صراخ رضيع و بكاء الركاب ( سنة 1974 م الساعة الثالثة قبل الفجر ... المكان سيارة اجرة مرسيدس ..من غزة الى الجسر ( اريحا ) ومن ثم للأردن الشقيق .. مرأة بجانبى فى الكرسى الخلفى ,, كل شئ طبيعى وعادى ... صرخ الطفل ,,, تهدهده المرأة .... بزغ النهار اصبحنا يرى بعضنا الاخر ..... المرأة عجوز تجاوزت الستين ... الطفل فى حجرها رضيع .. بفضول سألتها ؟؟ أين أمه يا حاجة ؟؟
!!! اسمعوا الاجابة منها ومن السائق عفوا ابكوا من هذه الاجابة !!
قالت : يا بنى هذا الولد الرضيع انا سته ( جدته ) والده يعمل فى ليبيا .. زوجته توفاها الله اثناء ولادة الطفل .... حضر فى الصيف بموجب تصريح زيارة ... ترك الطفل عندى ... للاعتناء به وتربيته الى حين ان يرزقه الله ببنت حلال ويتزوج .... اضافت ... الحاكم اليهودى كل يوم يرسل لنا تهديد .. يجب ان يغادر الطفل الى حيث ابيه ... لقد انتهى تاريخ تصريح الزيارة ؟؟!! وهكذا .. الخ حاولت ان اعمل له جمع شمل رفضوه .. تدخلت الواسطات بلا جدوى ..
واضافت الليلة حضر الحاكم بنفسه .. و ركبنى فى هذه السيارة ... وطلب منى تسفير الطفل الرضيييييع ...
هنا تدخل السائق بالحديث .. وقال : رافعا رسالة بيده ... قال هذه رسالة الى ضابط الجسر من الحاكم ... طلب منى الليلة تسليم الرسالة الى قائد الجسر ... مؤكدا على ضرورة تلقى جواب منه يفيد بمغادرة الطفل الى الجانب الاردنى ....
العجيب ان الحاكم الاسرائيلى ... جهز للمرأة تصريح ما يعرف بتصريح الشوا فى ذيك الزمان ... والتصريح الاسرائيلى الاخضر ... واجرة سيارة الجسر الى اريحا ...
قلت وماذا ؟؟ ستفعلى يا حاجة فى الاردن ؟؟ قالت لى اقارب فى الوحدات سنتدبر امرنا ... وسنهاتف ابنى لعمل تأشيرة الى ليبيا ...
تأملت نوافذ السيارة ... حدقت فى المقاعد ... تفحصت الركاب ... حتى الجمااااد يبكى .... لا حول ولا قوة الا بالله لسان احد الركاب ,,, لعنة الله على الزعماء العرب .. راكب اخر .. اين كتاب الروايات ومخرجى السينما والمسلسلات ؟؟!!
الف سؤال ؟ وبقايا دموع .. وعشرات الزفرات فى الصدور ومن الصدور ..
يا الله يا الله ليس لنا غيرك ...
هذه حكاية واقعية الركاب وانا شهود ... هذه قصة طفل لم اتدخل فيها بقلمى أو شطحات الخيال .. هذا ما حدث وهذا ما كان ..
وكل ما أؤكده ان الطفل والمرأة من حى الشجاعية وما حوله ...
ما اردت قوله ... أين هذا الطفل ؟؟ الأن ... وهل فى هذا الوطن كعكة أو غنيمة أو قيمة ... نتقاسمها أو ننقلب وننقسم بسببها ؟؟!!
ما اروعنا لو تقاسمنا الهم والحزن والبكاء ... كما حدث معنا فى هذه الرحلة ... تعالوا نتقاسم النكبات ونفترش حصير الهموم سويا ... فلا يوجد فى هذا الوطن ما يستحق الانقلاب ... اذا قال درويش على هذه الارض ما يستحق الحياة ... أنا الفقير لله منيب حمودة اقول .. : على هذه الارض ما لا يستحق الانقسام الانقلاب التناحر والتشاحن التباغض الحقد الحسد الكره ... تقبلوها منى لوجه الله خالصة الى كل حماة الانقلاب والانقسام ....
ولكم فى هذه الواقعة عبرة , ولكم فى جريمة الاحتلال صباح هذا اليوم فى خزاعة عظة .
تنويه .. هل مدفعية الاحتلال وهى تقصف خانيونس اليوم كانت تعرف عنوان المزارعين وانتماءاتهم الحزبية ... فهذه قذيفة على جرار المزارع الفتحاوى وهذه على تراكتور الحمساوى وتلك على حاكورة الجبهاوى وخامسة على بئر مياه الجهادى ؟؟؟؟