رحلة مناضل ومهاجر وسفير

بقلم: عطية ابوسعده

اليوم تتغير متسارعة معالمه والأمس وإن تعددت مناكبه رحل عنّا وبغير رجعة رحل بكوابيسه رحل مع الراحلين رحل ولكن ؟؟؟؟ تبقى معالمه في الاعماق راسخة رحل كما رحل الياسر رحل كما رحل اعزّاء على قلوبنا رحل ولم تبقى سوى ذاكرة ودروس وعبر راسخة في الأعماق تستقر وغدا ربما تتغير في الأفق ملامح البشر بعد ان شابت الرؤوس وبدأ الشيب على الاجساد ينتشر ….

من خلال تسلسل الأزمان تتغير بين الفينة والأخرى ملامح بني البشر وأخص هنا اهلنا في المهجر القصري وتتناثر على المحيّا مؤثرات الزمن يزداد من خلالها التعداد نموّاً وانتشاراً وتتشكل في الأفق معالم الوريث المستورث وتتضاعف من خلال هذا الشتات معاناتهم .. مع تسلسل ما مضى من تواريخ الهجرة والتهجير تغير تعداد المهجّر وتغيرت ملامحه ولهجاته وربما لغاته وايضا يتغير تعداده ليصبح على ما يزيد من اثناعشر مليون فلسطيني خارج ارض الوطن .. يعيش هؤلاء على واقع حلم العودة في داخلهم اختزنت مرارة الترحال .. اليوم وغدا ترفع علامة النصر وتشرع عالياً علامات الانتماء لذاك الوطن البعيد وتلك الارض السليبة .. ..

اليوم ارض كنعان تنادي ومازالت تستصرخ فيكم الهمم اليوم فلسطين تنتشر متناثرة مبعثرة اصولها وفلذات اكبادها على كل رقاع الارض بابناءها المعذبين بشيبها وشبابها .. اليوم والامس وربما غداً تشتت الكل الفلسطيني وتفرقت الاجساد وتاهت بين هموم الزمن وانشغالات الحياة ولكن ابد الدهر تبقى موحدة كلمتهم موحدة انتماءاتهم موحدة اهدافهم شاخصة عيونهم وافئدتهم تجاه ارض الاحلام ارض السلام ارض المحبة ارض فلسطين ...هي ارض المسكن الاخير هي ارض المنشا هي ارض الديانات والرسل هي فلسطين .. اليوم حناجر ابناء هذه الارض تنادي تؤكد نحن هنا ومازلنا على العهد صابرين ….

اليوم يجب أن تكاتفت السواعد وتوحدت الرؤى .. اليوم تلاقت الاتجاهات والتوجّهات واستكانت صامتة معالم البوصلة الحزينة .. اليوم نحن هنا وغدا وهذا اكيد سنكون هناك على ارض فلسطينني الحبيبة ارضنا السليبة .. اليوم تمثلت معالم الانتماء الفلسطيني , توحدت كلماتها , ترسخت انتماءاتها حول راية خفاقة واضحة المعالم ممثلة بسفاراتها ودبلوماسييها راعية الوحدة ورافعة شارة النصر والنضال , اليوم نعيش هنا ورسل الوطن ممثلة برجال صادقين اؤتمنوا على رفع راية الانتماء باسم الوطن باسم فلسطين , أمناء على القضية ورعاياها سفراء باسماء مختلفة وانتماءات موحدة ومهام ثابتة هي خدمة الوطن أولاً والمواطن ثانيا .. فالمواطن هو امتداد للوطن ومن لم يعترف بذلك فهو خارج عن الصف الفلسطيني وايضا من لم يعترف بسفاراتنا خارج الوطن وبظلالها المشرعة علينا ايضا يعتبر خارج عن الصف الفلسطيني …

ربما اختلفنا او مازلنا نختلف مع هذا السفير او ذاك ربما اختلفنا بالفكر أو بالرأي أو بالاسلوب ولكن لا نختلف على الاصل لانختلف على الوطن لانختلف على فلسطين .. والانتماء يجب ان يكون لفلسطين فقط .. اختلفنا كثيرا واتفقنا كثيرا ولكن في نهاية المطاف تتوحد الرؤى على القضية والانتماء .. تلك هي معالم الرجولة وتلك هي ايضاً معالم الانتماء فابناء الجالية الفلسطينية عماد القضية والسفارة سنامها كلاهما يكمل الآخر .. كل يقوم بعمله المناط اليه والجميع يستكين تحت مظلة فلسطين الأرض والدولة الحاضرة والمستقبلية لان الهَم واحد والهدف واحد .. فلسطيننا سليبة واجب علينا استرجاعها مهما كانت الاثمان غالية ….

من خلال معرفة المعلومات الكاملة والصحيحة المتوفرة ومعرفة المشاكل التي يعاني منها ابناء الجالية لدي الساسة والدبلوماسيين والتواصل اليومي معهم تكمن بوادر النجاح . ومعرفة سبل الحل هي الطريق السريع لانجاح التمثيل الفلسطيني على اكمل وجه بالتعاون المباشر واليومي بين التواجد الرسمي ممثلا بالسفارة والاجتماعي ممثلا بالجالية من خلالهم تكتمل الوحدة وتتوحد اساليب النضال وتتكاتف السواعد ….

منذ اعوام خلت نهضت الجاليات الفلسطينية باسلوب النضال السياسي والاجتماعي سعياً للوصول الى الهدف المنشود .. فالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمراكز واتحاد الطلبة الفلسطيني واللجان الفلسطينية في المنافي القسرية كان وما زالت لها الدور البارز في جميع مراحل النضال الفلسطيني وكانت هي الحاضنة الفعلية والداعمة البشرية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكان لها الاثر الواضح في تحديد عناوين المعركة واساليب تنفيذها لتصل السفينة اخيرا مرفأها الى شواطئ ارض الوطن والى حيث كان يجب ان تصل .. من خلال ذلك انتقلت المرحلة النضالية مدعومة بجالياتنا بالخارج الى ارض الوطن وتغيرت ملامح النضال وتشعبت معالم الافق السياسية وما زالت جالياتنا تصارع الزمن .. تناضل باساليبها القديمة والمبتكرة المستحدثة في آن واحد دعما لفلسطين وقضيتها وقادتها ممثلة بخيمتها الرسمية بالخارج ألا وهي سفاراتنا مسندة بحاضنتها الشعبية والجماهيرية ….

في المهاجر المتنوعة يبقى الفلسطيني يحلم .. في حلّه وترحاله يعيش الحلم يتأمل في عقله الباطن معالم رحلة العودة وبشائر الاستقبال .. يعيشها لحظة بلحظة وسيبقى يحلم الى ان يتحول الحلم الى رؤيا واضحة المعالم ويستبشر مع عائلته المصغرة واطفاله بشائر الرحلة الاخيرة الى أرض الموطن والمنشأ .. يعيش الفلسطيني بين عواصم العالم تحت الخيمة المؤقتة التي من خلالها يشتَم روائح الوطن ويستقرئ بشائر العودة وتتوحد العادات والتقاليد بين ابناء الوطن على ارض الغربة وتتشابك الفعاليات وتتكاتف فيما بينها بالمناسبات الوطنية منها والاجتماعية لتصبح على ارض الغربة عائلة واحدة …

اليوم نحن هنا وغدا سنعود حتماً سنعود .. هناك من ينتظرنا وهناك سيكون لنا لقاء .. لقاء ما بعد اللقاء لقاء الجسد بالارض لقاء العهد بالوعد لقاء اليوم بالغد لقاء الود للود لقاء الابن بالجد.. وسيأتي اليوم وننتصر .. وسيأتي اليوم ونعود ..