بلا مقدمات رحل المناضل العميد ابراهيم الصفوري ،وهو يتطلع الى هم الامة كلها، رحل ونحن بحاجة لجهده وهمته وروحه التي لاتتعب ولا تيأس ولا تتراجع، خصوصا وانها همة شاب مرت عليه اكثر من خمسون عاما ومع ذلك كان يقفز بين عواصم العرب بلا ضعف او كسل.
أننا نقرأ سيرة المناضلين ، وعندما نكتب عن المناضل ابراهيم الصفوري ، نحاول تقريب الزمن الى الحد التي يفيض بجلال المعنى وجوهر الخلاصة من خلال تجربته النضالية في جبهة التحرير الفلسطينية ، حيث تعرفت عليه في أوائل الثمانينات، كشخصية شابة وعملية وديناميكية في صفوف الجبهة، وإزداد نشاطه.
انه الفدائى العنيد المسلح بالخبرة الطويلة والحنكة النادرة ، وأثبت الرفيق الشهيد من خلال دوره قدرات قيادية وعملية جديرة بالاحترام والتقدير ، وان الكتابة عنه لا تنتهي بمقـالة ، حتى تـؤرخ سـيرته النضاليه. .
الشهيد القائد الرفيق ابراهيم شفيق الصفوري ( ابو شفيق) تحلىّ بالصفات، التي يمكن من خلالها الحكم على مصداقية انتماء والتزام الكادر الجبهاوي المناضل ،عرفها كل رفاقه عموما الذين يستذكرونه دوما قائدا وكادرا ومناضلا تميز بالجرأة، والدفاع عن الجبهة ، مستلهماً في كل ذلك مواقف رفيقه الشهيد القائد الامين العام ابو العباس.
مثل استلهامه للسمات التي تجسد تواضع المناضل واستقامته وتفانيه ومثابرته ووعيه ورفضه لأي شكل من أشكال الانحراف التنظيمي أو الفكري أو السياسي ، منطلقا في كل ذلك من قناعته بمبادئ الجبهة السياسية والفكرية .
لقد كان ابراهيم الصفوري بعيدا عن الكسل والخمول والتراخي يناضل بروح قرار قيادة الجبهة ويكرس اوقاته لتحقيق برامجها ، يعمل دون أن يكثر من الكلام ويعتز بانتمائه للجبهة ،افنى عمره على جبهات النضال المختلفة مع المشروع الصهيونى , فهو ابن لعائلة مناضلة استشهد العديد من ابنائها, عائلة فقيرة من مخيمات اللاجئين , بل ورث عن عائلته حب فلسطين , والعداء المطلق للمشروع الصهيونى الاستيطانى الاستعمارى ، انه مناضل جبهوي فلسطينى, امن بالثورة فكرا ونهجا , هذه السمات مجتمعة التي تحلى بها فكان المناضل صاحب العزيمة والإرادة القوية في مواجهة كل التحديات ، التي كانت وما تزال تستهدف القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني
فكان للشهيد دور بارزا في لبنان حيث شارك في الدفاع عن الثورة والشعب وتصدى مع رفاقه للاجتياح الصهيوني للبنان صيف عام 1982 قبل ان يغادر مع مقاتلي الثورة لبنان الى العراق ومن ثم الى ليبيا.
لقد غيبه الموت اثر حادث السير المؤسف ، لكن إسمه وصورته ستبقى محفورة في القلب والوجدان.
اننا في وداع مناضل نقول له ولكل الشهداء اننا على العهد والقسم بمواصلة المسيرة لتحقيق كافة الأهداف والمبادئ والمثل التي ضحيت من أجلها أنت وكافة الشهداء، وفي مقدمتهم فارس فلسطين الامين العام الشهيد القائد الكبير ابو العباس، والقادة العظام طلعت يعقوب ،وابو احمد حلب، وسعيد اليوسف، وحفظي قاسم ، وابو العمرين، ومروان باكير، وجهاد حمو ، وابو كفاح فهد وابو عيسى حجير وغيرهم الكثيرين من المناضلين والقادة قدمتهم جبهة التحرير الفلسطينية على طريق تحرير الارض والانسان.
فجبهة التحرير الفلسطينية ستبقى جبهة شامخة نحمل ارثا كفاحيا تعمد بالدم والنضال، وتواصل المسيرة حتى انتزاع حقوقنا الوطنية.
لقد قدم ابراهيم الصفوري مثالا وقدوة للثائر والفدائي المخلص الوفي المؤمن بقضية شعبه والمستعد للتضحية في سبيله، فهو الرجل الذي آمن بروح العمل الفدائي من خلال سلوكه الثوري، ، فهذا قدر المناضلين الذين يختارون طريق الفداء والنضال والكفاح، والذين يكرّسون حياتهم كاملة لقضية شعبهم ووطنهم.
التاريخ الفلسطيني ، حافل بالبطولات والمآثر ، تاريخ خطت حروفه بدماء قوافل طويلة وطويلة جداً من الشهداء لا يمكن حصرها ، دماء زكية روت ثرى فلسطين الغالية ، وبلدان عربية شقيقة ، دفاعاً عن فلسطين التاريخية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية ، وعن أراضي عربية مجاورة ، وصوناً للشرف العربي ودفاعاً عن الكرامة العربية ، وقدم الشعب الفلسطيني عبر العقود الماضية عشرات بل مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ، ومع جل تقديرنا واحترامنا لجميعهم بدون استثناء ، ومع تقديرنا العالي لمعاناة الجرحى والمعتقلين المتواصلة ، فهم نبراساً لنا وتيجانا على رؤوسنا ، إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين أحياناً لتسليط الضوء على الشهيد ابراهيم الصفوري .
اليوم يمضي ابراهيم الصفوري على خطى كل شهداء شعبنا العظيم، هؤلاء الشهداء الذين يمثلون ضمير وروح هذا الشعب وهذه الأمة، من اجل أن تبقى راية فلسطين مرفوعة عالية خفاقة في أيادينا، وأن نواصل نضالنا على هدى مبادئهم وأفكارهم، وأنا على ثقة بأن دماء الشهداء الطاهرة ستعبد الطريق إلى القدس وإلى الحرية والعودة والاستقلال، وان مسيرة شعبنا ستنتصر طال الزمن أم قصر، وأن زوال الاحتلال بات مسألة وقت، وان مصيره كما النازية والفاشية والعنصرية والاستعمار إلى مزبلة التاريخ.
ختاما : لا بد من القول ان ابراهيم الصفوري ستبقى تجربته محفورة في وجدان المناضلين ، فهي مفخرة لهم ، ، فقد فقدنا مناضلا، اعطى في حياته الكثير ، مؤكدين على استكمال المسيرة النضالية التي أفنى حياته من أجلها، طيلة حياته الحافلة بالعطاء والتضحيات إلى جانب كل المناضلين الأوفياء من أبناء شعبنا حتى تحقيق الاهداف الوطنية المشروعة في العودة واقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.