الكل يحارب تنظيم "داعش"، المسلمون وغير المسلمين، الحكام والمحكومون، الرجال والنساء، الواقعان الافتراضي والحقيقي، الأعداء والأصدقاء، الملحدون والمتدينون الملتحون، حتى المتطرفون والمعتدلون، أصحاب الدين الرسمي والشعبي، الصغار والكبار، كم كان سحر داعش قويا ليوحد العالم!!!
نسينا إسرائيل وملهاة "الربيع العربي" ولعبة التنمية ومهزلة التغيير والديمقراطية. نسينا أمريكا والسيطرة الأجنبية، نسينا الفقر والجهل والتخلف، نسينا بريطانيا وفرنسا والحروب الثقافية الفكرية. نسينا كل شيء إلا داعش، فداعش وحدها وحدت العالم حتى لغويا!
اختلط الحابل بالنابل وضعنا في دوّامة وحوّامة، ونقلوا إلينا مثلث (برمودا)، فلا مفكرون ولا قادة ولا رجل شديد رشيد، ولم تظهر زرقاء اليمامة، ولم تقطع جهيزة قول كل خطيب إلى الآن، وعمّ البلاء، واستشاط الغلاء، وانقطعت أسلاك الكهرباء، وحلت بنا الليلة الظلماء، والفتنة البلهاء. والفضل كل الفضل للأغبياء المصدقين شعواء داعش الغبراء!!
وسنظل نصدق أن العالم الحرّ ما زال حرا يبحث عن خلاص العالم، ليخلصهم من أفعال داعش ويقضي على الإرهاب وأوكار الإرهابيين، ومن لف لفيفهم، ولم نفكر بأن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الخوف والظلم الدولي ما زالت تحرم شعوبا كاملة حقها في الاستقلال والتخلص من التبعية، ليست فلسطين وحدها، ولن تكون حكاية الانضمام للمؤسسات الدولية أو محاولة الحصول على قرار دولي لإنهاء أمد الاحتلال الباقي فينا ما بقيت العقليات القديمة هي آخر شواهد الإجرام الدولي، تذكروا أيضاً غير فلسطين كوبا وحصارها، وأوكرانيا ونزاعاتها!
ستظل داعش شماعة لاغتنام فرصة الانقضاض على هذا الجسد المسجى على صليب الموت، ولكنهم ولأول مرة ينجحون هذا النجاح الباهر المنقطع النظير في إشاحة النظر والتفكير عما يجب أن نفكر فيه لصناعة النهضة الحقيقية، وستظل داعش تلك الفزاعة التي يخاف منها الكتّاب، فسيصبحون إرهابيين إن قالوا بعض الحقيقة، إنها تهمة اللا سامية العالمية الجديدة وحدّت الأديان والشياطين والملائكة وتحققت العولمة الشيطانية تخت لواء الحرب على داعش.
لقد نجحوا وخسرنا أنفسنا وأصبحنا وقود حرب نحن فيها طرفا الصراع، فنحن القاتل والمقتول، فلا يمكن أن تصل أمة إلى ما وصلنا إليه في الدرك المنحطّ من العالم، حاربونا بأنفسنا، فهل ستنتصر النفس على نفسها بغير أن تكون جثة هامدة، يرتفع منها عمود تلاشي الدخان في أرض يباب سوداء الحجارة كعمامة جندي مصاب بمرض داعشيّ خطير؟!
إياكم أن تتهموني بالإرهاب يا دعاة الإرهاب!!