برحيل الرئيس عمر كرامي ، خسر لبنان والعالم العربي قامة عربية هامة واسما كان له اثرا بارزا على الساحة اللبنانية والعربية ، رحل الرئيس عمر كرامي بعد صراع طويل مع المرض ، رحل مفجوعا على حال الأمة العربية وما آلت اليه أوضاعها، حاملا قضيه الشهيد رشيد كرامي ، رحل الرئيس عمر كرامي ابن العائلة الطرابلسية العريقة والشمال العروبي المقاوم، رحل مدافعا عن المقاومة حتى آخر رمق كما كان طوال عمره عاملا في سبيل لبنان وسيادته، مؤمنا بعدالة القضية الفلسطينية ، رافعا راية الشهيد الرشيد دون ان يتوانى لحظة عن تلبية نداء الوطن في أحلك الظروف.
عمر كرامي الذي تحمل هموم لبنان وطرابلس الفيحاء كان يشدد على تماسك الوضع العربي، وكانت توجهاته صادقه نحو فلسطين، ونحن اليوم نفتقد مدافعا عن فلسطين نعبر عن حزننا الشديد وتأثرنا برحيل الرئيس عمر كرامي الذي كان يشكل ظاهرة شعبية ووطنية لا يمكن القفز ، وخصوصا عاصمته.
فمن الصعب أن تجد سياسياً صبوراً مثابراً حريصاً على خدمة كل مواطن يراجعه وكأنه الشعب كله، وعلى حضور كل مناسبة اجتماعية وكأنها شغله الشاغل.
فالرئيس الراحل لم يكن وراء اندفاعه لخدمة الناس دافع انتخابي فكان لا يسأل من يراجعه عن هويته ومنطقته بل وبلاده، فلا فرق عنده بين لبناني من هذه الطائفة والمنطقة او تلك، بل بين لبناني وغير لبناني، فكثيراً ما تجد منزله ممتلئاً من ابناء الشعب الفلسطيني وفصائله ومن ابناء الشعوب العربيه ، كان يترجم عروبته عملاً للناس ، دون ان يحاضر عنهما او يخطب بهما شجاعته لم تكن استعراضية، عاش في مدينته بكل آلامها وجراحها ومعاناتها .
ومن ابرز مواقفه قال ان الشعب اللبناني، عبر مقاومته الباسلة، في 25 أيار عام 2000، حقق صفحة مشرقة خلال تحرير لبنان من رجس الاحتلال الصهيوني، مضيفا أنحني أمام دماء ونضالات الشهداء والمقاومين،وأبارك للشعب اللبناني العظيم بكلّ أطيافه، وأتطلّع الى اللحظة التي سيكتمل فيها النصربتحرير كامل الأراضي المحتلة، وصولاً الى فلسطين الحبيبة.
فكانت مواقف الراحل الرئيس عمر كرامي الوطنية الثابتة، التي لم يحد عنها يوم ولا إستساغ المناورة أو المساومة بشأنها، فالمهم عنده هي المبادئ والإلتفات الى مصلحة الوطن لا مصلحة الذات.
وامام هذا المصاب الجلل بغياب رمزا من رموز لبنان ، تؤكد ان رحيله يشكل خسارة للشعب الفلسطيني ، لان الرئيس عمر كرامي كان قامة لبنانية وعربية مدافعا بصلابة عن عروبة لبنان ومقاومته وسيادته واستقلاله ، وداعما حقيقيا لشعب فلسطين وقضيته وحقوقه الوطنية وفي مقدمتها حق العودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
ان انجازات الرئيس الراحل إن دلت على شيء فإنما تدل على حرصه على السيادة اللبنانية وإستقلالية القرارـ وهناك الكثير الكثير من المآثر في تاريخ هذا الزعيم الوطني الكبير والتي يلزمها مجلدات لتدوينها، وبعضها على غرار هذا الموقف البطولي المشرف يوم تعرض نجله فيصل قبل أشهر لإعتداء مسلح في طرابلس كاد يودي بحياته، فإذ بالوالد يعض على الجرح ويرفض إتهام أحد وجل همه سلامة مدينته وأبنائها.
الراحل الكبير هو ابن ارث وطني واستقلالي وعروبي عريق غرف منه وأعطاه ، فبقي أمينا لوطنية عبد الحميد كرامي واستقلاليته ووفيا لعروبة الرئيس الشهيد رشيد كرامي ووحدويته اللبنانية والعربية ، كما بقي حارسا لثوابت مدينته طرابلس ، عاصمة الشمال ومدينة الأولياء والشهداء ، وحافظا لدورها كواحدة من أبرز ثغور الامة في الدفاع عن هويتها ووجودها .
يودع لبنان رجل من اخلص الرجال إذا كانت الوطنية تقاس بحسابات النضال ، رجل بشهادة خصومه السياسيين أنه أفني جل عمره حبا في هذا الوطن و تمسكا بمبادئه التي لم يحيد عنها قيد أنملة ، رجل مبادئ في كل ما يطرحه ويطرح عليه ، ولا يتردد في كلمة الحق ولا يعرف أنه ساوم علي مبدأ لذلك كان صادقا إذا تحدث، ونحن على يقين بان حامل امانة الرئيس الراحل الوزير الاستاذ فيصل كرامي قادر على متابعة المسيرة الذي سلكها والده الرئيس الراحل مهما كانت الظروف.
رحم الله دولة الرئيس عمر كرامي بقدر ما أعطي هذا الوطن من عمره و بقدر ما ناضل لعزة هذا الشعب ،عرفته الطبقات المسحوقة أنه مبدئي لا يتنازل أو يساوم و يندر أن تجود الساحة السياسية بمثل نقاء و طاهرة هذا الرجل .
حتاما لا بد من القول ان الرئيس الراحل افنى سنوات عمره المديد في بيت مفتوح لكل الناس، كما في حضور دائم في كل بيوت الناس، فانغرست جذوره في ارض ناسه، وارتفعت هامته في سماء وطنه ، وأن الساحة السياسية ستفتقد الراحل ومواقفه الشجاعة ، رحمه لله.
كاتب سياسي