المحكمة الجنائية الدولية هي منظمة دولية دائمة تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة، وهي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وتعمل على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة في كل بلد، ولا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا.
المحكمة تنظر في أربع قضايا، ثلاث منها أحالتها عليها دول صادقت على المحكمة، وهي الكونغو الديمقراطية، وأفريقيا الوسطى، وأوغندا، وتتهم أشخاصا بارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية على أراضيها. والقضية الرابعة أحالها على المحكمة مجلس الأمن متهما فيها الرئيس السوداني ومسؤولين آخرين بارتكاب جرائم مماثلة في إقليم دارفور غرب السودان.
وأول شخص تم تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية هو توماس لوبانغا، زعيم إحدى المليشيات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حيث قيل إنه جند أطفالا قاصرين واستخدمهم في الحرب.
وتسعى المحكمة أيضا إلى متابعة قادة مليشيا جيش الرب الأوغندي، المتهمين بدورهم بتجنيد أطفال واستغلالهم في الحروب.
وفيما يتعلق في مسألة انضمامنا إلى محكمة الجنايات الدولية، فهناك معوقات للانضمام الفلسطيني للمحكمة يتمثل أولها أنه في حال الانضمام لن نستطيع محاكمة أو محاسبة إسرائيل لأنها ليست عضوا في اتفاقية روما (النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية). الا عبر قرار صادر عن مجلس الامن يطلب من المدعي العام للمحكمة بملاحقة مجرمى الحرب الاسرائيليين على جرائمهم ضد الشعب الفلسطني. وهذا لن يحصل بسبب الفيتو الامريكي.
اما العائق الثاني لانضمام دولة فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية، فهو عند الانضمام للمحكمة، يحق لاسرائيل رفع دعوى قضائية ضد النشطاء الفلسطينيين العسكريين منهم والسياسيين في المقاومة الفلسطينية باعتبارهم مسؤلين عن كافة العمليات الفدائية (الانتحارية) في تل ابيب وغيرها. وستكون الملاحقة محددة زمنيا منذ سنة 2002 وما بعدها. وليس قبل ذلك.
ومن عوائق الانضمام للمحكة الجنائية الدولية، أنه سيكون هناك ملاحقة المسؤولين عن إطلاق الصواريخ تجاه البلدات والمستوطنات داخل الخط الأخضر من ارض 1948 من الفلسطينيين. إضافة ان اسرائيل ستقوم بطلب تعويضات بجبر الضرر عن ضحاياها فى كافة الاعمال التي تسببت فى مقتل اسرائيليين بسبب نشاط المقاومة، وتعويضان عن الخسائر المادية والاقتصادية الخ. حيث تنص المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 على الالتزام بدفع تعويض عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
ومن تبعيات الانضمام، انه ستوضع أسماء الفلسطينيين – قيادة - أو جنود - أو رؤساء - أو وزراء - من المطلوبين للعدالة الدولية على لائحة الملاحقة باعتبارهم مجرمين حرب. وسيتم ملاحقتهم دوليا من طرف الدول الأعضاء في نظام روما.
كما أنه بعد مصادقة فلسطين بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، عليها القيام بملائمة قانونها الداخلي الوطني مع القانون الدولي والنظام الأساسي للمحكمة، وعلية يجب إن تقوم دولة فلسطين بإلغاء قانون حكم الإعدام. وكذلك ملائمة القانون الجنائي الداخلي مع الدولي.
ومن المهم إدراك أن الانضمام يعني أيضا استعدادنا في دولة فلسطين تسليم الأشخاص المتهمين كمجرمي حرب إلى المحكمة الجنائية الدولية مهما كان منصبهم - قائد سياسي - قائد عسكري - رئيس الدولة - رئيس الوزراء - وزير- ضابط - جندي...الخ، حيث لا حصانة لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية. ويتم ملاحقتهم بشكل شخصي وليس بصفتهم الرسمية التى لا تمنحهم الحصانة من الملاحقة والمحاكمة.
والإنضمام يعني تحمل دولة فلسطين كافة النفقات المالية أثناء سير وانعقاد المحكمة الجنائية الدولية، وهناك امور أخرى مثال ضرورة موافقة المجلس التشريعي ومصادقتة على الانضمام للمحكمة. وان يقوم كذلك بالغاء قوانين او تعديلها حتى لا تتعارض مع اتفاقية روما لسنة 1998.
ونلفت أنه من اجل التوجه لهذه المحكمة يجب توافر الشروط التالية مجتمعة، أولا يجب أن تقام الدعوى باسم الدولة، وثانيا أن تكون الدولة التي تقيم الدعوى طرفا موقعا ومصادقا على اتفاقية روما، وثالثا أن تكون الدولة المدعى ضدها طرفا في تلك الاتفاقية.
وعلى ضوء ذلك فإن خيار ملاحقة ومقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين قائما على قرار من مجلس الأمن الدولي ويصدر القرار بموجب الفصل السابع ولكن من المعروف أن التوجه لمجلس الأمن حاليا سوف يصطدم بالفيتو الأمريكي. لكن ما يهمنا من ناحية القانون هو توثيق جرائم الحرب وتقديمها لجهات الاختصاص في الوقت المناسب لان جرائم الحرب لا تسقط مع مرور الزمن.