بداية وحتي تكون الحقائق واضحة المعالم ...بحكم تجربة طويلة من العلاقات الفلسطينية المصرية التي تتعدي حدود علاقات بين دولتين جارتين ...بحكم خصوصية هذه العلاقة وما يميزها من تجربة تاريخية وواقع معاش وأفاق مستقبلية ..يجب أن تشكل الارضية الملائمة للحديث عن معبر رفح البري واغلاقه ومدي انعكاسات ذلك علي أهلنا وأبناء شعبنا في قطاع غزة والذين يعيشون في حالة يرثي لها ...وأوضاع مأساوية وكارثية ومصاعب حياتية وانسانية طالما تحدثنا عنها ...ولا زالت تنخر بعظمنا ولحمنا ومجمل عناوين حياتنا في ظل انقسام اسود أضر بنا وبقضيتنا وبعلاقاتنا ووضعنا في موقف لا نحسد عليه .
وحتي تكون الامور واضحة وجلية فإننا عندما نكتب عن معبر رفح البري ليس من باب الاثارة والضغط الاعلامي ..ولكن من منطلق الاستغاثة والرجاء من الشقيقة الكبري مصر أن تأخذ باعتبارها أن معبر رفح هو البوابة الوحيدة لسكان القطاع ...أي أنه المنفس الوحيد لما يقارب 2 مليون فلسطيني يعيشون داخل هذا السجن الكبير في ظل ظروف قاهرة ومصاعب لا تعد ولا تحصي واهمال طال كافة مناحي حياتنا ...وعندما نصل الي هذا الحال المأساوي والكارثي لا نجد أمامنا الا مصر العربية التي لم تتخلي عنا ماضيا وحاضرا ولا حتي مستقبلا بكل مواقفها الداعمة والمساندة والتي نحفظها بذاكرتنا وقلوبنا ...فنحن من تربينا وتعلمنا وأكلنا من زرعها ..وشربنا من نيلها ..وتعايشنا وعشنا مع أهلنا الطيبين المحبين لنا والذين ضحوا من أجلنا عبر سنوات طويلة انعكست بالسلب علي حياتهم وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية من خلال حروب عديدة قدمت فيها مصر عشرات الالاف من خيرة أبنائها وتكلفت ميزانيتها الملايين من أجل فلسطين وشعبها وقضيتها ..وما زالت مصر علي عهدها ودورها ومكانتها داعمة ومساندة للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني بكافة المحافل الدولية بما تمتلك من علاقات سياسية ودبلوماسية .
مصر الشقيقة الكبري تحملت ولا زالت تتحمل الكثير من أجلنا ...ونحن شعب لا ينكر معروفا قد قدم لنا ...ولا واجبا قد تعايشنا معه علي صعيد شعبنا بصورة عامة وأهل القطاع بصورة خاصة ...وما يعيش بداخلنا من محبة خالصة وما في عقولنا من وفاء متجدد ومتجذر ...حتي اصبحت مصر الشقيقة تشكل بالنسبة لنا نحن أهل القطاع ذاكرة وطن ...ومحبة ومواقف لا يمكن أن تنسي مهما اشتدت الظروف وخرج علينا ما يمكن أن يقلل من هذه المحبة الكبيرة والعظيمة ..هذه المسئولية الوطنية والقومية التاريخية التي ستبقي محفورة في قلوبنا وعقولنا مهما حاولت بعض وسائل الاعلام الصفراء استغلال اغلاق معبر رفح لدغدغه العواطف واطلاق الاتهامات وتمرير المخططات ...الا ان شعبنا الفلسطيني وقيادتنا وأخص هنا أهلنا بالقطاع الصامد والمرابط لا زالوا علي عهدهم ووفائهم ولم تتغير مواقفهم اتجاه مصر وشعبها وقيادتها مهما اشتدت الظروف قسوة ..ومهما ازدادت المصاعب والتحديات .
معبر رفح البري ذات أهمية استراتيجية تحمل طابعا انسانيا اجتماعيا ...تعليميا ...صحيا بل أكثر من ذلك استمرارا لعلاقات الاخوة والروابط المشتركة ما بين شعبين لا زالوا علي اخلاصهم ومحبتهم ...ولا زالوا متمسكين بتاريخ هذه العلاقات التي استمرت سنوات طويلة وما زالت تتجدد بقوة أكبر مهما كانت المحاولات لاستغلال ظروف استثنائية عندما قامت الشقيقة مصر بإغلاق المعبر لإجراء ترتيبات أمنية وهدم الانفاق وانهاء وجودها ...وهذا حق مصري مطلق لا جدال ولا حوار حوله لأن مصر من حقها أن تحافظ علي أمنها واستقرارها وأن تأخذ من التدابير الامنية ما يوفر لها أمنا واستقرارا لأرضها وشعبها ...كما أنه أمنا للمسافرين من أبناء القطاع الذين يرغبون بزيارة مصر أو حتي السفر الي خارجها .
هذا الحق المطلق لمصر الشقيقة ...يقابله حق لنا في ظل ظروفنا التي تتصعب يوما بعد يوم وما يعانيه شعبنا من ظروف انسانية غاية في الصعوبة ...وحتي لا نشعر نحن سكان القطاع بفقدان الأمل وما يترتب علي ضياع الامل وفقدانه من انعكاسات سلبية يطول الشرح والتفصيل فيها حول أثارها النفسية والفكرية وما يمكن أن يتمخض عنها من أفكار متطرفة يصعب معالجتها ومحاصرتها في ظل فقدان هذا الامل .
أمالنا معلقة بمصر وقيادتها ومدي أهمية وضرورة ذلك علي أن يكون فتح المعبر ضمن أليات واضحة ومحددة ومن خلال سيطرة كاملة لحكومة التوافق والسلطة الوطنية علي المعبر من الجانب الفلسطيني وحتي تنظم عملية السفر بأليات متفق عليها يمكن ترتيبها ما بين الجهات ذات الاختصاص .
ان العلاقات المصرية الفلسطينية لا يمكن أن تكون مختصرة ومختزلة بمعبر رفح علي أهميته البالغة ومدي حاجة سكان القطاع لهذه البوابة الحيوية والضرورية ...الا أنها علاقات استراتيجية ما بين شعبين وقيادتين ...ولم تكن مصر في يوم من الايام دولة عربية عادية بالنسبة لنا ...كما لم تكن جارا عاديا لفلسطين ....بل انها تمثل بالنسبة لنا ولأهلنا داخل القطاع بصورة خاصة أملا وفرجا لحصار جائر تقوم به دولة الاحتلال .
أملنا كبير ....ونجدده علي مدار اللحظة ...أن يكون فتح معبر رفح البري أمام أهلنا بالقطاع علي طاولة صناع القرار ....وهم يدركون أهميته وحيويته بالنسبة لأهلنا في غزة .
أدام الله مصر وشعبها وقيادتها ..وأدام الله مصر واستقرارها وأمنها وتقدمها ...وسيأتي اليوم ...وهو ليس ببعيد ...لنذكر الجميع أن مصر الشقيقة ...لا تتركنا وحدنا .
الكاتب : وفيق زنداح