سألني أحد الأصدقاء.. ذات يوم ،وكانت علامات الدهشة تخيم على ملامحه المتعبة حيث قال : لا أعرف ماذا نجني من دراستنا لعلم النحو ..الناس صعدوا على سطح القمر ونحن كما الجماد لا نحرك ساكنا ..كم تمنيت أن يتم حذفه ليس فقط من مناهجنا أو دراساتنا الأكاديمية بل.. من كل حياتنا ..أما تكفينا قواعد المحو ..محو بيانات الخريجين من طلبة الجامعات واستبدالهم بآخرين لم ينالوا شهادة محو الأمية ، أما يكفينا محو الطبقة المطحونة من طبقات المجتمع، والإبقاء على طبقة الأغنياء ،فما أكثر المساكين ،واليتامى في بلاد العُرب أوطاني .. !!
قلت له :طبعا أنت تعلم أنهم كانوا منذ سنوات طويلة علمونا منذ الصغر.. أن سقراط كان فيلسوفا عظيما ،و أن نابليون كان قائدا عظيما ،وكذلك أينشتاين ..ونيوتن.. وبيتهوفن وديكارت وغيرهم..أنهم جميعا كانوا عظماء ..وأن من أجمل الكتب التي طالعتها لما هويت القراءة كان كتاب " الخالدون مئة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم "للمؤلف مايكل هارت والذي ترجمه الكاتب الكبير أنيس منصور .. لكن قل لي ما هي العظمة برأيك وكنت قرأتها هذي المرة هنا ..بإسكان "حرف الظاء" وليس بفتحها ..عندئذ تطلع إليّ ذاك الصديق مستغربا ،وقد انتابته غبطة من الفرح بكل تلقائية ..وبلا أدنى مقارنة بالذين يتصيدون أخطاء الغير في أيامنا ..ويشيعون بها ليس من باب التصحيح أو الاستدراك بل من باب المباهاة أو المزايدة بالمعرفة ..!! المهم أن ذاك الصديق ابتسم ابتسامة واسعة ،وكأنه قد أكتشف سر الفراعنة في تحنيط الموتى ، فقال لي .. العظمة أصبحت اليوم ياعزيزي..طعام الفقراء ،والمعذبين في الأرض ..فلم تعد وحدها تنهشها الكلاب..!! ثم استطرد بقوله:يا سيدي ..أتكتب المقالات ،وتخطيء في لفظ كلمة بسيطة كهذه ؟!!
ضحكت حينها ..وقلت له: لقد تعمّدت ذلك ..أوما علمت الآن جُلّ الثمار التي يمكنا أن نجنيها من وراء دراستنا لعلم النحو في حياتنا .. ؟!!