تتردد كثيرا كلمة الشرعية ، ويتم استغلالها بغير مفهومها ومضمونها ، حيث أصبحت تستخدم كغطاء للديكتاتورية والاستزلام ، فتاهت المعاني الحقيقية للشرعية وانقلبت المفاهيم لدي الكثيرين ممن يتشدقون بالكلمة ليستمدوا منها تنفيذ قراراتهم الظالمة والاستقواء علي الشعب مصدر السلطات ، وممارسة أبشع أنواع الديكتاتورية تحت غطاء مسمي الشرعية ،
الشرعية لها اتجاهات معروفة ومعرفة ومتفق عليها وهي :-
* اتجاه قانوني : يُعرِّف الشرعية بأنها "سيادة القانون"، أي خضوع السلطات العامة للقانون والالتزام بحدوده ، ويمتد القانون ليشمل القواعد القانونية المدونة (الدستور) وغير المدونة )العُرف) ويقصد بالعُرف : مجموعة القواعد التي درجت عليها الجماعة فترة طويلة بلغت حد التواتر مع شعورهم بإلزام هذه القواعد .
* اتجاه ديني (القانون الإلهي( : ويُعرِّف الشرعية بأنها "تنفيذ أحكام الدين (القانون الإلهي ( وجوهره أن النظام الشرعي هو ذلك النظام الذي يعمل على تطبيق ويلتزم بقواعد الدين )القانون الإلهي) ، ويجب فهم الدين بمعنى الحقيقة المُنزلة . ويضم هذا الاتجاه معظم علماء الدين في العصور القديمة والحديثة .
* اتجاه اجتماعي – سياسي : حيث تُعرَّف الشرعية بأنها " تقبُّل غالبية أفراد المجتمع للنظام السياسي وخضوعهم له طواعية ، لاعتقادهم بأنه يسعى لتحقيق أهداف الجماعة ، ويعبر عن قيمها وتوقعاتها ، ويتفق مع تصورها عن السلطة وممارساتها " .
والشرعية تتمثل في :-
- الشرعية الثورية : وهي اكبر وأعظم الشرعيات ، فهي تُكتسب من دم الشهداء والمقاومة وقد كفلت كل المواثيق والأعراف الدولية هذا الحق للشعوب المحتلة ، ولكن تم إسقاط هذه الشرعية في زمن التنسيق الأمني المقدس لدي البعض ، فصودرت بندقية الثورة وتم ملاحقة الثائرين واضطهادهم واعتقالهم ،
- الشرعية الشعبية : وهي ممارسة الديمقراطية والاحتكام إلي صندوق الاقتراع " الانتخابات " والالتزام بما يفرزه الصندوق ، وإعطاء الأغلبية الحق بممارسة الحكم من منطلق شرعية الانتخاب بالأغلبية الشعبية ، وهي عقد اجتماعي بين المواطن " الناخب " وبين المنتخب يتم تحديد مدته الزمنية وينتهي بانتهاء هذه المدة ، ولكن تم تجاوز هذا الحق ولم يتم الالتزام به وتم حرمان الشعب من ممارسة حقه بالانتخاب بتجاوز المدة دون الرجوع والاحتكام للصندوق ليتمكن الشعب من تجديد خياراته ومنح الشرعية لمن يريده ممثلا له ،
الشرعية التنظيمية : وهي الديمقراطية التنظيمية وتتمثل باختيار أعضاء القيادة من قبل القواعد التنظيمية من خلال مؤتمراتها ، لتمارس القيادة دورها المنوط بها وتنفيذ برنامج التنظيم وفق مقررات المؤتمر العام ، والالتزام بالمدة القانونية للفترة الزمنية ومن ثم العودة لانعقاد المؤتمرات وإجراء انتخابات جديدة ، لتجديد الشرعيات وضخ دماء جديدة للتنظيم ، وتدافع الأجيال ،
فمن يتحدثون كثيرا عن الشرعية ويستغلونها سيفا مسلط لشق صفوف التنظيم ، نقول لهم ، أن الاحتكام للنظام والقانون والالتزام به هو أصل كل الشرعيات ،
وهنا نتطرق إلي قضية شغلت الرأي الفلسطيني ،
فالمؤتمر السادس لحركة فتح التي يمنح الشرعية التنظيمية ، هو من انتخب الرئيس محمود عباس للجنة المركزية للحركة ومن ثم رئيسا لحركة فتح ، وهو نفس المؤتمر التي انتخب النائب محمد دحلان عضوا في اللجنة المركزية للحركة ، فالشرعية التنظيمية واحدة ولا انتقاء حسب المزاج والمصالح ،
والشعب الفلسطيني التي يمنح الشرعية الشعبية ، هو من اختار السيد الرئيس محمود عباس رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية ، هو أيضا من اختار القيادي محمد دحلان نائبا في المجلس التشريعي ، فالشرعية الشعبية واحدة ولا يجوز التجزئة والانتقاء حسب أهواء ومصالح خاصة ،
وفي حال الخلافات يتم العودة والاحتكام للنظام والقانون لا إلي المزاجيات والمصالح ،
- يقول ابن خلدون : يقوم الملك على العصبية والدين ، هذه هي الشرعية عند ابن خلدون ، مثل إيران ، والسعودية تجمع بين العصبية والدين ،
- الثورة في البداية تكون تمرد ، خروج على النظام والشرعية ، وعندما تنتصر تصبح هي الشرعية ، في العالم الثالث يعتبرون الخروج على نظام الحكم خروج على الدولة ، ويعتبرون المعارضة خروج على الوطن ،
والله الموفق والمستعان