بداية لابد وأن نتقدم بالتهنئة للأخوة في حركة حماس بمناسبة ذكري انطلاقتهم وتمنياتنا لهذه الحركة بالمزيد من التقدم والنجاح من أجل فلسطين وحريتها ...من منطلق أن هذه الحركة جزء أصيل وأساسي من الحركة الوطنية الفلسطينية اتفقنا أو اختلفنا معها بمواقفها السياسية ...الا أنها ستبقي أحد ركائز العمل الوطني الفلسطيني ....علي اعتبارها اضافة نوعية وليست كمية للعمل الوطني الفلسطيني المقاوم للاحتلال .
هذا الموقف الثابت لحماس ولكافة فصائل العمل الوطني والاسلامي والذي نعتز بنضالهم ومسيرتهم الكفاحية وتضحياتهم ...وما قدم شعبنا من رموز وقيادات علي درب الشهادة والاستشهاد ونذكر منهم قائدنا الرمز الشهيد ياسر عرفات ..والشيخ الجليل الشهيد أحمد ياسين ...والشهيد الرفيق ابو علي مصطفي. والشهيد القائد فتحي الشقاقي ...كوكبة من الشهداء من خيرة الرموز والقادة نستذكرهم في هذا اليوم وأخر شهدائنا القائد الفتحاوي زياد أبو عين ..عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والاسري الذين قدموا كل ما يمتلكون من أجل فلسطين وحريتها.
ونحن أمام انطلاقة حركة حماس شريك الوطن بحكم نضال مشترك ومسيرة كفاح منذ انطلاقة انتفاضة الحجارة وحتي يومنا هذا مع الكل الوطني والذي يحتاج منا الي التذكير واستخلاص النتائج وتحديد المواقف السياسية .
حركة حماس وقد كان موقفها السياسي واضح منذ بداية انطلاقتها علي اساس أنها تطالب بفلسطين التاريخية من البحر الي النهر ومن راس الناقورة شمالا حتي رفح جنوبا وهذا في مضمون برنامجها وميثاقها منذ التأسيس ...الا أن حركة حماس ما بعد تأسيس السلطة الوطنية بناء علي قرار المجلس المركزي ومرجعية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد رفضت الدخول بالانتخابات بالعام 96 انسجاما مع موقفها الرافض لاتفاقية أوسلو وما طرأ بعد ذلك من موقف مغاير أخذت فيه الحركة قرارا بالمشاركة بالانتخابات التشريعية وحققت نجاحا وامتلكت الكتلة البرلمانية الاكبر داخل المجلس وهذا ما اعتبره المراقبين والمحللين تغيرا جوهريا في مواقف الحركة ومرونة سياسية استجابت لمجمل المتغيرات الاقليمية والدولية ...الا أن حركة حماس لم تحصد أي مميزات سياسية حتي ما بعد تشكيلها للحكومة في ذلك الوقت بل أصبحت حكومة محاصرة لا تستطيع أن تقوم بدورها المناط بها .....مما أدخل الحركة والواقع الفلسطيني برمته في أزمة سياسية واقتصادية .
وعودة للمواقف السياسية للحركة بين ما هو معلن منذ التأسيس ...وما بعدها بسنوات كانت هناك بعض التصريحات خاصة ما بعد نجاح الحركة بالانتخابات التشريعية بأنه لا مانع لديها من اقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وهذا ما تأكد بالكثير من التصريحات لبعض قيادات الحركة في مرونة سياسية أخري حتي في ظل التمسك بالحق التاريخي للأجيال القادمة فهل هذا الموقف السياسي من منطلق التكتيك المرحلي؟؟... أم استراتيجية جديدة تتهيأ فيها الحركة للقيادة والمنافسة علي الحكم ؟؟!! ..أم أن تقدم مواقف حماس عبر السنوات الماضية لم يسفر عن دولة بحدود الرابع من حزيران 67 وبالتالي لا تري الحركة أي فائدة تذكر من مرونتها واقرارها السياسي لمثل هذا الحل والتسوية علي حساب الحق التاريخي لفلسطين؟؟!! ...أم أن حركة حماس تري في مشاركتها بالانتخابات التشريعية والشراكة بالنظام السياسي الفلسطيني لم يعد عليها بفوائد سياسية وانفتاح خارجي وعلاقات واسعة وبالتالي لا تري في مرونتها السياسية فوائد تذكر فعادت الي صلب الموقف السياسي التاريخي لها ؟؟!!.
لا أعرف تحديدا حقيقة الموقف السياسي المعلن بذكري انطلاقة الحركة وفي هذا الوقت بالتحديد والمعلن بعدم القبول بدولة بحدود الرابع من حزيران 67 فهل في هذا الموقف محاولة للضغط ؟؟ام ورقة سياسية تلعب بها حماس لتحقيق اغراض وأهداف محددة ؟؟!!...أم أنها محاولة لقلب الطاولة السياسية وقطع الطريق علي الاعترافات المتتالية بدولة فلسطين من قبل أكثر من 138 دولة من دول العالم ؟؟!! .
كل شيء جائز ومتاح في عالم السياسة والمصالح ...ولنأخذ مثالا دول عديدة تتألف في انظمة الحكم وتشكل الحكومات ولكل حزب موقفه السياسي المغاير للاخر ومع ذلك يتشاركون بحقبة زمنية محددة حتي اجراء انتخابات جديدة وبعدها تنتهي الائتلافات ويبدأ كل حزب بتسويق مواقفه وكسب المزيد من الاصوات استعدادا لدخول معركة انتخابية جديدة ....كما حال عدونا الاسرائيلي وائتلافاته الحكومية والمواقف المختلفة لكل حزب بالبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكنهم يتألفون بالحد الأدنى حتي يتمكنوا من تشكيل حكومة قد تقضي مدتها القانونية وقد تسقط مبكرا للدخول بانتخابات مبكرة ...وبتحالفات جديدة ...وببرامج لتحالفات تختلف عما كان قائم... في ظل أن اسرائيل ما زالت لم تحدد حدودها السياسية .
ما يجري في العالم وعبر كافة الدول و الحركات والاحزاب السياسية لا يختلف كثيرا عما نحن عليه الا في نقطة واحدة وجوهرية وأساسية علي اعتبار أننا بكافة قوانا السياسية لا زلنا تحت الاحتلال وفي واقع مرحلة تحرر وطني ....وبالتالي المطلوب منا يختلف عما هو سائد ومتبع بالعديد من الانظمة السياسية الدولية ....مما يزيد من أعباء المسئولية الوطنية والتاريخية ويجعلنا في موقف تحديد برنامج الحد الأدنى وهذا ليس بشي جديد في تاريخ النضال الفلسطيني ...حيث توافقت فصائل منظمة التحرير بالعام 74 علي برنامج الحد الأدنى.
أسئلة كبيرة وعميقة ..وعناوين كثيرة تحتاج الي الكثير من البحث والمعرفة والمعلومات الاكيدة لمعرفة حقيقة المواقف السياسية وما لدينا من أوراق قوة يمكن أن نلعب بها لتحقيق حلول أفضل من دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران67 ....علي قاعدة أنه من حق كل فصيل سياسي أن يعتمد ويعلن عن برنامجه السياسي ....لكن سيبقي السؤال هل من حق اي فصيل أن يفرض موقفه السياسي وبرنامجه ليكون ملزما للجميع ؟؟.
وللتذكير فان هذا الموقف المعلن من قبل حركة حماس بذكري انطلاقتها حول فلسطين التاريخية هو ذات الموقف لحركة الجهاد الاسلامي ...كما أنه ذات الموقف الذي صرح به أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح في أحد اللقاءات التلفزيونية قائلا للمذيع ...من قال لك أنني لا أريد الطيرة ..واضاف قائلا ....ما تم من اتفاقيات بين السلطة واسرائيل ...وليس ما بين فتح واسرائيل .
أي أنني أفهم بمثل هذه التصريحات أن لا أحد يريد أن يسجل علي نفسه موقف التنازل السياسي في ظل غياب أي افق سياسي يمكن ان يؤكد علي أن دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس أصبحت بين أيدينا ...دولة خالية من الاستيطان والمستوطنين ...دولة ذات سيادة كاملة في الجو والبحر وعلي الحدود .
اسرائيل لا زالت تعتبر أن الضفة الغربية أرض متنازع عليها ..وأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وما جري أخيرا من قانون يهودية الدولة وما يجري تشريعه من قوانين بخصوص المستوطنين.... وما ينسحب عليه هذا التشريع باعتبار أن المستوطنات أرض اسرائيلية ...أي أننا أمام عدو محتل عنصري فاشي أدار الظهر لعملية التسوية السياسية ولم يعد مكترثا بأي حل سياسي تحت مسمي حل الدولتين برغم ما يجري علي الساحة الدولية من اعترافات متتالية لدولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 .
ونحن أمام هذا المشهد السياسي كيف يمكن لنا أن نجد مخرجا سياسيا توافقيا يحفظ لكافة القوي برنامج الحد الأدنى ؟؟ .
نحن بحاجة الي استراتيجية سياسية توافقية حتي نخرج من دائرة التناقض الداخلي لنحشد المواقف اتجاه التناقض مع العدو المحتل... الذي لا زال علي احتلاله وحصاره واستيطانه وتهويده واستباحته لمقدساتنا ....كما أننا بحاجة الي استراتيجية سياسية توافقية توحد الخطاب السياسي والاعلامي والدبلوماسي حتي لا يستغل التناقض الداخلي لمصلحة عدونا المحتل ....فهل الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير ومشاركة حماس والجهاد الاسلامي يمكن أن ينهي مثل هذا التناقض ؟؟ .
حقيقة هناك تساؤلات كثيرة لا زالت تتوالد وباستمرار مع واقع الانقسام الذي يزيد من أعبائنا وضعفنا ومقومات قوتنا وصمودنا .....ونحن كإعلاميين وكتاب نستمع بما يتم التصريح به اعلاميا ...ولا نعرف حقيقة ما يقال بالغرف المغلقة والحوارات... وما تم التوقيع عليه في الحوار الثنائي ....والحوار الشامل .
الكاتب : وفيق زنداح