لا يتابع العرب العملية الديمقراطية في دولة الصهاينة فقط، بل يتلهف القادة العرب لمعرفة نتائجها، وقد حاولوا ذات مأساة التدخل في سير الانتخابات والتأثير على مجرياتها، وذلك من خلال إعلانات مدفوعة الأجر نشرتها الصحف الإسرائيلية، تتحدث عن مبادرة السلام العربية، وأفضالها على المجتمع الإسرائيلي في حالة اختار الصهاينة مرشحي السلام أمثال أولمرت ولفني، ولكن النتائج كانت على عكس ما تمنى العرب، وضاعت أموالهم التي دفعوها هباء.
فلماذا ينشغل قادة العرب والفلسطينيون بنتائج الانتخابات الإسرائيلية؟
أولاً: لأنها انتخابات ديمقراطية صحيحة لا يجرؤ قادة العرب على تطبيقها، ومجاراتها، باستثاء دولتين حتى الآن؛ وهما: تونس ولبنان.
ثانياً: لأن نتائج الانتخابات في دولة الصهاينة تمثل مزاج الشعب اليهودي بلا تزييف، ولأنها تحدد سياسية إسرائيل لعدة سنوات قادمة، وهذا ما لا يعرفه العرب.
ثالثاً: على ضوء نتائج الانتخابات يصير نقل السلطات من حزب إلى آخر، ومن ملك للسياسة إلى آخر دون مشاكل أو سفك دماء أو اعتقال، وهذا ما يتحسر عليه العرب.
رابعاً: لأن الحزب المهزوم في الانتخابات يعلن إلى جمهوره عن هزيمته، ويعتذر عن قصوره، ويعترف بفشله، ويضع قدراته في متناول الشعب، ويبدأ بالاستعداد لجولة قادمة. وهذا أمر غير مألوف لدى قادة العرب الذين يظنون أنفسهم ملائكة لا يخطئون.
خامساً: لأن المنتصر في الانتخابات يصير ممثلاً لكل الشعب، ويمد يده للحزب المهزوم، ويرى الجميع في نجاح العملية الديمقراطية نجاحاً للشعب كله وليس لحزب أو لشخص القائد. بينما في بلاد العرب يسارع الفائز إلى فتح السجون لأعضاء الحزب المعارض.
سادساً: لأن الشعب يمنح الثقة للفائز لفترة زمنية محدودة، يفوض خلالها للعمل على خدمتهم، وطاعتهم، والسهر على راحتهم، والتنافس على إرضائهم. بينما في بلاد العرب فإن الشعب والأرض والعشب والشجر والحجر، كل ذلك مسخر لخدمة القائد وحزبه الهلامي.
قادة العرب والفلسطينيين لا يؤمنون بالديمقراطية إلا لمرة واحدة، وهي ديمقراطية انتقائية، لذلك فهم ينتظرون نتائج الانتخابات الإسرائيلية وكلهم ثقة أن كراسيهم لا تهتز، ولا يوجد لهم حزب منافس، ولا قائد بديل، لذلك فهم يراقبون موسم الديمقراطية الإسرائيلية كي يشمتوا بقادة إسرائيل، الذين يبدون ضعفاً وتذللاً للشعب، في الوقت الذي يبدي فيه الحاكم العربي والفلسطيني غطرسة وقوة زائدة، ونفخة عالية المنسوب، فالقائد الإسرائيلي متغير بينما القائد العربي ثابت.