في ظل الجرائم التي يرتكيها كيان الإرهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني منذ التوقيع على اتفاق أوسلو سيئ الصيت وحتى اليوم، وخاصة خلال هذا العام، حيث تعرض الشعب الفلسطيني لأبشع الجرائم في غزة والقدس والخليل، وما تعرض له القادة والمناضلين آخرهم الشهيد القائد الوزير زياد أبو عين، مضافا إلى ذلك الاستيطان والحصار والتهويد والتمييز العنصري ، وتجريد فلسطينيي الأرض المحتلة عام ١٩٤٨ من حقوقهم الوطنية، حيث لم تحصى ولم تعد جرائم الصهاينة، كل ذلك لم يؤدِ إلى وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وكيان الإرهاب العنصري، بينما يقدم الشعب الفلسطيني تضحيات عظيمة من أجل نيل حريته واستقلاله والدفاع عن وجوده.
وفي ظل هذه الظروف الدقيقية يجب على القيادة الفلسطينية مواجهة الخطوط الحمراء التي يضعها نتنياهو ووزير العدوان الصهيوني الإرهابي يعلون ومن سبقهم من قادة الاحتلال، لان من حق الشعب الفلسطيني الانضمام إلى المنظمات والمؤسسات الدولية، ومنها محكمة العدل الدولية، وتقديم المجرمين الصهاينة إلى العدالة، فلم يعد بعد تقديم هذه التضحيات والتي كان اخرها استشهاد القائد زياد ابو عين الذي حمل شجرة الزيتون ليدافع عن الارض من خلال زراعتها ، مراعاة الظروف الدولية او الانحناء امام الضغوطات الامريكية وخطوطها الحمراء وهي القوة الداعمة لكيان الإرهاب المحتل لفلسطين.
وهنا لا بد من القول لا احد سيجبر الفلسطيني الضحية، ابن الأرض والقضية، من عدم التوجه إلى العدالة الدولية، لانه حقه الطبيعي في الانضمام لهذه المؤسسة حتى لا يفلت من العقاب قادة الاحتلال على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها ويرتكبوها، من قتل أطفال وشيوخ ونساء، وتدمير مدن وقرى وعشرات آلاف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، لذلك من حق القيادة الفلسطينية باعتبارها مسؤولة عن شعب وقضية ونضال عادل هو استكمال التوجه الى مجلس الامن والهيئات الدولية ، ومن يحاول الضغط وهو شريك في الجريمة عندما يمارس تهديداته بوقف المساعدات المقدمة الى السلطة حتى يمنعها من ممارسة حقها وواجبها تجاه شعبها، وتجاه العدالة والحقيقة والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وعار على الإنسانية كلها سيسجله التاريخ.
وهنا نتساءل لماذا يقاتل العالم الارهاب ويسكت عن إرهاب مجرمين إرهابيين عتاة سرقوا وطن الفلسطينيين وما زالوا يلاحقونهم بالإبادة المنظمة منذ سبعين سنة ونيِّف، لقد آن لنا أن ندرك جيدا، ويدرك معنا كل إنسان حر في العالم، أن الادارة الأميركية تحمي إرهاب دولة الاحتلال الصهيوني وتشجعه، وتمارس إرهابها الدولي لتحقيق استراتيجيات ومصالح، وتستثمر في إرهاب يستهدف دولا وشعوبا ،لتنشر الفوضى والدمار وتصل إلى أهدافها تحت مسمى الشرق الاوسط الذي يستهدف المنطقة من خلال تقسيمها الى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية .. وإنها في سياستها ونظرتها حيال الشعب الفلسطيني خاصة والامة العربية والاسلامية عامة، محكومة بأنواع من الحقد والتعصب الديني والعنصري الأعمى، وبالإذعان الجبان لليهود التلموديين، ومحكومة أيضا بأشكال من الشراكة القذرة مع الصهيونية العالمية، وهي شريك ومسؤول، بصورة مباشرة وغير مباشرة، في كل الجرائم المرتكَبة بحق الشعب الفلسطيني ،إنها دولة العدوان والاحتلال، مثلها مثل إسرائيل تمامًا، ودولة معتقلات وسجون وأساليب استجواب وتعذيب “كريهة مثيرة للاشمئزاز، فهي دولة عدو للعدالة الإنسانية ولحقوق الإنسان بمفهومهما الموضوعي السليم الدقيق النظيف.
نحن أمام حقائق ووقائع ودروس وعِبر، وأمام واقع مأساوي مرّ بكل المقاييس، وأمام ضعف مزمن وسياسات مزرية وتواطؤ مشين، وذلك كله أمر معروف موصوف، ولكن إذا كنا نقتَل في كل الأوقات وتحت كل الظروف، وإذا كان دمنا يهدَر ، وإذا كانت حقوقنا ومقدساتنا وحياتنا
تنتَهَك بكل الأساليب والمقاييس.. فلماذا نبقى في العجز ،فلنجعل العالم يسمع صراخنا على الأقل، ولنسم المجرم مجرما ونلاحقه ونطالب بمحاكمته ومعاقبته على ما ارتكب، ولنسم الإرهابي إرهابيا ونطالب بمكافحته من دون تمييز بين إرهاب وإرهاب، فما قام به كيان الاحتلال في لبنان والجولان ومصر والعراق، وما قاموا ويقومون به في فلسطين منذ نكبة شعبها بهم حتى اليوم، ما قام به الاستعمار ويقوم به الأميركيون في دول كثيرة منها العراق وسوريا، وكل ما مارسوه وما مارسه الصهاينة هو إرهاب فظيع ، أوليس الاحتلال هو أسوأ أنواع الإرهاب حيث يضرب شعبا وبلدا بصورة عامة وتامة وشاملة، لا سيما حينما يكون استيطانيا اقتلاعيا إحتلاليا كما هي حال الإرهاب والاحتلال والاستيطان الصهيوني.
يجب ألا نسكت، فقد بلغت الأمور ذروة غير مسبوقة بقتل شعب فلسطين وحصاره ، و ما زالا في تصاعد نوعي وصل حدّ حرق الإنسان حيا، واستشرى أكثر فأكثر حيث التهويد والاستيطان وقتل المتظاهرين المدافعين عن مقدساتهم وبيوتهم وحقولهم وأشجارهم، واعتقال الأطفال وسجنهم سنوات لانهم يرمون حجراعلى دبابة صهيونية تلحقه لتسحقه، وزجّ النساء والشيوخ المدافعين عن الأقصى المبارك في السجون، وها نحن بعد سجن النواب والسكوت عن ذلك، واشتراط عدم وحدة الشعب الفلسطيني، وملاحقة المقاومة المشروعة ووصفها بالإرهاب، ها نحن اليوم أمام قتل وزراء، وسيبلغ الأمر حدود قتل الرؤساء كما حدث مع الرئيس الرمز ياسر عرفات في المقاطعة، ها نحن امام جرائم ارتكبها الاحتلال بحق القادة العظام ابو جهاد الوزير وابو علي مصطفى وابو العباس والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي أفلا نذكر ونتذكر ونعتبر، فحجم الفظاعة والإجرام والحقد والفاشية التي مارستها أمريكا في سجون غوانتانامو وفي سجون الاحتلال الامريكي في العراق والتي تم الكشف عن بعضها لم يفهم منها "هذا البعض" سوى أنها دليل على الديمقراطية الأمريكية ، وكأن هذا صك براءة عن إجرامهم ،عن أية ديمقراطية أمريكية يدافع "هذا البعض " عن الديمقراطية الأمريكية التي خاضت حربا على العراق بذريعة احتفاظ العراق بأسلحة كيماوية، فقتلت أكثر من مليون عراقي لتعترف مؤخرا بأنها كانت تعلم بعدم وجود أسلحة كيماوية لدى العراق ، أم الديمقراطية الأمريكية التي اغتالت الشهيد القائد ابو العباس في سجونها في العراق ارضاء لرئيس حكومة الاحتلال انذاك الارهابي شارون ، فإلى متى، ونحن نرى استهداف شعب في وطنه بعد أن سرق منه وطنه نتيجة توطؤ القوى الاستعمارية وعلى رأسها الامبريالية الامريكية ويراد له أن يباد من دون أن يرفع صوته أو أن يمارس حقه بالدفاع نفسه.
وعندما يغيب قائدا ومناضلا مربوع القامة، مرفوع الهامة لم يسبق له أن طأطأ رأسه أو استجاب لضغوط ساسة الاحتلال وتهديداتهم، متمسك بالارض فهو ملحها وهو ابنها الأصلي، ومدافعا شرسا عن حقوق الشعب الفلسطيني عموما.
ينبغي أن ينتهي التنسيق الأمني المريب مع الاحتلال ، وينبغي أن يتم الانضمام إلى جميع الاتفاقيات والمنظمات والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية، وألا يكون الانضمام شكليا أو للزينة واللاقتراب من حالة وشرط الدولة الفلسطينية المستقلة ومن عضويتها التامة في الأمم المتحدة فقط، بل وتفعيل ذلك من أجل ممارسة الواجبات والحصول على الحقوق، حقوق الشعب والدولة والأفراد، وأول ما يجب بعد ذلك الانضمام رفع قضايا أمام محكمة العدل الدولية ضد مجرمي الحرب وقادة الاحتلال الصهيوني، من دون مراعاة لسياسات من أي نوع ولذرائع من أي لون، ولأنه يجب أن ينتهي عهد دولة الاحتلال فوق القانون والمساءلة والمحاسبة، وعهد التمييز بين مجرم يحاسب أمام العدالة الدولية ومجرم لا تطوله العدالة لأنه محصن حيالها ويتربع فوقها كما هي حال قادة الاحتلال على وجه الخصوص ، فهذه الحقوق الشعب الفلسطيني التي لم تسقط بالتقادم ولا تموت، ولا يضيع حق وراءه مطالب.
لذا علينا أن ننفتح على العالم كله، ونطالبه بالحل بوصفه أساسا للمشكلة يوم اعترف بكيان الإرهاب الصهيوني زورا وبهتانا وألقى الشعب الفلسطيني وقضيته في متاهات وإهمال تحت
ضغط القوى الاستعمارية وتحت وقع التشويه الصهيوني ـ الغربي الذي لا مثيل له في تاريخ قضايا وشعوب.
من هنا نرفع الصوت عاليا بوجه قادة الانقسام لنقول كفى ، لان الشعب الفلسطيني بحاجة اليوم لانهاء الانقسام الكارثي واستعادة جعرافية الوطن والعمل من اجل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها وتفعيل مؤسساتها وحماية المشروع الوطني الفلسطيني والتمسك بخيار المقاومة بكافة اشكالها السياسية والدبلوماسية والنضالية ، هذا ما يحتاجه الفلسطيني ، فإن لمطلب الحياة والوجود والدفاع أولوية ، ولكن مع كل هذا هنالك فسحة امل قادمة ستنهمر كالغيث من فوهات وطاقات النور القاهر للغيوم المتلبده في سماء فلسطين.
في هذه اللحظات نسأل هلا تبدو صعبة أو مستحيلة الى هذه الدرجة مسألة الاهتداء الى الإستراتيجية الوطنية الموحدة للنضال الفلسطيني التي يمكن ان تتوحد في اطارها كل فصائل النضال الفلسطيني، أم أنه قد كتب على هذا الشعب المعذب والمناضل، والقابض على قضيته كالقابض على الجمر منذ قرن ونيف، ان يظل الصراع مفتوحا، هل نسي الأخوة المناضلون من شتى الفصائل الفلسطينية، ان الجزائر لم تنتزع عروبتها من براثن الاستعمار الفرنسي الا في مفاوضات ايفيان، لكنها مفاوضات مبنية على مواجهة دفع الشعب الجزائري ثمنها مليوناً ونصف مليون شهيد.
هناك الآن فرصة للتلاقي والتفاهم وتعزيز نقاط الالتقاء واستبعاد نقاط الاختلاف فالقضية الفلسطينية في خطر، ويقينا، اذا بقيت شاشات الفضائيات العربية هي التي تحدد مواقف القادة الفلسطينيين، فان الكارثة قادمة لا محالة وان ما كان محرما بين الفلسطينيين انفسهم سيصبح واردا وفي كل لحظة، والمسألة هنا ليست مسألة من هو الاقدر على دغدغة عواطف الناس واقناع الشارع المتوتر بوجهة نظره، انها مسألة المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني الذي يواجه اخطارا فعليه لم يواجهها قبل الآن، وهذا ليس للتهويش والتخويف، بل انها الحقيقة.
لنأخذ نضال شعب فلسطين في كل ارجاء الوطن مثالا اخيرا يجسد كل النضالات التاريخية لشعبنا، هل هو صعب الى درجة الاستحالة ارتفاع كل الفصائل الفلسطينية الى مستوى اداء شعب فلسطين في مواجهة الاحتلال والاستيطان .
وامام كل ذلك نرى ما يجري في الساحة العربية من هجمة امبريالية وصهيونية ورجغية وتكفيرية بهدف خلق الفوضى في المنطقة وتفتيتها وتقسيمها وزرع بذور الفتنة الطائفية والمذهبية من أجل ايجاد المبرر والمسوغ للعالم لوجود دولة يهودية عنصرية والتصفية النهائية للقضية الفلسطينية، لكن الذي يقف عائقَ أمام هذا المخطط هو صمود قوى المقاومة في مواجهة هذه الهجمة الظلامية المدعومة دوليا، لأن صمود سوريا ولبنان وفلسطين والمقاومة وانتصارهم في مواجهة هذا المد الظلامي وأعوانه سيكون بداية مرحلة جديدة ومشرقة لقوى التحرر في العالم العربي والمنطقة والذي سيتوج بفك التبعية مع المركز الرأسمالي العالمي وبالتالي حصول شعوب المنطقة على استقلالها السياسي والاقتصادي.
ختاما: لا بد من القول على ضفاف وشواطئ الجرح الفلسطيني في كل قرية ومدينه ومخيم وفي وجدان كل طفل فلسطيني بان المستقبل له ولحقه في وطنه ،طال الزمن ام قصر، فالاحتلال الى زوال بنى ابراجا ام لم يبني، فالشعب الفلسطيني باقي وسيبقى حيا ولم يفقد بوصلة اتجاه فلسطين, هذه الغيوم العابره ستنجلي من خلال الصبر الفلسطيني وتمسكه بالثوابت والحقوق الفلسطينية، وبحق مقاومة المحتل، والحق في العيش الكريم والمساواة، كالقابض على الجمر.