لا شك أنّ العدو الصهيوني تابع باهتمام كبير وقلق بالغ زيارة الوفد السوري إلى روسيا ولقاءاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف.
بداية لا بدّ من التأكيد أنّ هذا العدو لم يغيّر موقفه من سورية منذ أنشأ كيانه المصطنع على أرض فلسطين واحتلاله أرض عربية أخرى اثر حرب حزيران العدوانية العام 1967 في الجولان وفلسطين وسيناء، هذا الموقف استمرّ حتى اليوم حيث الحرب العدوانية الكبرى ضدّ سورية.
كان من الضرورة الإشارة إلى هذا التأكيد حتى لا يتوهمنّ أحد أنّ الاحتلال الصهيوني غيّر موقفه من سورية الآن.
الديبلوماسية السورية الحاضرة مجدّداً في روسيا برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم لن تخوض حتماً في غمار غير ما هو من أساسيات الثوابت السورية في الصراع مع الإرهاب الدولي، وهذا ينسحب بالضرورة على الإرهاب الصهيوني الذي يتجلى اليوم في الممارسات الصهيونية بالجولان على صعيد الاستيطان وسرقة الثروات ودعم الإرهابيين ومحاولة إقامة منطقة عازلة تنضمّ إلى شقيقتيها المقترحتين من الحكومة التركية في شمال سورية، والائتلاف المعارض في منطقة القلمون.
وهنا يمكن الإشارة إلى ما قاله المندوب السوري الدائم في الأمم بشار الجعفري خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة الحالة في الشرق الأوسط: «أودّ الإشارة إلى أنّ إسرائيل قد أضافت خلال الأزمة الحالية في سورية فصلاً جديداً إلى سجل انتهاكاتها ألا وهو دعم الإرهابيين التكفيريين في منطقة الفصل في الجولان السوري بما في ذلك علاج مصابي هؤلاء الإرهابيين في المشافي الإسرائيلية». ويضاف الى ذلك الغارات الصهيونية على الأراضي السورية واستهداف قوات الـ»أندوف» الدولية من قبل المسلحين بتسهيل ودعم كامل من الصهاينة.
لذلك من يتحدّث عن موقف «النأي بالنفس» للكيان الصهيوني تجاه الأزمة السورية منذ بدايتها قبل أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام بالضرورة لن يكون عقلانياً في حكمه على مسار الصراع مع كيان الاحتلال الغاصب.
ليس سراً أنّ حاجة العدو الصهيوني لدمشق لم تتحقق على غرار كثير من العواصم العربية وعليه يبحث الصهاينة وحلفاؤهم عن استراتيجية بديلة، ضمن تغييرات إقليمية ودولية باتت تحتم الحاجة لنظام آخر في سورية، يخدم أغراضاً وترتيبات أخرى يعدّ لها كثير من أرباب القرار في العالم، وتحديداً في واشنطن وحليفاتها من عواصم الغرب.
المراد نظام سوري يفتك بالمقاومة والمقاومين وبالقضايا العربية وفي المقدمة منها فلسطين، القضية المركزية للأمة، كانت وستبقى كذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
القلق الصهيوني كان ولا يزال من استمرار المواقف السورية المقاومة والممانعة وتصاعد اشتعال المقاومة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان وعموم المنطقة، وهو سيناريو يجتهد الصهاينة في عدم تخيّله، لأنه كابوس لا يُطاق. والسؤال المفصلي الذي بات الصهاينة يبحثون له عن إجابة شافية، هو متى سيسقط الأسد؟ وما هي السيناريوات التي بانتظارنا؟ وكيف سيتعاملون مع حكام سورية الجدد؟
وفق كلّ ذلك وغيره يعتقد مراقبون أنّ معارك القنيطرة ودرعا تنفذ ميدانياً بإشراف غرف عمليات مشتركة أردنية ـ «إسرائيلية» مع المسلحين يديرها جهاز الاستخبارات الصهيوني «أمان» والوحدة 504، وهي التي تسعى لإحداث فراغ جغرافي واسع يكون للكيان الصهيوني كلمة السلطة فيه.
في تعليقه على التطورات الأخيرة في سورية، ذكر «شلومو بروم»، الخبير في «معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب»: «إذا ما استولت المعارضة السورية، الممثلة في الجيش الحر، على الحكم، فإنّ هذا أمر حسن لإسرائيل. بالنسبة للموقف الرسمي لإسرائيل، المهم أن تكون هناك سلطة مركزية في سورية، بغض النظر عمّن يقف على رأسها».
هذا يشير إلى أنّ تأكيدات أنّ توجهات الاحتلال الصهيوني إزاء سورية تحكمها مصالح وأهداف ظرفية واستراتيجية. الشواهد كثيرة تأتي كلّ يوم من الداخل الصهيوني إعلامياً وسياسياً وأمنياً واستخبارياً تراقب عن كثب ما يجري في سورية تحديداً ولمن ستكون الكفة الراجحة في النهاية، الأمر الذي يؤكد استفحال القلق الصهيوني من استمرار صمود الدولة السورية مؤسسات وجيشاً وشعباص وقيادة ومعارضة وطنية هذا الصمود الذي من المؤكد ان يلقى صدى في لقاءات سوتشي حيث القاطرة الروسية باتت تسارع خطواتها على سكة الحوار السوري السوري وصولاً إلى نهاية قريبة للأزمة السورية.
انتظروا تحرك العدو الصهيوني وحلفائه بعد انتهاء لقاءات سوتشي وما تتمخض عنه… حللوا وركبوا واستخلصوا الدروس والعبر.