الحقبة الزمنية التي ترأس فيها نتنياهو الحكومة الاسرائيلية لم تشهد أي تقدم يذكر في الملفات السياسية الاقتصادية الاجتماعية الامنية ....وهذا ما تم تلمسه بحالة الجمود السياسي والتفاوضي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وما ترتب من انتكاسات أمنية سياسية وأزمات مالية...وتدهور العلاقات مع معظم الدول وانعكاساتها علي المشهد الاسرائيلي بكافة جوانبه .
بذل نتنياهو جهدا كبيرا لتضخيم المستوطنات وزيادة عدد المستوطنين حتي يحفظ لنفسه ولحزبه أصواتهم في المعركة الانتخابية ما بعد انهيار الائتلاف الحكومي وحل الكنيست ...وتفكك تحالفاته السياسية ...وازداد الفشل لسياسته الامنية ما بعد عدوانه علي قطاع غزة وما أعلنه من أهداف يريد تحقيقها ...استخدم من أجل ذلك كافة ترسانته وارهابه وعنصريته من أجل أن يحقق أهدافه المعلن عنها ...الا انه فشل أيضا في تحقيق ذلك بعد ما ارتكب من جرائم ومجازر طالت ما يزيد عن 2200 شهيد فلسطيني وما يزيد عن 10000 جريح وتدمير عشرات الالاف من المنازل لأمنيين مدنيين وتدمير بنية تحتيه يعيش علي أرضها ما يقارب 2 مليون فلسطيني .
حرب دموية واجرامية عنصرية قام بها نتنياهو من أجل الخروج من أزمة يعيش فيها وليحقق للجمهور الاسرائيلي الامن ...الا أنه فشل أيضا في ذلك ...كما فشل في تحقيق السلام مع الفلسطينيين وفق الحل الاسرائيلي الذي يسعي لتحقيقه .
قام نتنياهو بطرح مشروع يهودية الدولة ...كما قام ايضا بطرح مشروع قوانين تعطي المستوطنات شرعية قانونية أنها جزء من الارض الاسرائيلية وفتح المجال للمستوطنين باستباحة الأقصى وما جري من ردة فعل فلسطينية شعبية أثارت لديه المخاوف لاحتمال انتفاضة ثالثة ...كما شهدت علاقاته مع الاردن الشقيق توترا كبيرا نتيجة سياساته ودعمه لليمين المتطرف وغولات المستوطنين .
لم يتوقف نتنياهو الي هذا الحد بل اصر علي الاستمرار بفشله عندما أدار ظهره للتسوية السياسية وأخذ بتصريحاته الي الحد الذي لا يقبل بدولة فلسطينية ....وأنه لا يمكنه الانسحاب من الضفة الغربية ...وأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ولا يمكن تقسيمها حتي وصل به الامر الي طرح التقاسم الزماني والمكاني بالمسجد الأقصى .
استمر نتنياهو بعنصريته وفاشيته وفشله السياسي والامني بالمزيد من التصريحات المتطرفة التي كان يوكد فيها أن الضفة الغربية يجب أن يكون فيها تواجدا اسرائيليا امنيا مما يعني أنه في أحسن الاحوال دولة فلسطينية منقوصة السيادة .
أحلام عنصرية ...وتمنيات فاشية ...وسياسة متغطرسة ...تعتمد علي القوة العسكرية تحكمت في عقلية نتنياهو... مما أضر به في علاقاته الدولية خاصة مع دول الاتحاد الاوروبي والي حد ما مع الادارة الامريكية... في ظل الاعترافات المتتالية للبرلمانات الاوروبية بدولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران67 وعاصمتها القدس الشرقية ومشروع القرار العربي والمحتمل تقديمه لمجلس الامن الدولي والذي ينص علي الاعتراف بدولة فلسطين بحدود العام67 ...وما ستعمل عليه القيادة الفلسطينية في حال فشل مشروع القرار واستخدام الولايات المتحدة حق الفيتو بالتوجه وعضوية محكمة الجنايات الدولية وما يزيد عن خمسين مؤسسة دولية أخري .
فلسطين وقد اصبحت علي الخارطة السياسية الدولية بحكم القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والتي تجسدت بنضال شعب عظيم...ومقاومة باسلة...وارادة سياسية ...وتحركات دبلوماسية ...منظومة من الفعل الوطني الفلسطيني الفصائلي والقيادي أوصلنا الي ما نحن عليه الان سياسيا أمام العالم بأسرة ....برغم كافة التحديات والمصاعب والمعوقات الإسرائيلية التي عملت وما زالت علي اركاعنا وكسر ارادتنا عبر الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة واخرها حكومة نتنياهو المنحلة ...وسياسته الفاشلة التي لم تمر علي أي حكومة سابقة في هذا الكيان .
نتنياهو وفي ظل حل ائتلافه الحكومي وبحثه عن تحالفات جديدة مع ليبرمان التي يتأرجح والذي لا يعطي وعود قاطعة لمشاركته في حكومة قادمة مع نتنياهو ...ولبيد الذي يتحرك لعمل تحالفات جديدة مع حزبه ...ولفني التي تتحرك للتحالف مع هرتسوغ اي أن هناك تحالفات لأحزاب الوسط واليسار مقابل أحزاب اليمين واليمين المتطرف المفكك... والذي لم يجد أرضية واضحة لتحالفه في الانتخابات المقبلة في مارس القادم .
كافة المؤشرات والتوقعات ومهما تكن نتائج الانتخابات المقبلة... لا توفر فرص كبيرة لنتنياهو الذي أثبت فشلا ذريعا... وأوصل هذا الكيان الي مرحلة المواجهة الحتمية مع كافة الدول وخاصة الاتحاد الاوروبي ..وحتي ادارة الرئيس الامريكي اوباما الذي أصبح غير قادر علي استمرار دفاعه وتبريره للسياسات الاسرائيلية .
مجمل الوقائع التي وصل اليها نتنياهو بفشل سياساته تعطي مؤشر علي عدم امكانية تحقيقه للنجاح الذي يتمناه ليعود لتأليف حكومة اسرائيلية جديدة... بعد فشله بالعديد من الملفات حتي أن محاولته لضرب مناطق في سوريا وايهام المجتمع الاسرائيلي أنه لازال يمتلك اليد القوية لتوجيه ضرباته العسكرية لن تسعف نتنياهو ولم تحقق الغرض الذي يمكن انقاذه ليجعل منه رئيس الحكومة القادم في اسرائيل... وهذا ما يؤشر الي احتمالية التصرف بما يشبه انتحار الفاشلين بإشعال الحرب علي غزة مرة أخري مع كل المحاذير التي يمكن أن تؤدي الي فشله وسقوطه أكثر فأكثر .
هذا الفشل الذي منيي به نتنياهو سيوفر أرضية لسقوطه الانتخابي وغيابه عن المشهد السياسي الاسرائيلي ...والايام القادمة كفيلة بتحديد النتائج الحقيقية ...والتي لا يكون أقلها ...أنه لن يكون رئيس الوزراء القادم .
الكاتب: وفيق زنداح