هناك رجال تسير على الأرض تعشق الحياة دفاعاً عن وطن تعشق الشهادة في سبيله رجال كانوا يؤمنون بمقولة طبقت عليهم بذاك القول الذي اشتهر على ألسنة الأمّة كونه حديث , اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً , تلك كانت مراحل الرجال الصادقين اصحاب الكلمة الشجاعة والوعد الصادق رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه .. اختلفت معالم الحياة لديهم وتعددت سبل النضال لديهم وتمكنت سواعدهم بالجد والاجتهاد من صناعة الامل وتربعت على عرش الانتماء افعالهم , رجال تسير على الارض رافعة راية الانتماء صادقة في القول والفعل , ...
في حديثنا اليوم عن رجل افضل ما يسمى به رجل الظل الغامض رجل النضال بتشعّباته رجل الكفاح رجل الجهاد رجل صنع من العزيمة وحدة رجل صنع من الانتماء راية رجل كان على الارض يسير بهدوء تكاد لاتسمع له صوتا ولكن في باطنه هدير امواج البحر الهائج رجل لا تعرف عنه سوى القليل رجل الظل الجارح , عاش مراحل حياته متنقلا من الصمت الى الصمت يعمل بصمت يقاتل بصمت يصنع ملاحم الرجال بصمت , هو الشهيد البطل احمد حسن مهنّى _ابو حسن _ لا يعلم عنه الكثير من ابناء نضالنا المعاصر لايعرفه سوى القليل من رافقه من تجرّع معه عذابات الاسر وشاركه رحلة الكفاح جل رفاقه شهداء انتقلوا الى الباري والباقي مشاريع شهادة ...
عاش شهيدنا فقيرا عاصر النكسة وعذاباتها عاصر تطور المراحل النضالية ترعرع في ضواحي خانيونس العظيمة تلك المدينة التي جمعت ومازالت تجمع على ارضها عظماء الثورة ورجال الشهادة وابطال السجون وصنّاع القرار , مدينة ترعرع شهيدنا فيها فقيرا صنع من الفقر قوّة صنع منه عزيمة صنع مشروعاً أسّس جناحاً عسكريّاً ,, كان قائدا لايشق له غبار رجل مغوار , كان احد الأعمدة الصلبة المؤسسة للجناح العسكري في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين كان ذاك الرجل عصامي بما للكلمة من معنى , كان حاد كالسيف لم ينكسر , تراقب حركاته وسكناته تلاحظ في اعماقه غموض الدهر كان قليل الكلام صارم اختياراته خبير في تفاعلاته اخ لرفاقة إبناً لأبنائه , رجل امضى جل عمره متنقلا بين سجون الأسر الصهيونية , رجل عهدته عن قرب وتعارفت به وتعاملت معه , كان نعم الاخ ونعم الصديق , كان علامة فارقة في تاريخ امتنا كان زعيما من زعماء الظل في حركة الجهاد الاسلامي او ربما كان الزعيم القائد المنسي …..
من يعرف تاريخ هذا الرجل يعرف جيّداً انه هناك قادة وأبطال عظام تمرّغت وتغطّت ملامحهم بغبار النسيان , كان معلّماً في الصمود كان كالصخرة في السجود كان تلك سحابة السوداء التي حيّرت قادة العدو , كان صامداً صمود اساطير التاريخ , كان بطلاً مجهول الهوية ,,وتلك حقيقة ,,لم تلاحقه يوماً وسيلة من وسائل الاعلام او تداعبه اقلام المثقفين والكتّاب المتمرسين , كان ظلّا بلا جسد كان طيفا , كان شوكة في حلق العدو بلاحسد ...
ابعد اسيرنا خارج ارض الوطن في اواخر الثمانينات أيام البديات الحقيقية لانتفاضة شعب أيام الانتفاضة الأولى .. كان يعتقد العدو ان ابعاده عن ارض الوطن هي النهاية بالنسبة له ولم يكن يدري انها كانت بداية المشوار الفعلي لهذا الرجل العظيم , خرج من الأسر ليبدأ مرحلة جهادية جديدة باسلوب جديد وربّما مسميات مختلفة , اليوم رحل شهيدنا انتقل الى الرفيق الأعلى فجر هذا اليوم في مخيم الرمدان بدمشق اليوم رحل عاشق الشهادة الاخ والمناضل والقائد احمد مهنّا , اليوم رحل الأسطورة التي لاتقهر ….
عاش شهيدنا فلسطينيّ الإنتماء فقيراً كأبناء هذا الوطن ومات ايضا فلسطينيّاً فقيرا لم تغره اغراءات الدعم والمسؤولية الكاذبة ولكنه في باطنه يعلم يقيناً أنه كان غنيّاً برفقاء الدرب غنيّاً بالعقيدة والانتماء كان غنيّاً بالعزّة غنيّاً بالشجاعة .. عاش رفيق الدرب وحيداً ومضى غريبا ومات غريباً كما وصفه احد الأخوة المقربين وأيضاً قال رثاه رفيق دربه خالد عز الدين بكلمات كان لها الأثر الكبير وشعرت من خلالها علامات حزن دفين في الأعماق وتلك كانت بعض كلمات رفيقه دربه المقرب ورسالة الرثاء المستعجل ..
الى رفيق الدرب الى قائد التأسيس الأول الى من كان أول الصف وأول الرصاص وأول الطريق الى الذي عاش بعيداً عن الأضواء وهو قمر الجهاد ونور الدرب .. ويتابع بالقول ..اذكر يوماً وعداً قطعه عليك الشهيد مصباح الصوري ونحن نجلس تحت العراء ,, ابا الحسن لن نخذلك أبداً ولن يخذلك الدهر .. تلك كانت كلمة الاخ خالد صالح ..
كان شهيدنا رفيق درب الشهداء , مصباح الصوري , محمد الجمل , سامي الشيخ خليل , ومئات من الشهداء ورفاق الدرب ,, كان اسطورة التحقيق ونبض الجهاد كان انشودة الصمود التي يغنيها اسرى الحرية .. رحم الله شهيدنا رحم الله شهداء هذا الوطن العزيز الي جنّات الخلد يارفيق درب الشقاقي وسنده الفاعل ..
.. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والحرية لأسرانا والشفاء لجرحانا ..
الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي