادة الشهود ...هذه المفاهيم القانونية والاجرائية متعارف عليها بكافة المحاكم . وليس من حق كل من هب ودب أن يتحدث عن مدي سلامة الحكم من عدمه ...لأن الاحكام لها حيثياتها وأوراقها الثبوتية والتي يأتي حكم المحكمة بناء عليها وليس مخالف لها .
حكم البراءة للرئيس السابق مبارك ونجليه وللولاء حبيب العادلي ومساعديه أثار الجدل الاعلامي وتناقضت الآراء عبر صفحات التواصل الاجتماعي وهناك من فرح بالبراءة ...وهناك من غضب .
لست بصدد من فرحوا ببراءة الرئيس الاسبق مبارك ....ولكنني سأتحدث عمن أصابهم الغضب والذي لا يحق الا لأسر الشهداء الذين قتلوا منذ أحداث يناير وحتي يومنا هذا ....لأن حقيقة الامر أن من قتلوا واستشهدوا منذ 25 يناير وحتي يومنا هذا من أبناء شعب مصر دمائهم غالية علي الجميع ...والقصاص لهم واجب وطني لا حياد عنه لأن من قتلوا واستشهدوا من شباب مصر وضباطها وأفراد شرطتها ومن أبناء القوات المسلحة جميعهم مصريين ولهم حقوقهم كما واجب القصاص لهم .
ليس هناك من هو أحرص علي دماء المصريين وارواحهم من الدولة والشعب المصري ...وكل من يخرج علينا من قناة الجزيرة القطرية كذب وافتراء ومحاولة خسيسة لاستغلال الاحداث ...بعد أن أحبطوا يوم 28 نوفمبر ووجدوا أنفسهم غير قادرين علي الحشد ...ولا حتي السير في الشوارع العامة ...وكل ما استطاعوا فعله بعض العشرات داخل أزقه وحواري لم يشاهدهم الا كاميرات الجزيرة والتي بثتها علي شاشتها مناصفة بينهم وبين القدس في محاولة للخداع والتظليل وكأنهم كما يخافون ويحرصون علي القدس ...يحرصون علي اسماع صوت العشرات ممن ليس لهم صوت ولا حضور بعد أن انكشف زيفهم ...وبعد أن أصبحوا علي المكشوف أمام الشعب المصري ...هذا الفشل الذريع أصابهم بالصدمة والذهول ...في ظل انتكاسات مستمرة جعلتهم ينتظرون أي حدث يمكن أن يكون... لاستغلاله والبناء عليه لكنهم أيضا فشلوا لحقيقة ثابتة وراسخة أن الشعب المصري قد لفظهم ..وأن الشرطة والقوات المسلحة المصرية قد داهمتهم في أوكارهم ..حتي أصبحوا عراه وفاقدين للقدرة برغم كافة مخططاتهم وتأمراتهم ومحاولاتهم لإقفال طريق هنا أو هناك ..أو اشعال اطار سيارة هنا أوهناك ...أو محاولة اطلاق النار عن بعد لإصابة ضابط أو جندي ...أفعال شيطانية ليس لها من هدف الا التخريب واثارة الفتن واستغلال الاحداث والركوب عليها لعل وعسي أن يعيدوا مجدا قد زال ..أو حضورا قد غاب ..أو صوتا وقد صمت للأبد .
ثورة 30 يونيو والتي خرج فيها ما يزيد عن 35 مليون مصري كانت شعاراتهم واضحة ومطالبهم محددة ....وأهدافهم ثابتة... وكان لهم ما أرادوا من خلال خارطة الطريق التي أنتجت دستورا جديدا ..وحكما ديمقراطيا ... علي طريق انتخابات مجلس النواب .
هذه الفئة التي لا زالت تجدف بعكس التيار ..وتتناقض مع سلامة الطريق الذي تعبد وسار عليه الملايين من المصريين ..واستمرارهم بحالة المكابرة وعدم التسليم بالهزيمة يعبر عن حالة من الغباء السياسي ...كما أنه يعبر عن حالة من عدم الخوف علي أمن واستقرار البلاد... وتغليب مصالحهم ومصالح من يمولونهم علي مصلحة الوطن وسلامته واستقراره وتطوره ...وهذا بحد ذاته جريمة كبري سيحاسبون عليها أمام القضاء العادل ..وحتي امام رب العزة الذي لا يقبل بتخريب أرض المسلمين ..ولا بقتل أبناء المسلمين .
الكاتب : وفيق زنداح