حركة فتح ....ملك شعبنا(2).

بقلم: وفيق زنداح

خمسة عقود مضت علي انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ....ليس من السهل تفصيل هذه الحقبة الزمنية بعناوينها المختلفة ..وأحداثها المتلاحقة وملفاتها العديدة ومجمل محطاتها التاريخية والنضالية التي اتسمت بها كل مرحلة من المراحل في ظل ظروف ذاتية وموضوعية تختلف والي حد ما ما بين حقبة زمنية وأخري ...في ظل تحديات ومصاعب لا زالت أمام هذه الحركة العملاقة علي الصعيد الوطني وعلي مستوي مواجهه الاحتلال وما بداخل الحركة من اجتهادات وتباينات....كلها بالمجمل تشكل تحديات اضافية يجب الوصول الي حلول عملية لها ...لما تتميز به حركة فتح من موضوعية واتزان وعقلانية ومرونة في ايجاد السبل الممكنة لمعالجة كل ما يمكن أن يطرأ علي الحركة من قضايا تحتاج الي الحكمة في معالجتها وبالسرعة الممكنة ...حتي لا تتهدد الحركة ومسئولياتها التاريخية الوطنية والتي تتحملها منذ خمسة عقود ازاء تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني ...في ظل اشكاليات وطنية داخلية كان عنوانها الانقسام وما ترتب عليه من أثار وانعكاسات لازالت تشكل تهديدا وخطورة كبيرة علي مجمل القضية الوطنية الفلسطينية ووحدة النسيج الوطني .
قطار الانطلاقة جاء في ظل ظروف عربية ودولية لا تسمح بظهور فصيل فلسطيني يعتمد خيار الكفاح المسلح ...حيث كانت الانطلاقة في ظل مطاردة مستمرة من بعض الأنظمة وما أحاط بالحركة من ملاحقات ومطاردات وتحديات ...الا أنها واصلت فعلها الكفاحي وعملياتها الفدائية دون أدني حسابات... وبعيدا عن السياسة الاقليمية والدولية وضوابطها وقواعدها ...وبما يشبه المغامرة ...لكنها الحتمية التاريخية التي كان لا بد منها للامساك بزمام أمور القضية والعمل علي الخروج من دائرة شعب مشرد ومهجر في مخيمات اللجوء والشتات ...الي شعب ثورة وكفاح وحرية .
جاءت ظروف حرب حزيران 67 وما أسفرت عنه من نتائج باحتلال ما تبقي من فلسطين التاريخية وأراضي دول عربية ...مما أعطي المجال للمزيد من العمل الفدائي داخل الارض المحتلة ومن خارجها ...حتي كانت معركة الكرامة في مارس 68 والتي شكلت عودة لروح الامل والنصر والكرامة العربية في ظل أول هزيمة اسرائيلية ...مما أخذ بحركة فتح والمقاومة الفلسطينية علي رأس المشهد العربي بفعل انتصار المقاومة واستمرار عملياتها الفدائية .
وجاءت أحداث أيلول سبتمبر 70 وخرجت قوات الثورة الي سوريا ولبنان حيث القواعد الارتكازية داخل المخيمات في ظل استمرار العمل الفدائي ضد العدو الاسرائيلي من خارج الحدود ومن داخل الوطن المحتل .
تم انتخاب ياسر عرفات قائد حركة فتح رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في العام 69 مما وفر أرضية الفعل السياسي المقاوم لحركة فتح كما وأضاف العديد من الاعباء والتحديات .
استمر الوجود الفلسطيني في لبنان حتي العام 82 وما حدث من اجتياح اسرائيلي كان يستهدف رأس القيادة الفلسطينية ولم تتمكن اسرائيل وقواتها من تحقيق أهدافها ...لكن الحكمة قد أوصلت القيادة الي ضرورة الخروج بسلاحها الي مقرها الجديد في تونس الخضراء ....في ظل استمرار الاستهداف ومحاولات الاغتيال والملاحقات المستمرة للقيادات الفلسطينية وعبر كافة الساحات العربية والدولية ..ولم تكن محاولة اغتيال الرئيس عرفات بمقر اقامته في حمام الشط بتونس اول أو أخر محاولة .
حركة فتح وقيادتها لمنظمة التحرير والاعتراف العربي بقمة الرباط بوحدانية تمثيل المنظمة لكافة أبناء شعبنا أينما تواجدوا ...وفر أرضية سياسية ونضالية... لفتح المزيد من المكاتب والممثليات الفلسطينية بالعديد من العواصم العربية والدولية وبناء علاقات وطيدة مع العديد من الدول والاحزاب السياسية .
حرصت حركة فتح ومنذ انطلاقتها وحتي يومنا هذا علي عدم التدخل بالشئون الداخلية للدول وفي ذات الوقت الرفض الكامل للتدخل بشئوننا الداخلية من قبل أي جهة مهما كانت ... لان فتح قد دفعت ثمنا باهظا حتي انتزعت استقلالية القرار الوطني الفلسطيني
بعد 18 عام من الكفاح المسلح وحتي الخروج من لبنان والاستقرار في تونس حيث مقر القيادة الفلسطينية تم اعتماد خيار العمل السياسي في ظل متغيرات دولية واقليمية وفي واقع استمرار الحليف الامريكي الاستراتيجي لاسرائيل المحتلة لأرضنا والاهمية البالغة التي أدركتها القيادة أن النضال ومهما تعددت أساليبه وأشكاله لابد وأن يكون من داخل الوطن وليس من خارجه ..كما قناعه القيادة منذ التأسيس والانطلاقة أن التباين والاجتهادات يجب أن تكون داخل الأطر الشرعية وليس خارجها .
أرادت حركة فتح أن تحرك المياه الراكدة وأن تدخل في معترك العمل السياسي ...فكان اعلان وثيقة الاستقلال في الدورة التاسعة عشر في العام 88 في ظل انتفاضة شعبية سلمية بكافة أرجاء الوطن المحتل .
اسرائيل بقوتها العسكرية وغطرستها وحليفها الاستراتيجي أمريكا لم تستطع أن تستوعب رؤية ومشاهدة القائد أبو عمار أمام منصة الامم المتحدة مخاطبا العالم بأسره وهو يحمل غصن الزيتون بيد والبندقية بيد أخري مطالبا العالم بأن لا يسقطوا غصن الزيتون ...كما لم تستطع اسرائيل استيعاب اعلان وثيقة الاستقلال والاعتراف بالقرارين 242 _338 بعد أن كان الرفض سائدا في الموقف الفلسطيني ...كل هذا في ظل انتفاضة الحجارة لشعب منتفض ضد الاحتلال وفي ظل تغطية اعلامية عالمية ابرزت مدي الجرائم والقتل العمد لأطفال وشباب وشيوخ ونساء وهم يرفعون علم وطنهم ويقذفون بحجر... بينما قوات الاحتلال تطلق النيران القاتلة بالرصاص الحي مما وضع العالم بأسره أمام حقيقة الصراع واهمية الخروج من هذا المأزق ...فكان مؤتمر مدريد للسلام وما تبع ذلك من اتفاقية أوسلو بالعام 93 والتي عبرت عن ثلاثة مراحل أخرها العام 99 لقيام الدولة الفلسطينية .
اسرائيل وكعادتها لم تلتزم بكل ما جاء بالاتفاقيات ...واستمرت بالمماطلة والتسويف ...ولم تتوقف الي هذا الحد بل عملت منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية علي اضعافها ووضعها في موقف العاجز عن تلبية مطالب الشعب الفلسطيني ...بل استمرت باعتداءاتها وقصفها لمقرات السلطة وحتي مقر القيادة الفلسطينية .
سياسة اسرائيلية عدوانية استيطانية عنصرية وملاحقات واغتيالات وحتي الحصار المالي والسياسي ومنع القيادة من التحرك والخروج بعد عملية السور الواقي ... والتي انتهت بعد 3 أعوام باغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات ...وبداية مرحلة جديدة . ( وللحديث بقية الكاتب : وفيق زنداح