بقدر فرحتي.. كان حزني

بقلم: وفيق زنداح

كم أكون فرحا ومسرورا عندما أقرأ تصريحا أو مقالا يبعث الآمال بداخلنا ويعزز من معنوياتنا ....ويشعرنا أن هناك أملا ما زال يتجدد ...من خلال أصوات موضوعية متوازنة تمتلك قدرة قراءة المشهد بكافة تفاصيله وعناوينه حتي ولو كنا نختلف معها سياسيا...الا أن فرحتنا الغامرة أن نقرأ ما هو جديد في أسلوب التخاطب واستخدام المفردات والمضامين والعناوين ...مما يوكد أن هناك عصفا ذهنيا وأفكار تتجدد لتخرج بما هو جديد من أفكار وطنية وحدوية لطى صفحة سوداء لا زالت ماثلة... وتشكل عب ثقيل وانتكاسات متشعبة ومتعددة... تصل بنا الي حد الاختناق وتغيب البصيرة والتبصر في ظل توهان دام طويلا لواقع معاش أصابنا بإحباط لا يوصف ..وبنظرة سوداوية لا زالت تشكل عنوان مشهد الصورة .

وعندما نقرأ ما يبشر ... وما يسر القلوب ...وما يمكن أن تقبله العقول ...يتجدد الأمل حتي ولو كان هناك اختلاف في التحليل ....واتفاقا بتحليل واقعا مأساويا يعكس حالة البؤس والشقاء والكوارث التي ألمت بنا .

نحن نفرح ...ولا نخفي فرحتنا ...لأننا لسنا بعشاق حزن وألم ...ولكننا عشاق وطن جميل نحلم برؤيته لأبنائنا وأطفالنا ...عشاق وطن يستوعب الجميع منا ...برغم كل ما فيه من عذاب وحصار وتجويع ...وما ألم بنا من دمار وتهجير ...فالوطن ليس جمادا ..بل الوطن انسان له حقوق وعليه واجبات ...الوطن ليس مالا وعمل متوفر برغم حالة الغياب لكافة متطلبات الحياة الادمية والانسانية ...الوطن تجمع للمحبين والعاشقين والمتسامحين والذين ارتضوا أن يعيشوا ويتعايشوا مع بعضهم البعض بروح التسامح والمحبة والعدل... الوطن ليس شيئا ماديا يمكن الامساك به ...بل الوطن حالة شعورية معنوية يشعر فيها الانسان بدفئه ومحبة من حوله ...في ظل توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة الانسانية ...وما يجب أن يتوفر من أمن واستقرار وحريات عامة وخاصة ...الوطن علاقات اجتماعية وانسانية تحسب من بداخله أخوة وأصدقاء وأهل ...وكأن العائلات والأسر أقارب وابناء عائلة واحدة .

الوطن ليس لمن غلب ....وليس لمن لديه القدرة المادية ...وليس لمن يستطيع أن يفعل ما يشاء ووقتما شاء ...لأن الوطن كبير وعظيم وذات معاني خالدة متجذرة بعمق التاريخ ويتسع لكافة أبناء الوطن .

اليوم قرأت علي أحد المواقع الاخبارية مقالا باسم الدكتور أحمد يوسف وأنا هنا لست معلقا ..كما أننا لست محللا ...لما جاء في مضمون المقال وما ورد فيه من مفردات وتحليل ونتائج ...لكنني كنت متحفظا علي بعض جزئيات التحليل الوارد ليس لوصف المشهد وتفاصيله وعناوين كوارثه والمخاطر المحدقة بنا... ولكن لبعض المقتطفات التي لا أريد ذكرها في خضم التصريحات غير المسئولة... والمناكفات الاعلامية غير المقبولة ..وحتي لا تضيع فرحتي في واقع اشتباك المفاهيم والتحليل ...لقناعتي الشخصية والراسخة بأنني مع كل صوت موضوعي ومتوازن ...مع كل صوت يسعي لوحدة الصف ولملمة الجرح النازف ...مع كل صوت يدعو لإنهاء الانقسام وبداية صفحة جديدة من العمل الوطني ..واجبنا أن نشجع كل صوت وطني وحدوي حتي ولو كنا نختلف معه سياسيا ...كما ويجب أن نشجع كافة المراجعات الفصائلية وأن نسهل عليها التقدم والاستمرار لمعالجاتها الداخلية ..واستخلاصاتها الخاصة وانهاء حالة التشبث بالمواقف التي أوصلتنا الي ما نحن فيه .

لقد أوقعنا أنفسنا في شر أعمالنا ...وسوء نوايانا ومقاصدنا ...وغياب ارادتنا الوحدوية ...في ظل التباهي والي حد الغرور... لما يمتلك كلا منا من أوراق ضغط وقوة يستطيع أن يلعب بها بطريقته وحسب ظروفه ...تاركين شعبنا ...ومطالبين منه بالمزيد من الصبر والرباط والجلد علي ما ابتلاه من ظروف قهرية طالت مأكله وملبسه ومسكنه واستقراره وبالمجمل مقومات حياته .

مجمل التساؤلات المطروحة بالمقالة ...والاجابات المفقودة ...وفي واقع المسئوليات والعناوين المتعددة التي أوصلتنا الي حالة البؤس ومرارة الواقع ...يأتي حزني نابعا من جملة التساؤلات المشروعة بمضمونها والمحقة في طرحها ...لكنها بمجملها أسئلة لصناع القرار ...ولمن يعتبرون أنفسهم قيادات وفصائل... وليس للقارئ والمواطن العادي الذي يزداد ألمه مع كل سؤال يطرح لأن الاجابات ليست بيده ...بل أن الاجابات جميعها لمن يمتلكون القرار ...ولمن يحاولون مرارا وتكرارا الالتفاف علي الاجابات المباشرة والواضحة .

تشخيص حالتنا وواقعنا ...يمكن أن يشخصها اي مواطن بحكم التجربة المريرة التي يعيشها ...لكننا يجب أن نخرج من دائرة التشخيص... الي واقع الفعل والقرار ...والقرار ليس صعبا ...ولن يكون مستحيلا... اذا ما توفرت النوايا الحسنة ...والارادة الوطنية الوحدوية واذا ما شعر كلا منا أن أجندته الخاصة لا تحقق ما يريد ...ولكن أجندة الوطن الجامعة والمجتمعة علي ارادة الجميع يمكن أن تكون مخرج وبداية صحيحة لما نسعي لتحقيقه ...القرار الذي نحن بحاجة اليه قرار وطني خالص ومخلص ...قرار لمصلحة الوطن ...قرار نابع من مسئولية وطنية وتاريخية .

حزني ...ما بعد فرحتي... أنني أريد أن اسمع وغيري حلول عملية ..وأن نقرأ مواقف مختلفة ...وأن نخرج من دوامة الازمة ..وأن نتوافق في مرحلة التحرر ...حتي نمهد الطريق للتوافق في مرحلة الدولة .

لم نفقد الامل ...ونريد أن نقرأ المزيد من المقالات الواعية والموضوعية والتي تدفع الي الوحدة وانهاء الانقسام ....لمواصلة الضغط الاعلامي علي كافة صناع القرار ..حتي نري المشهد الفلسطيني الذي نفخر به ...والذي يمكن أن نتفاخر به أمام الامم ..وعندها ستدوم فرحتي ...ولن يكون للحزن مكان .