غادرنا العام 2014 غير مأسوف عليه لما تركه من آلام وأحزان اختزنت بها ساحات وشوارع وأقبية الديار العربية من محيطها إلى خليجها مع استمرار «الربيع العربي».
في كل لحظة زمنية من عمر الصراع العربي الصهيوني وقبله كنا وما زلنا نأمل ألا يمتد الحريق إلى باقي ساحات الوطن الكبير. غير أن شذاذ آفاق كثراً أبوا إلا أن يكتوي العرب بمزيد من نار حقدهم لا لشيء إلا لأن مصالحهم الاستعمارية والرجعية تتطلب أن يفنى أبناء قحطان وعدنان ترسيخاً للمقولة الصهيونية «العربي الجيد هو العربي الميت».
«إن كل أطراف الأمة وصل بها التعب إلى منتهاه، وعلى استعداد للتفاهم الآن» تأكيد جاء على لسان الصحفي والكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل. بمعنى أن الحوار العربي العربي ضرورة قصوى اليوم كما كان في السابق، وينبغي أن يكون كذلك في المستقبل.
نأخذ سورية نموذجاً بما عكسه «الربيع العربي» من آثار تدميرية طاولت الدولة السورية على الصعد كافة، أرادتها أجندات خارجية ونفذتها ولا تزال أدوات داخلية وخارجية رخيصة من خلال ممارسات إرهابية لا تبقي ولا تذر.
يحمل شريط الذكريات في سورية للعام 2014 صوراً بشعة للإرهاب وللتهديد يقابلها صور ناصعة للمقاومة وللصمود، على حين يبدو أن المجتمع الدولي لا يملك إستراتيجية واضحة وصلبة وثابتة يسير على نهجها ويتعامل من خلالها مع مخاطر وباء الإرهاب على الرغم من صدور القرار رقم 2170 الصادر عن مجلس الأمن لمكافحة إرهاب تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».
إن القضاء على الإرهاب في سورية، يبدأ من تشخيص السبب الذي أدى إلى انتشاره، وهذا السبب يتمثل في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية ومعهما السواد الأعظم من الغرب ورسميات الوطن العربي، فعندما يضع العالم حداً لجرائم هؤلاء وتآمرهم على الأمة العربية ومقاومتها، يتوقف الإرهاب الذي دمر سورية مثلما دمر فلسطين والعراق وليبيا ويحاول في لبنان ومصر والجزائر وتونس والسودان وغيرها.
على العرب ألا يديروا ظهورهم لسورية مثلما أداروها لفلسطين ولبنان والعراق وليبيا. ففي سورية يراد للإرهاب أن يستمر ليستكمل حربه التدميرية على الأمة العربية، ولهذا أكد الرئيس بشار الأسد، في أكثر من مناسبة، تصميم الشعب السوري على استئصال الإرهاب والفكر المتطرف الذي يهدد شعوب المنطقة والعالم، بالتوازي مع استمرار المصالحات الوطنية وتعزيزها في البلاد.
وفي فهم عميق لما يجري في سورية والمنطقة والدور المهم للبلاد في دمشقة الأمة، أشار محمد حسنين هيكل إلى أنه (لو سقط «النظام السوري»، لدخل «داعش» إلى كل منطقة في سورية، ولسقط لبنان والأردن)، لا بل يمكن التأكيد أن كل الوطن العربي وما جاوره سيسقط حتماً.
أن يأتي الحل متأخراً خير من ألا يأتي نهائياً، وربما بعد نحو أربع سنوات من عمر الأزمة السورية، بات الكثيرون مقتنعين بأن الحل السياسي هو الخيار الأمثل، وإلا فإن نار الإرهاب سوف تطول الجميع القريب والبعيد ولا يمكن إطفاؤها على مدى سنوات طويلة وربما عقود
والحل بيد السوريين أنفسهم من خلال حوار صريح وشفاف يحفظ وحدة وسيادة واستقرار سورية بتعاضد مباشر من إخوتهم العرب وبمساعدة مشرفة من روسيا وإيران وأصحاب الضمائر الحية في العالم، ولن يكون الحل بيد الولايات المتحدة أو مجلس الأمن أو الأمم المتحدة حتى ولو طال زمن الحرب عشرات السنين، ولنا في القضية الفلسطينية وبعدها في قضايا لبنان والعراق وليبيا والسودان خير دليل على عجز المنظمة الدولية عن حل القضايا الكبرى.
نعيم إبراهيم